المَملَكَة الشقيقة مَاليزيَا كُبرَى وعَظيمَة بمبادرَاتها الرحيمَة بالإنسانيَّة

اجنادين نيوز / ANN

بقلم: الأكاديمي مروان سوداح و الكاتبة المهندسة يلينا نيدوغينا

ركَّزَت وسائل إعلام عديدة في رياح العالم، على تجربة حكومية ماليزية غاية في الأهمية والإنسانية واحترام الحياة البشرية، تهدف من خلال اصطفافها إلى جانب الفقراء والمعوزين المساهمة في حملة احترام الإنسان وهِبة الحياة البشرية المقدسة، وهذه التجربة تُسمَّى “وجبة الرحمة”.. كونها مبادرة جُلَّهاَ الرحمة، ولهذا أكدت نجاحها في مساعدة محدودي الدخل والفقراء والبؤساء على مواجهة الغلاء، وفي سبيل الوقوف الحقيقي بمواجهة الفقر الذي يضرب مختلف أنحاء العالم وشعوبه دون أي استثناء، ولمحاصرته والحد منه، في مسعى نبيل لإدخال البَسمّة إلى وجوه أفراد فئة اجتماعية قلمَا يبتسم أصحابها، عِلماً بأن جدول أسعار وجبات الطعام في وقت واحد ضئيل هو (1.2 دولاراً)، ولهذا، تتقدم ماليزيا الشقيقة على دول “آسيان” في ضبط الأسعار، سواءً من خلال تحديد سقف أعلى، أو للدعم الحكومي للسلع الأساسية، ذلك أن الحكومة الماليزية تتابع بدقة حركة السوق، وتعمل ما وسعها الجهد للحد من رفع الأسعار، لأجل توفير حياة طبيعية وآمنة لمواطنيها، مِمَّن يُعَانون من هذه الآفة العالمية التي تضرب كل جهات المَعمُورة دون استثناء، والتي تُسَمَّى “ارتفاع الأسعاراليومي والجنوني”.
“الجزيرة نت” بادرت مشكورة بالإعلان عن هذه التجربة الماليزية – الوطنية – التقدمية، كونها كما أكَّدت توفِّر كل يوم للفقير وأسرته مبلغاً مهماً، وكذا الأمر لقطاعات شعبية محددة، إضافة إلى أن هذه الوجبة تتضمن البروتين والأرز والخضار، أي أن هذه المبادرة تعمل بكل شجاعة واخلاص لأجل الإنسان ومصالحه، وللحفاظ الإيجابي على وضعه الصحي، وفي مقدمة ذلك مبدأ الإبقاء على المواطن وأسرته أحياءاً ومخلصين بالتالي للوحدة الوطنية التي يتمتعون بها، في تكاتف الوطن والشعب سوياً في كل المُلِّمَات والشدائد، وهذا الأمر بحد ذاته يؤكد الإخلاص العميق للإنسان الذي تتمتع به حكومة ماليزيا وقادتها، بل وشعبها بأكمله، فهو يُسَاهِم حقاً في نشر البَسمَة على وجوه أبناء الدولة، جاعلاً منها بلداً متميزاً حقاً بين الدول والأمم قاطبةً، ذلك أن العديد من الأنظمة التي تحكم بلدانها قلَّما تُدرك أهمية مثل هذه المبادرة وضروراتها، ولزوم تطويرها حفاظاً على حياة مواطنيها وانتمائهم لوطنهم، ما يجعل ماليزيا دولة الإنسان والإنسانية، والرحمة التي ننهل منها ونغرف كل جديد يصب في صالح البشر، والمتجدِّد في ماليزيا بفضل تمتعها بعقول متطورة لدى مواطنيها البسطاء والأذكياء، إذ إنهم متمسكين بالأُخوَّة وأُس الإنسانية، ومُستَمسِكِين بالحِكمة وتعاليم السماء.
ما يجري في ماليزيا الحبيبة لفت انتباهي بقوة، وشدَّني من جديد إليها، بعدما كنت زرتها سابقاً بدعوات رسمية من حكومتها الشقيقة وسفارتها الموقرة والنابهة في الأردن، وتساءلت بيني وبين نفسي: لماذا لا نرى تطبيقات مثيلة لهذه المبادرات الماليزية الراقية في بلداننا العربية؟ وفي غالبية الدول الأخرى؟ التي بعضها يُشيع تمسكه بالانسانية ومصالح البشر، لكن بكلمات رنانة وطنانة دون ترجمة أي فعلٍ من لدنها على الأرض يَتَّسم بالرحمة للإنسان الفقير والمريض والمُشرَّد الهائم على وجهه في هذه الكرة الأرضية الواسعة.
الأنباء التي نقلتها “الجزيرة نت” وغيرها من المصادر الكثيرة، تتحدث بإعجاب عن هذه المبادرة الماليزية التي لا مثيل لها في الكون. ففي المصادر الإعلامية فإنه ووفقاً لمراجع الوزارة الماليزية للتجارة المحلية وضبط الأسعار، فإن المبادرة التي أطلقها الوزير صلاح الدين أيوب بداية فبراير/ شباط 2023، لا تتضمن دعماً حكومياً، إذ يَقتصر دور الحكومة على رقابة الجودة، وجاء ذلك بعد لقاء الوزير بممثلين عن مجتمع رجال الأعمال المحليين، وطال النقاش في مسألة سُبُل مواجهة تضخم السلع الغذائية، دون اللجوء إلى الدعم الحكومي المباشر.
يُشار، وفقاً للموقع الشهير “المُخبر نيوز”، إلى أن “وجبة الرحمة” هذه تستهدف عدداً غير قليل من سكان ماليزيا البالغ عددهم نحو 33 مليون نسمة، وهذا العدد يُشكِّل طبقة هي الأقل حظاً اقتصادياً، ويُطلق عليها في التصنيف الاقتصادي الماليزي تسمية “القاعدة (B40)”، تليها الطبقة الوسطى (40M)، ثم الطبقة الغنية (20E)، بينما يَرى أمير مايدين – مالك إحدى أكبر شركات بيع التجزئة في ماليزيا – كما نقلت عنه “المُخبر نيوز”، بأن “وجبة الرحمة” “أثبتت جدواها بالنسبة للتجار، والزبائن على حد سواء، بل زادت من عائدات تُجَّار التجزئة من عدة أوجه”.
ويُذكر، أن الجدوى الاقتصادية للوجبة الغذائية التي نحن بصددها، إيجابية للغاية، فهي تعمل على زيادة الأرباح والحِراك التجاري في السوق الماليزية من خلال توفير وجبة غذاء بـ5 رينغيت فقط، ومن أبرز الإيجابيات الأخرى لهذه الوجبة الغذائية: “قدرتها على تحريك السوق”، ذلك أن الربح في “وجبة الرحمة” لا يقل عن 25%، لكن الأهم هو أن الوجبة تتضمن لمسة إنسانية عميقة المعاني، أولها مساعدة الفقراء والمحتاجين، وفيها يَكسب مجتمع الأعمال مالاً مقابل تقديم خدمة للمجتمع.
تحية لماليزيا العزيزة والحبيبة التي تعمل بكل قواها ومبادراتها الوازنة لأجل شعبها الواعي والذكي والمُهذَّب، وفي سبيل خدمة الشرائح الإجتماعية الأقل حظاً، وصوب ديمومة المجتمع الماليزي المتطور والذي يُضرب به المَثل في كل مجال، كأنعكاس لمكانة ماليزيا الراسخة في كل منحى، والعالية، والراقية، والمتميزة قارياً ودولياً.
انتهى.

زر الذهاب إلى الأعلى