قصة قصيرة رقم 24

اجنادين نيوز / ANN

قصة قصيرة رقم 24

كانت ليلى تستعد للاحتفال بعيد ميلادها الأربعين، وتتأمل السنوات التي مرت كأنها شريط سينمائي سريع. في كل محطة مهمة من حياتها، كان الرقم 24 يظهر بطريقة غريبة.
في عامها الرابع والعشرين، حصلت على وظيفتها الأولى كمعلمة، وبدأت حياة الاستقلال. تزوجت في سن الثلاثين، لكن زوجها كان يسكن الشقة رقم 24 في المبنى المقابل لمنزل أهلها. حتى عندما قررت أن تفتتح مقهاها الخاص، كان تاريخ افتتاح المحل هو 24 أبريل.
لم تكن ليلى تولي اهتمامًا كبيرًا لهذه المصادفات في البداية، فالحياة مليئة بالأرقام، وهذا مجرد رقم. لكن مع اقتراب الأربعين، بدأت هذه المصادفات تتراكم وتثير فضولها. تذكرت أن أول رسمة معلقة على جدار غرفتها في الطفولة كانت تحمل توقيعًا بتاريخ 24. بل إن كتابها المفضل في الجامعة، والذي غير نظرتها للحياة، كان يتألف من 24 فصلاً.
في ليلة عيد ميلادها الأربعين، كانت ليلى جالسة في مقهاها الهادئ، تتصفح دفتر يومياتها القديم. فجأة، وقع نظرها على ملاحظة كتبتها وهي في ريعان شبابها: “أحلم بتحقيق كل طموحاتي بحلول عامي الـ 24”. ابتسمت ليلى، وتذكرت تلك الأيام التي كانت فيها الأحلام وردية وبسيطة. ثم أكملت القراءة: “أو ربما، عندما أصل إلى سن الأربعين، سأكون قد بنيت كل ما أطمح إليه على أسس قوية بدأت في العام الـ 24 من عمري.”
أدركت ليلى أن الرقم 24 لم يكن مجرد صدفة. لم يكن يعني تحقيق كل شيء في تلك السن المبكرة، بل كان يرمز إلى نقطة البداية، الشرارة الأولى لكل ما بنته في حياتها. كان هو العمر الذي بدأت فيه خطواتها الأولى نحو الاستقلال والنجاح، وبناء الأسس التي قامت عليها حياتها الحالية. كل إنجاز، كل قرار مصيري، كان له جذوره في تلك الفترة العمرية.
نهضت ليلى من مقعدها، وابتسامة رضا تشع من وجهها. لم يكن الرقم 24 مجرد عدد يطاردها، بل كان رمزاً للإمكانات والفرص التي بدأت تتفتح في حياتها منذ ذلك الحين. أدركت أن الأربعين ليست نهاية الطريق، بل هي استمرار لرحلة بدأت أسسها منذ زمن طويل، وأن كل ما تحقق في حياتها كان نتيجة لتلك البدايات في العام الـ 24.

ياسمين شكري الخيام

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى