متابعة لمؤتمر الحوار الحضاري العربي‑الصيني

اجنادين نيوز / ANN

بقلم نجيب الكمالي، رئيس دائرة العلاقات العامة بالاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين أصدقاء وحلفاء الصين – فرع اليمن

جلست منذ صباح اليوم أمام شاشة التلفزيون، وفي الوقت نفسه أتابع وسائل التواصل الاجتماعي من خلال المواقع الإلكترونية العربية، لأتابع تفاصيل افتتاح الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الحوار بين الحضارتين العربية والصينية، الذي قرر انعقاده اليوم السابع عشر (17) نوفمبر 2025 في بكين. لم يكن الحدث مجرد كلمات رسمية أو بروتوكول دبلوماسي، بل بدا نافذة على مسار طويل من التعاون الثقافي والسياسي والاقتصادي بين الصين والدول العربية.

مع وصول الوفود العربية، وعلى رأسها رئيس جامعة الدول العربية، إلى القاعة الكبرى، كانت أصوات الترحيب تتردد بين الجدران العالية، بينما قدم المسؤولون الصينيون صورة دولة متحضرة وواعية بأهمية الثقافة والحوار في بناء جسور التعاون. اليمن، بحضورها الرمزي والاستراتيجي، بدا جزءًا من هذه الرؤية الواسعة التي تربط بين الثقافة والسياسة والاقتصاد في إطار الشراكة العربية‑الصينية.

في كلمته، شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط على أن المؤتمر أصبح ركيزة استراتيجية للشراكة بين الجانبين، مشيرًا إلى المبادرات الصينية مثل “الحوكمة العالمية”، ودور برامج التبادل الثقافي للشباب باعتبارها أدوات عملية لبناء مستقبل مشترك يعزز السلام والتنمية والاستقرار.

وأشارت جامعة الدول العربية إلى أن انعقاد المؤتمر جاء تتويجًا لأسبوع حافل بالأنشطة المكثفة، بما في ذلك ورشة عمل لمسؤولي وخبراء الثقافة والسياحة العرب في مدينة شنجن الصينية، والتي جاءت امتدادًا لمخرجات القمة العربية‑الصينية الأولى عام 2022 والمؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون العربي‑الصيني عام 2024، بما يعكس إرادة سياسية مشتركة لتعزيز العلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية.

بينما كنت أتابع على الشاشة وعلى فيسبوك ومنصات التواصل الأخرى، بدا واضحًا أن المشاريع الكبرى ضمن مبادرة “الحزام والطريق” ليست مجرد بنية تحتية، بل عناصر استراتيجية دقيقة تعزز التعاون الاقتصادي وفتح فرص جديدة بين الصين والدول العربية، من موانئ وشبكات نقل ومحطات طاقة، وصولًا إلى التأثير في السياسات الاقتصادية والاجتماعية. الصين قدمت نفسها كقوة مسؤولة، قادرة على لعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية عبر الحوار والدبلوماسية، دون تدخل عسكري مباشر.

كما برز الاستثمار في الشباب كركيزة أساسية لاستدامة الشراكة العربية‑الصينية، من خلال برامج التبادل الثقافي والتدريب القيادي، التي تمنح الجيل الجديد القدرة على فهم التنوع الثقافي، واعتناق لغة الحوار، والمساهمة في بناء مستقبل مشترك قائم على التعاون والتفاهم.

من عدن، شعرت أن المؤتمر ليس مجرد اجتماع رسمي، بل إعلان رؤية طويلة المدى تجعل الصين شريكًا استراتيجيًا للعالم العربي، ليس فقط على مستوى الاقتصاد أو السياسة، بل كقوة حضارية تركز على الحوار والثقافة كأساس للتعاون المستدام.

يظهر المؤتمر أن الحوار بين الحضارات ليس رفاهية ثقافية، بل استثمار طويل الأمد في السلام والشراكة، ويبرز كيف يمكن للثقافة والدبلوماسية والسياسة أن تتكامل لبناء مستقبل عربي‑صيني مشترك، يضع المنطقة على مسار الاستقرار والنماء ويعزز التفاهم بين الشعوب، سواء عبر الشاشات أو منصات التواصل الاجتماعي.

زر الذهاب إلى الأعلى