الصين وفرنسا… تعميق الشراكة الاستراتيجية الشاملة وحفظ السلام في أوكرانيا

اجنادين نيوز / ANN

بقلم  الصحفية والكاتبة الصينية وانغ مويي

يزور الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الصين من 5 إلى 7 إبريل الجاري بناء على دعوة من نظيره الصيني الرئيس شي جين بينغ الذي التقاه على هامش قمة مجموعة العشرين في بالي بأندونيسيا في شهر نوفمبر الماضي، وأعرب الرئيسان عن رغبتهما في تعميق التعاون وتعزيز التبادلات بين البلدين لدفع العلاقات الثنائية نحو التقدم، وهذه الزيارة هي الثالثة للرئيس ماكرون إلى الصين والأولى في فترة ولايته الثانية.
أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الصين وفرنسا في 27 يناير من عام 1964 بمبادرة من الرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول، لتكون فرنسا أول دولة غربية تنشئ علاقات دبلوماسية مع الصين، وفي عام 1973 زار الرئيس الفرنسي السابق جورج بومبيدو الصين ليكون أول رئيس فرنسي وأول قائد غربي يزور الصين. وفي يناير عام 2004 زار الرئيس الصيني السابق هو جين تاو فرنسا وتم رفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة وهي أول دولة أوروبية تقيم علاقات شراكة استراتيجية شاملة مع الصين.
ولفرنسا مكانة كبيرة لدى الصينيين، ففي بداية القرن العشرين ذهب الكثير من الطلاب الصينيين إلى فرنسا للدراسة واستكشاف السبل لتحقيق نهضة الصين، ومن بينهم شو إن لاي رئيس مجلس الدولة الصيني السابق ودينغ شياو بينغ مهندس سياسة الاصلاح والانفتاح.
تأتي زيارة الرئيس ماكرون إلى الصين في وقت يشهد فيه العالم تغيرات دولية عميقة وارتفاع وتيرة الأزمة الأوكرانية والتعافي الاقتصادي العالمي بعد وباء كورونا المستجدّ. وعن أهمية الزيارة قال السفير الصيني لدى فرنسا لو شا يى ان البلدين يتعاونان بشكل وثيق في مختلف المجالات ويستجيبان بشكل مشترك للأزمات العالمية مما يضخ زخماً جديداً في تطوير الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين وفرنسا والصين والاتحاد الأوروبي في العصر الجديد.
تكتسب زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون أهمية كبيرة إذ أنه سيناقش مع نظيره الصيني العلاقات الثنائية بين البلدين ومواضيع إقليمية ودولية ذات اهتمام مشترك.
فعلى صعيد العلاقات الثنائية، يرتبط كلا البلدان بعلاقات اقتصادية قوية، إذ تعتبر الصين أكبر شريك تجاري لفرنسا في آسيا وسادس أكبر شريك تجاري للصين على مستوى العالم، في حين تعتبر فرنسا ثالث أكبر شريك تجاري للصين داخل الاتحاد الأوروبي، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بينهما أكثر من 81.2 مليار دولار أميركي في عام 2022. وتتعاون الصين وفرنسا في مجالات عديدة منها التصنيع والطاقة النووية المدنية، والاتصالات والفضاء، والزراعة، والتكنولوجيا، والثقافة وغيرها. وقد ساهمت الزيارات التي قام بها رئيسا البلدين في تعميق العلاقات الثنائية. بحسب وكالة “رويترز”، في عام 2019 عندما زار الرئيس الفرنسي ماكرون بكين وقع الجانبان عقوداً بقيمة 15 مليار دولار وتم إبرام صفقات في مجال الطيران، والطاقة ، والزراعة، بما في ذلك الموافقة على تصدير 20 شركة فرنسية للدواجن ولحوم البقر إلى الصين. وفي أثناء زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى باريس في مارس 2019 تم توقيع 15 اتفاقية تجارية بقيمة 40 مليار يورو بما في ذلك صفقة شراء الصين لحوالي 300 طائرة ايرباص. ومن المتوقع أن يتم خلال زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون الحالية إلى الصين توقيع المزيد من الاتفاقيات في مجالات مختلفة لاسيما الطاقة والفضاء والزراعة والثقافة وزيادة الاستثمارات الصينية في فرنسا والاستثمارات الفرنسية في الصين.
أما على الصعيد الثقافي، فتتطور وتتعمق التبادلات الثقافية بين الصين وفرنسا، ويعد عام الثقافة الصيني-الفرنسي، الذي بدأ في أكتوبر 2003، حدثًا رائدًا للتبادلات الثقافية بين الصين وفرنسا. ووقعت حكومتا البلدان على العديد من الاتفاقيات لتعزيز التبادلات الشعبية والثقافية فعلى سبيل المثال وقعت اتفاقية بشأن إقامة مراكز ثقافية في فرنسا والصين، حيث تم إنشاء المركز الثقافي الصيني في باريس في 29 نوفمبر من العام 2002، وهو أول مركز ثقافي أقامته الصين في دولة أوروبية، وكان المركز الثقافي الفرنسي، الذي افتتح في بكين في أكتوبر عام 2004، أول مركز ثقافي أجنبي في الصين. وتعد فرنسا من أوائل الدول التي أنشأت معاهد كونفوشيوس، ففي 31 يوليو عام 2005، تم تأسيس معهد كونفوشيوس في جامعة بواتييه الفرنسية، وهو أول معهد كونفوشيوس في فرنسا وثاني معهد أنشئ في أوروبا بعد ألمانيا، وحالياً يوجد حوالي 20 معهداً لكونفوشيوس وفصلا لكونفوشيوس في فرنسا.
وفيما يتعلق بالسياحة، قبل الوباء فكان يزور فرنسا كل عام حولي مليوني سائح صيني، مما يساهم في دعم قطاع السياحة في فرنسا بشكل إيجابي. وتكون المدن الفرنسية مثل باريس، مارسيليا، ليون، نيس، ستراسبوغ، فرساي وجهات مفضلة لدى السياح الصينيين.
ومن المواضيع الهامة التي سيناقشها الرئيس الفرنسي مع نظيره الصيني وثيقة السلام الصينية لحل الصراع في أوكرانيا ، الذي أثر سلباً على الاقتصاد العالمي والاقتصاد الأوروبي بشكل خاص، لاسيما ان بكين طرف لا يمكن تجاوزه لايجاد حل سلمي للأزمة الروسية الأوكرانية . وبكين تعلن دائماً أنها مستعدة للعمل مع المجتمع الدولي لايجاد حل سلمي وإنهاء الصراع في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن.
تتفق الصين وفرنسا على اتباع سياسة خارجية مستقلة، ودعم التعددية القطبية، ورفض مواجهات التكتلات، وتقوم العلاقات بينهما على أساس الاحترام والثقة المتبادلة. ومما لا شك فيه أن زيارة الرئيس ماكرون إلى الصين ستعزز التعاون الاستراتيجي وستدفع الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين إلى آفاق جديدة.

 

زر الذهاب إلى الأعلى