شذرات الضوء المتكسرة

اجنادين نيوز / ANN

ياسمين شكري الخيام….. قصة قصيرة

نافذة زجاجية انكسرت بفعل شيء غير مرئي، ربما صرخة بعيدة أو مجرد ضغط هواء قاسٍ. انعكاس باهت لمدينة تتلاشى في ضبابٍ لا يعرف نهاية. لم يكن هناك صوتٌ واضح، فقط تداخلٌ خفيٌ لضجيجٍ مدفون تحت طبقاتٍ من الصمت. شذرات ضوءٍ تتراقص على حافة العدم، كالنجوم الميتة التي ما زالت أرواحها تضيء الفراغ.
يدٌ امتدت ببطء، من خلف حجابٍ من الرماد، لم تلمس شيئًا سوى الهواء البارد الذي يحمل معه رائحة المجهول. زمنٌ انكمش فجأة في لحظةٍ خاطفة، كأن الكون قد حبس أنفاسه، ثم تمدد بلا نهاية، تاركًا كل شيء معلقًا في فراغٍ لا يحده شيء. كانت الذاكرة ثقبًا أسود، يبتلع الألوان الزاهية والوجوه المألوفة، محوًا كل أثرٍ للماضي.
إيقاع قلب سريع، كطبلة مهزوزة في احتفال صامتٍ لا يشبه أي احتفال. نبضاتٌ متلاحقة، تعلن عن وجودٍ هشٍّ يتلاشى. لا وجه يمكن تمييزه في تلك الشذرات، ولا اسم يمكن تذكره. فقط إحساسٌ غريبٌ بالاختفاء، كرمالٍ تذروها الريح العاتية في صحراء شاسعة بلا أفق.
فجأة، لمحة من لونٍ ما، ربما كان أزرقًا عميقًا، أو أحمرًا قانئًا، تومض ثم تتلاشى قبل أن تُدركها العين. همسةٌ خافتة، كأنها صوتٌ قادمٌ من عالمٍ آخر، تتسلل عبر الحطام، ثم تضيع في اللاوجود. كان هناك إحساسٌ بالبرودة، ثم بالحرارة، تتقلبان بلا تفسير. ظلالٌ تمر بسرعة، كأشباحٍ لا تنتمي إلى هذا الواقع.
ثم، السكون. فراغٌ يبتلع ما تبقى من صدى، ويزيد من عتمة المشهد. كل شيء أصبح جزءًا من صمتٍ أبدي، لا بداية له ولا نهاية. فقط الشذرات، تلك الشذرات المتكسرة، تطفو في محيطٍ من النسيان.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى