التنمية المتكاملة للثقافة والتكنولوجيا في إطار مبادرة الحزام والطريق: الجزائر نموذجاً

اجنادين نيوز / ANN
عبد القادر خليل*رئيس تحرير شبكة طريق الحرير الصيني الإخبارية، عضو الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين أصدقاء وحُلفاء الصين، عضو مجلس الإدارة الرابطة العربية الصينية للحوار والتواصل.
رغم التحديات العالمية الراهنة، تعيش مبادرة الحزام والطريق مرحلة تطور نوعي تتجاوز البنية التحتية والتجارة المتعددة إلى مجالات أعمق تتعلق بالثقافة والتكنولوجيا والابتكار.
وتبرز في هذا الإطار فكرة التنمية المتكاملة للثقافة والتكنولوجيا كأحد المفاهيم الحديثة التي تسعى إلى بناء تنمية شاملة تجمع بين الإبداع الإنساني والتطور العلمي.
إن المبادرة الصينية الرائدة ((الحزام والطريق)) تساهم في بناء جسور التفاهم بين الشعوب و تعزيز “مجتمع المصير المشترك للبشرية” الذي تدعو إليه الصين.
وفي هذا السياق، تمثل الجزائر نموذجاً متميزاً في المنطقة العربية والإفريقية بفضل موقعها الجغرافي، وعمقها الثقافي، وانفتاحها المتزايد على التعاون مع دول العالم الكبرى وخاصة مع الصين في مجالات التكنولوجيا والاتصال والثقافة.
المفهوم العام للتنمية المتكاملة للثقافة والتكنولوجيا
يقوم هذا المفهوم على مبدأ الدمج بين القيم الثقافية والابتكار التكنولوجي من أجل تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة. فالثقافة تُسهم في بناء الهوية وتعزيز التفاهم بين الشعوب، بينما تُمكّن التكنولوجيا من نشر الثقافة وحمايتها وتطوير الصناعات الإبداعية.
وتجسد مبادرة الحزام والطريق هذا التوجه من خلال مشاريع مثل “طريق الحرير الرقمي” و”طريق الحرير الثقافي”، اللذين يعززان التعاون في مجالات التعاون التكنولوجي بما يشمله من الاتصال الرقمي والذكاء الاصطناعي وكذا التبادل الثقافي والإبداع الفني.
موقع الجزائر في مبادرة الحزام والطريق
تتمتع الجزائر بموقع استراتيجي يربط بين إفريقيا وأوروبا والبحر المتوسط، مما يجعلها محطة مهمة وملهمة لمحور الحزام والطريق. كما أن العلاقات الجزائرية–الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، شمل مجالات متعددة مثل الطاقة، والبنية التحتية، والتعليم، والاتصال الرقمي.
وفي الجانب الثقافي، تشارك الجزائر بفعالية في برامج التبادل الثقافي والفني، وتنظيم المعارض المشتركة، واستضافة فعاليات تروّج للحوار بين الحضارات.
التكامل بين الثقافة والتكنولوجيا في التجربة الجزائرية
تُظهر التجربة الجزائرية مؤشرات واضحة على هذا التكامل من خلال:
رقمنة التراث الثقافي: حيث تم إطلاق مشاريع لحفظ المخطوطات والآثار رقمياً.
تطوير الصناعات الإبداعية مثل السينما الرقمية، والفنون البصرية، والإعلام الجديد.
التعاون العلمي والتقني مع الصين في مجالات الاتصالات، والأقمار الصناعية، والتعليم الذكي.
التبادل الأكاديمي والثقافي الذي يعزز المعرفة المتبادلة ويخلق جسوراً بين الجامعات والمؤسسات الثقافية في البلدين.
تعليم اللغتين العربية والصينية للطلاب من البلدين، وهنا أود أن أثمن المكسب الجديد للجزائريين و هو افتتاح أول معهد كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية في الجزائر في الشهر الماضي.
آفاق التعاون الجزائري–الصيني في التنمية الثقافية والتكنولوجية
يمتلك البلدان فرصاً واسعة لتعميق هذا التعاون والتي تم تنفيذ بعضَها فعلياً عبر:
إنشاء مراكز ثقافية رقمية مشتركة، فلكلا البلدين مقومات ثقافية ثرية ومتنوعة.
تطوير برامج للتدريب المهني في التكنولوجيا الإبداعية.
دعم الابتكار الشبابي في مجالات الثقافة الرقمية وريادة الأعمال.
تعزيز الدبلوماسية الثقافية كوسيلة لبناء الثقة والتفاهم الحضاري من خلال تكثيف الزيارات والتبادلات للشباب والطلاب والفرق الفنية من كلا البلدين.
وفي الختام:
إن نموذج الجزائر في إطار مبادرة الحزام والطريق يبرز كيف يمكن للثقافة والتكنولوجيا أن تتكاملا لتشكّلا محركاً رئيسياً للتنمية الوطنية والانفتاح الدولي. فالمستقبل لم يعد يقوم فقط على البنية التحتية المادية، بل أيضاً على البنية التحتية الفكرية والثقافية التي توحد الشعوب وتمنح التنمية معناها الإنساني العميق.




