الصين والحداثة الحقيقية الأخلاق أساس التفوق والاستدامة

اجنادين نيوز / ANN

بقلم نجيب الكمالي رئيس دائرة العلاقات العامة بالاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين اصدقاء وحلفاء الصين فرع اليمن

الحداثة ليست كلمات براقة ولا مؤسسات مرتفعة ولا تقنيات مذهلة الحداثة قبل كل شيء هي أخلاق راسخة وسلوك مدني واع وضمير جماعي يصنع الاستقرار ويضمن مواصلة النمو فحين تغيب الأخلاق تنهار المؤسسات مهما كانت قوتها وتغرق المجتمعات في الصراعات والفساد ويتحول التقدم الشكلي إلى أزمة عميقة تدمر أي مشروع تنموي حقيقي

وفي عالم يموج بالنماذج المتعثرة تبرز الصين كنموذج حضاري فريد يجمع بين الأصالة والقيم والحداثة والإبداع فالصين تعلم العالم أن التقدم الاقتصادي والتقني لا يكفي ما لم يكن محميا بأرضية أخلاقية ومسنودا بانضباط اجتماعي يحفظ وحدة المجتمع ويعزز الثقة بين الدولة والمواطن

في الصين القيم ليست شعارات بل ممارسات يومية وسياسات ثابتة توجه مسار الدولة وتجعل من مؤسساتها أدوات فعالة في خدمة المجتمع وحمايته من الفساد والانقسامات والتحلل الأخلاقي وبهذه القيم صنعت الصين حداثة صلبة وحداثة مستدامة وحداثة ذات روح إنسانية

التجربة الصينية تؤكد أن التقدم التقني بلا قيم كالشجرة بلا جذور وأن المجتمع المتماسك هو أساس التنمية المستدامة وأن الانضباط الاجتماعي ليس قيدا بل ضمانة للحرية والنجاح وأن المسؤولية الفردية تجاه المجموع تصنع بيئة خصبة للإبداع

لقد نجحت الصين في تحقيق توازن نادر بين الأصالة والابتكار فهي تحافظ على هويتها الثقافية وتفتح أبوابها للعلم والتقنية وتحقق نموا اقتصاديا متصاعدا دون أن تخسر استقرارها الاجتماعي أو قيمها الجماعية هذه المعادلة جعلت الحداثة الصينية حداثة مختلفة لأنها تضع الإنسان في المركز وترتبط بالمسؤولية الاجتماعية وتوجه التنمية لخدمة الشعب لا لخدمة رؤوس الأموال ولا المصالح الضيقة

وعندما ننظر إلى نماذج أخرى مثل التجربة الأمريكية نرى حداثة متقدمة من الخارج لكنها هشة من الداخل بسبب غياب الأساس الأخلاقي فالحرية المنفلتة دون مسؤولية تولد الانقسام وتضعف الثقة بالمؤسسات وتدفع المجتمع نحو صراع المصالح الخاصة ولهذا فإن الحداثة التي لا تقوم على القيم تظل معرضة للسقوط مهما كانت قوتها الشكلية

النموذج الصيني ليس تجربة سياسية أو اقتصادية فقط بل هو درس حضاري شامل يعلم العالم أن الحداثة الحقيقية تبدأ من الداخل من الأخلاق من الوعي الجماعي من الانضباط من الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والمجتمع ثم تمتد بعد ذلك إلى المؤسسات والتقنيات والهياكل الاقتصادية

الصين تقدم للعالم رسالة واضحة تقول إن الحضارة لا تبنى بالتقنيات وحدها بل تبنى بالقيم وإذا أردت أن تفهم معنى الحداثة الحقيقية فانظر إلى الصين مجتمع يبني مستقبله على الأخلاق قبل أن يبنيه على الاقتصاد والتقنية فتأتي الإنجازات صلبة دائمة وقابلة للاستمرار

هذا هو النموذج الذي يصنع مجتمعات تتماسك وحضارات تبقى وتنمية تستمر عبر الزمن

زر الذهاب إلى الأعلى