السلام … انتصار لشعب غزة وهزيمة لأدوات الحرب

اجنادين نيوز / ANN
باسم فضل الشعبي
نحن ضد الحروب كنا وما زلنا وسنكون في المستقبل، والحروب التي تفجرها وتقودها قوى الشر لا تنتج إلا المآسي والآلام والأحقاد المستمرة. لذا نحن – من حيث المبدأ – ندعم خطة الرئيس الأمريكي ترامب لوقف الحرب في غزة وتحقيق السلام، مع وجود عدد من الملاحظات على هذه الخطة التي نتمنى أن يتم مراجعتها وحسمها لتشكل ضمانة للنجاح، وألا تصبح موضع خلاف يؤدي إلى فشل هذه الجهود الإنسانية والدولية لإحلال السلام في المنطقة.
لا أريد العودة للخلف وتذكر ما حدث يوم 7 أكتوبر، لا أقول مثلًا إن حماس تسرعت أو أنها تعرضت لخدعة أو تم توريطها، أو أن اختراقًا استخباراتيًا حدث دفعها لشن هجوم على إسرائيل بوسائل متواضعة وبدائية. كنا نتمنى يومها أن يسفر ذلك عن تقويض الكيان، لكن ما حدث كان العكس، رغم الأثر المتواضع الذي أحدثه هجوم فصائل المقاومة والنشوة التي اجتاحت الشارع العربي، لكنها سرعان ما تحولت إلى ألم ومرارة قياسًا بحجم الدمار والقتل الذي أحدثته الآلة الصهيونية البغيضة.
لم نكن نسعى يومها لتثبيط فصائل المقاومة، وإنما قدمنا لها الدعم الإعلامي والسياسي للاستمرار في صد الهجوم الإسرائيلي. وفي كل الاتجاهات كان لا بد من العمل لوقف الحرب وإنقاذ الأبرياء من القتل وغزة من الدمار، لكن كانت هناك أدوات إعلامية وسياسية ضخمة، تتوفر على إمكانات كبيرة، تعمل على دعم استمرار الحرب وتدمير غزة وقتل شعبها وتهجيره، وخلق أعظم مأساة إنسانية عالمية في التاريخ خدمةً لدوائر ومنظمات خارجية تسعى لدعم التمدد الصهيوني أملًا في تغيير وجه المنطقة.
مرة أخرى، لا أريد القول إن حماس تورطت إما بعفوية أو بتنسيق مع إسرائيل، أو أن حماس – باعتبارها من جماعة الإخوان المسلمين – تعمل بتناغم مع الصهيونية لتحقيق مخططات الدولة العميقة الماسونية في الغرب في فلسطين والمنطقة. وإنما سوف نحسن الظن في حماس ونقول إنها حركة مقاومة وطنية ربما تسرعت أو لم تُحسن تقدير مدى تأثير ما قامت به يوم 7 أكتوبر على إسرائيل. رغم أني قبل أيام من هذا التاريخ صحوت مفزوعًا من النوم، وقد رأيت في المنام تمامًا ما حدث يوم 7 أكتوبر: الهجوم بالطائرات الشراعية وغيرها على المستوطنات الصهيونية. وكنت أسمع صوتًا يتردد من حولي أن هذا الهجوم سوف يخلف مأساة كبيرة داخل غزة، وكنت أتمنى لو أننا تمكنا يومها من منعه وإيقافه، ولكن في اليوم التالي أو الذي بعده حدث الهجوم وشاهدته من التلفاز وكأني أشاهد صورًا ومشاهد مكررة لما شاهدته في المنام المذكور.
ليس هنا المقام مناسبًا للجدل، وإنما المطلوب الآن إيقاف الحرب بكل الطرق والوسائل، ونعتبر ما حدث درسًا للجميع، أن إنقاذ شعب غزة هو الأهم الآن، وعلى المقاومة أن تقدم تنازلات من أجل غزة وشعب غزة، وألا ترهن مصالحها الضيقة في المشاركة بالسلطة أو غيرها، فتحوّلها إلى عقبة أمام إنجاح خطة السلام وإيقاف الحرب. غزة وفلسطين مقدمة على مصالح جماعة الإخوان ومصالح حماس وغيرها، هذا ما ينبغي أن يفهمه المفاوض الفلسطيني وأيضًا الشعب في غزة وفلسطين والرأي العام العربي والإسلامي.
لقد تخلت جماعة الإخوان والأحزاب المرتبطة بها عن غزة وحماس وتركتهما يواجهان المصير المؤلم، وتفرغ بعضها لجمع التبرعات من أجل غزة، كما هو ديدنها في استثمار مآسي الشعوب. ومن ضمنها جماعة إخوان اليمن التي كانت جزءًا من المخطط والمأساة بطرق ووسائل مختلفة ربما يجهلها البعض، لكن سيأتي الحديث عنها يومًا ما.
آمل أن يكون الرئيس ترامب أكثر مرونة حتى يتم بلورة الخطة بحيث لا يكون هناك ضرر أو ضرار في المستقبل. وفي الواقع هناك تحولات سوف تحدث في قادم الأيام ستغير الكثير من الأمور والأحداث، وسيكون ذلك في صالح غزة وفلسطين بكل تأكيد. وقد ما نراه اليوم مرغمين على القبول به لتجنب السيناريو الأسوأ، سوف يكون غدًا منطلق تحول لصالح القضية الفلسطينية والدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ولصالح الأمة كلها.
ويوم 7 أكتوبر، رغم ما أنتجه من مأساة مرتدة في غزة، إلا أنه سيظل الشعاع الذي مثل ويمثل فتحًا عظيمًا للأمة، بصمود شعب غزة البطل الذي أفشل المخطط الصهيوني والغربي بالتمدد في فلسطين والمنطقة.