“دائرة الاماني”

اجنادين نيوز / ANN
ياسمين شكري الخيام
في كل الاوقات تتحرك المحفزات للشعور شوقا بلقاء الاحبة، أو من فارقونا على مر الزمن، وليس هناك من وقت محدد لتلك المشاعر، بين انسام الصباح الهادئة، وجمال السماء الزرقاء الصافية،
وفي سكون الليل وهدوئه، ولمعان النجوم، وما يحمله الليل في تلك العتمة الجميلة التي نرى من خلالها بريق الانجم،
تشتعل الاشواق وتتعالى نبضات القلب وتسمع دقاته، ترتخي الجفون لتغمض العيون لوهلة، ويذهب الخيال بعيدا الى مناظر ومشاهد غريبة وجديدة وربما غير مالوفة، وما يحاول ان يصنع الخيال والتفكير عبر التجوال في الماحول… كلما ضاقت عليها الدنيا بما رحبت، تتمنى لو أنها تستقل القطار متجهة الى الشمال حيث الهدوء يكون أكثر توفرا واقرب للتفسير في اجوائه الخلابة، ومناظره التي تسحر الالباب، كانت تتصور اشياءً واشياءً، وليس لها فيما تتصور من علاقة مع ما تتصوره أو تتمناه، كم كان يسعدها وهي تخلق لها حبا لكن من طراز آخر!!
حب صعب المنال! هنا تجد سعادتها، نعم تجدها في الخيال فتكون قريبة من الحب الذي طالما انتظرته وكان صعب عليها لقاءه، كم كان منظر الاشجار والكائنات المنتشرة على جانبي طريق القطار الصاعد شمالا تتراقص أمامها كلما ازدادت سرعة المسير، كانت نبضات قلبها تزداد فرحا وهي تتخذ من قربها من النافذة مكاناً تستقر فيه، من كانت تشعر بدفء المشاعر وتلتمس الحنان، من تلك الموجودات المتتالية على الطريق، كأن احدا أمسك بيدها وأخذها بعيدا لمكان جميل كانت منذ قليل تتمناه وتتخيله، لكن موجودات الطريق لا تسمح لها بدقة التركيز… يتشتت بالها وتتوزع أفكارها فيضيع منها سحر السفر، وجماله، وكم فكرت لو انها استطاعت أن تجعل نفسها مستقرة في كرسيها وتمر الموجودات عليها وهي مازالت مغمضة عينيها لتصور ما تشاء وما تريد، وتخزنه في الذاكرة لاستخدامه فيما بعد ربما، وتجعل من تلك الموجودات متحركة وهي ساكنة في اماكانها، لتختار ما تريد دون قيود أو مؤثرات صاخبة كانت تزعجها احيانا على الطريق… ماذا لو تصورت نفسها وهي في سريرها الان، أنها في القطار وهي في طريقها المعتاد نحو الشمال المريح المليء بالهدوء؟!
اغمضت عيناها، وعم الصمت، وتكلمت العيون قبل الالسن وقالت كلاما لم يقله بليغ، تلك العيون التي كانت تلمع من شدة فرحها ،استفاقت من خيالها ومن حلمها الجميل وهي بقمة سرورها ،،
نعم قد لايملك الانسان اسباب السعادة، لكن من حقه ان يحلم بها، فقليل من الخيال يعطي للواقع بعضا من الدفء، ويقينا بأنها ذات يوم ستلتقي بمن رسمت له صورة جميلة على اسوار القمر، لتناجيه:
– في ليلة لاشي فيها جميل سواك، ايها الحلم الذي راودني أكثر من مرة،
ليس سهلا انك تتحول الى حقيقة، انا اعرف بل وادرك انه من الصعب ذلك، لكنه الامل، فانا لولاه لما كنت اناجيك الان..
متى تأتيني فأسعج بك، أو أخبرني كي ارحل اليك،
يا طول انتطاري، وسهد ايامي، سالتقيك على راحة المدى، وبساط الامنيات،
وهو وان لم يكن قد كان، فلربما قد يكون…
هذا دعاء وامنيات علها يوما تجيء، ويجيء معها ما تتمناه كل روح فقدت روحا عزيزا طيبا يوما ما…