علاء المحمداوي… صناعة الأمل بصمت وإنسانية في ميسان

اجنادين نيوز / ANN

ميسان / حيدر السعد

في مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان جنوبي العراق، حيث تتشابك أزمات الصحة والفقر مع آثار الحروب، يبرز شباب يرفضون الضجيج الإعلامي ويؤمنون بأن العمل الإنساني الحقيقي لا يحتاج إلى أضواء، ومن بين هؤلاء علاء المحمداوي، الذي يعمل بعيدًا عن “الطشة” و”الترند” والغرف الزجاجية، ومن دون تطبيل أو منافع، خدمةً للمرضى ودعمًا للفقراء بمساندة أهل الخير والميسورين.

العجز الكلوي والفقر المزمن ؛
تفاقم مرض العجز الكلوي في ميسان بشكل خطير، فأصبح يفتك بالشباب قبل كبار السن، في ظل غياب حكومي واضح وارتفاع تكاليف العلاج، ما أدخل الكثير من الأسر في مأزق وأفقدها الأمل.

وأمام هذا الواقع، لم يقف المحمداوي موقف المتفرج؛ بل تبنّى مواجهة المرض والفقر عبر برنامج إنساني متكامل يشمل جمع التبرعات، اجراء عمليات ، تأمين العلاج، تجهيز المستلزمات الطبية، متابعة الحالات، وبناء المساكن للأسر الأشد حاجة.

وبفضل جهوده تم علاج أكثر من خمسين حالة بعد إجراء عمليات زرع كلى و حالات اخرى عبر توفير المستلزمات والادوية، بقيمة إجمالية قاربت مليوني دولار ، جمعت بالكامل عبر صفحته الشخصية، بعيدًا عن أي دعاية أو دعم حكومي.

أثرٌ مباشر وصمتٌ فعّال؛
الأكاديمي وأستاذ الإعلام د. ليث صبار يقول إن عمل المحمداوي “ترك بصمة ملموسة في المجتمع الميساني، إذ تظهر نتائجه مباشرة في حياة الأسر، سواء عبر العلاج أو العمليات أو دعم الفئات الفقيرة. النهج الهادئ أكسبه احترام الناس وثقتهم، وجعل مبادراته أكثر قبولًا لأنها قائمة على الإخلاص الفعلي لا الضجيج الإعلامي.”

من جهته، الإعلامي والناشط في حقوق الإنسان عبد الله كيطان يرى أن “شحَّ الدعم الحكومي يكشف معدن الإنسان الحقيقي، فالمحمداوي يستند إلى قيم دينية وأخلاقية تحث على مساعدة الفقراء والمحتاجين بعيدًا عن الإعلام الذي قد يضر بمستحقي الدعم.”

أما الإعلامي حيدر الساعدي فيؤكد أن “العمل الصامت يحفظ كرامة المستفيدين ويكسب ثقتهم، ويترك أثرًا أكبر من أي ضجيج إعلامي. تركيز المحمداوي على إنقاذ الأرواح وبناء المساكن غيّر حياة الكثيرين، وأكسبه ثقة المتبرعين الباحثين عن جهة صادقة وشفافة لإدارة الأموال.”

منهجية متميزة في العمل الإنساني ؛
يشير د. صبار إلى أن “المحمداوي لا يكتفي بالمساعدة المؤقتة، بل يضمن إعادة حياة المستفيدين إلى مسار أكثر استقرارًا. شبكة علاقاته مع المؤسسات الصحية والخدمية تسرّع إيجاد الحلول العملية، مما يجعله أكثر تأثيرًا مقارنة بالعمل الخيري التقليدي.”

ويضيف كيطان أن “مصداقيته العالية هي سبب نجاحه؛ فأهل الخير اختبروا صدقه على الأرض ووجدوا أن الأموال تصل فعلًا لمستحقيها، سواء للعلاج والعمليات أو لمشاريع البناء.”

ويؤكد الساعدي أن “منهجيته ترتكز على الحلول الجذرية والجودة بدلًا من الكم أو الظهور الإعلامي. فدراسة كل حالة بعناية وربط المحتاجين بالمختصين يضمن نتائج دائمة، سواء بإنقاذ حياة المرضى أو استعادة البيوت لكرامتها.”

تحديات كبيرة… وحلول بالصبر والداعمين ؛
يبيّن د. صبار أن “أبرز التحديات التي يواجهها المحمداوي هي محدودية الموارد، صعوبة تأمين الدعم للحالات الحرجة، إضافة إلى التعقيدات الإدارية والأمنية. ومع ذلك، يعتمد على المتطوعين والداعمين الفرديين لتجاوز هذه العقبات وضمان استمرار العمل الإنساني.”

ويتابع كيطان: “العقبات تشمل ضعف الدعم الحكومي على صعيد التسهيلات والإمكانات المالية، لكن بفضل الميسورين والمتطوعين تحققت نتائج ملموسة على الأرض.”

أما الساعدي فيوضح أن “التحديات امتدت إلى تأمين التمويل، تجاوز البيروقراطية، وتوفير الأراضي ومواد البناء، وتم التغلب عليها عبر بناء شبكة ثقة قوية مع المتبرعين وإقامة علاقات مباشرة مع المستشفيات والجهات الرسمية، ما مكّن من توفير العلاج والمساكن بسرعة وفعالية.”

أثر يعيد الحياة والكرامة ؛
لم يتوقف عمل المحمداوي عند علاج المرضى؛ بل امتد إلى إعادة بناء البيوت وتحقيق الاستقرار للعائلات الأشد حاجة. فقد جرى بناء خمسين منزلًا لأسر كانت تعيش ظروفًا بالغة القسوة، ليمنحها الأمن والكرامة من جديد.

بهذه المبادرات، أصبح علاء المحمداوي رمزًا للعمل الإنساني الهادئ والصادق، القائم على الفعل لا الكلام، وعلى النتائج لا الظهور الإعلامي. ففي ميسان، حيث تتقاطع الأمراض مع الفقر واليأس، يثبت أن الإنسانية قادرة على صناعة الأمل، وأن الصمت أحيانًا أبلغ من أي إعلان.

زر الذهاب إلى الأعلى