مؤتمر بكين للتنمية المتكاملة للثقافة والتكنولوجيا: رؤية جديدة للتعاون الدولي في عصر الذكاء الاصطناعي

اجنادين نيوز / ANN
*عبد القادر خليل- رئيس تحرير شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية، عضو الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين أصدقاء وحُلَفاء الصين، عضو مجلس الادارة للرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل
شهدت العاصمة الصينية بكين يوم 18 نوفمبر 2025 انعقاد مؤتمر التنمية المتكاملة للثقافة والتكنولوجيا حول الحزام والطريق، في حدث دولي بارز يعكس تنامي الاهتمام العالمي بالتقاطعات بين التكنولوجيا الحديثة والابتكار الثقافي. وقد نظّم المؤتمر كلّ من مركز أبحاث تخطيط طريق الحرير والجمعية الصينية لتعزيز التبادلات الدولية للمنظمات غير الحكومية، بمشاركة مؤسسات رائدة وبدعم واسع من هيئات حكومية ومراكز بحثية وجامعية. وجمع الحدث أكثر من 400 مشارك من داخل الصين وخارجها، من دول عربية وأجنبية مثل الجزائر ومصر والسعودية وإندونيسيا وباكستان وتركيا، ودول أوروبية وأميركية وآسيوية مثل إسبانيا وإيطاليا وألمانيا والبرازيل وكمبوديا وغانا وغيرها.
انعقد المؤتمر تحت شعار “الذكاء الاصطناعي + التكنولوجيا الثقافية: منظومة بيئية جديدة من منظور دولي”، وهو عنوان يعكس طموح الصين في الدفع نحو صياغة نموذج جديد للتنمية، ويعزز التكامل بين الثقافة والسياحة والتكنولوجيا الرقمية، ويواكب التحولات العميقة التي يشهدها العالم في عصر الذكاء الاصطناعي. وقد شكّل هذا الحدث منصة فعّالة لمناقشة السبل الكفيلة بتعزيز الابتكار الثقافي وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة لتطوير الصناعات الإبداعية، بما يساهم في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتسهيل التبادل المعرفي بين الحضارات.
وقد تم اختيار منطقة تشانغبينغ لاستضافة المؤتمر و هذا لم يكن وليد الصدفة؛ فهي تُعدّ إحدى أبرز المناطق الاستراتيجية في بكين، وتمثل نموذجاً صينياً رائداً في التنمية عالية الجودة وفقاً لمفهوم “التحديث الصيني النمط”. خلال السنوات الماضية، تمكنت تشانغبينغ من بناء منظومة اقتصادية وثقافية وسياحية مزدهرة مدعومة بالبحث العلمي والابتكار التكنولوجي، خصوصاً في مجالات الصناعات الدوائية والرعاية الصحية، والطاقة المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، والتحول الأخضر، والتصنيع المتطور. وبفضل هذه التجربة المتكاملة، أصبحت المنطقة مؤهلة للعب دور محوري في دعم مبادرة “الحزام والطريق” وتطوير التعاون الثقافي والتكنولوجي على المستوى الدولي.
وفي المقابل، فإن تشانغبينغ نفسها تستفيد من هذا المؤتمر، من خلال الاطلاع على رؤى وتجارب المشاركين الدوليين، وهو ما يعزز قدرتها على بناء نموذج تنموي أكثر انفتاحاً وابتكاراً. كما يساهم الانخراط الدولي الواسع في دفع تشانغبينغ لمواصلة تطوير بيئتها الاقتصادية والاجتماعية وتوفير حياة أفضل لسكانها عبر توسيع نطاق الصناعات الإبداعية ودعم الاقتصاد المعرفي.
ويبرز المؤتمر كذلك كمنصة دولية مهمة لتبادل وجهات النظر ومناقشة المقترحات التي قدّمها خبراء وباحثون من الصين ودول الحزام والطريق. وقد تركّزت النقاشات حول كيفية بناء منظومة مستقبلية للتكامل بين الثقافة والتكنولوجيا، خاصة في ظل الثورة الرقمية وتسارع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاعات الثقافة والتعليم والسياحة والإعلام. كما ناقش المشاركون إمكانية اعتماد نماذج تعاونية جديدة تعزز الروابط بين الشعوب، وتدعم المبادرات العابرة للحدود التي تجمع بين الابتكار والإبداع.
ويتلاقى هذا المؤتمر مع التوجيهات الاستراتيجية للقيادة الصينية؛ إذ يعكس تطبيقاً عملياً لروح الدورتين الكاملتين الثالثة والرابعة للجنة المركزية العشرين للحزب الشيوعي الصيني، وكذلك توجيهات الرئيس شي جين بينغ حول البناء المشترك لمبادرة “الحزام والطريق” وتعزيز التبادل الثقافي وتطوير الصناعات الإبداعية. فالصين على غرار العديد من المبادرات، تسعى من خلال هذا الحدث إلى إرسال رسالة مفادها أن التعاون الثقافي والتكنولوجي بات محوراً أساسياً في بناء مستقبل مشترك يقوم على المنفعة المتبادلة، وأن الدول المشاركة في الحزام والطريق قادرة على الاستفادة من التجربة الصينية للتحول نحو تنمية عالية الجودة في عصر جديد من الترابط العالمي.
وفي المحصلة، يعكس مؤتمر بكين نجاحاً جديداً في توظيف الثقافة والتكنولوجيا كجسر للتواصل الدولي، ويمثل خطوة إضافية نحو بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، حيث تصبح المعرفة والابتكار أدوات رئيسية لتعزيز الازدهار والتنمية المستدامة في العالم.



