ظل الشجرة العتيقة

اجنادين نيوز / ANN
ياسمين شكري الخيام
كانت تجلس وحيدة تحت ظل الشجرة العتيقة في طرف الحديقة. جذعها الضخم المتشعب يحكي قصص سنين طويلة، وأوراقها الخضراء الداكنة تتهادى في هدوء مع نسمات المساء الخفيفة. لم تكن تتذكر متى بدأت تأتي إلى هنا، لكن هذا المكان أصبح ملاذها الهادئ، حيث تنسى صخب الحياة وهمومها.
اليوم، كان حزن خفي يلف روحها. رسالة قصيرة وصلتها في الصباح أعادت إليها ذكرى مؤلمة دفنتها في أعماق الذاكرة. شعرت بثقل في صدرها، وكأن العالم كله يتآمر على تذكيرها بما فقدت.
رفعت رأسها ونظرت إلى السماء المتلونة بألوان الغروب الدافئة. البرتقالي والأحمر والبنفسجي امتزجت في لوحة فنية ساحرة، لكن جمالها لم يستطع أن يخفف من وطأة الحزن في قلبها.
فجأة، سمعت صوتًا خافتًا بالقرب منها. التفتت فرأت عصفورًا صغيرًا يقفز بين أغصان الشجرة، يغرّد لحنًا رقيقًا. كان لحنه بسيطًا وعذبًا، لكنه اخترق حجاب الحزن حول قلبها.
راقبت العصفور وهو ينقر بمنقاره الصغير على ورقة شجر، ثم يطير بها ليضعها في عش صغير بين الأغصان. كانت حركة دؤوبة، مليئة بالإصرار والأمل.
شعرت بشيء يتغير بداخلها. هذا الكائن الصغير، بكل بساطته، يواصل حياته ويبني عشه رغم كل شيء. نظرت مرة أخرى إلى السماء، وبدت الألوان أكثر إشراقًا، والنسمات أكثر لطفًا.
لم يختفِ الحزن تمامًا، لكنه تراجع قليلًا، ليحل محله شعور خفيف بالسلام. أدركت أن الحياة تستمر، وأن الجمال والأمل موجودان دائمًا، حتى في أحلك اللحظات، تمامًا كظل الشجرة العتيقة الذي يمنحها السكون والراحة.
نهضت ببطء، وشعرت بخفة في خطواتها. نظرت إلى الشجرة نظرة وداع صامتة، ووعدت نفسها بالعودة غدًا. ففي هذا المكان، تحت ظل الشجرة العتيقة، كانت تجد دائمًا شيئًا يذكرها بقوة الحياة وجمالها الخفي.
ياسمين شكري الخيام