هل كنت في الصين حقا؟

اجنادين نيوز / ANN

باسم فضل الشعبي
رئيس الفرع اليمني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين اصدقاء وحلفاء الصين

لم اتذكر اننا ركبنا الطائرة في رحلة الى الصين في يوم ما ، لكن حينما اشاهد المدن الصينية، وبعض المواقع ذات الطابع الرمزي مثل ميدان تيانمن، وجامعة بكين ، وسور الصين العظيم ، وغيرها، اجد نفسي مندهشا ومنجذبا كما لو انني كنت هناك في وقت مضى .

لماذا هذا الشعور الغريب يراودني منذ زمن ؟ واذا كانت قدماي قد وطأت الصين العظيم في يوما ما، فإن المسألة لا تعدوا أن تكون قد حدثت في عالم الارواح، أو في خضم الاحلام والرؤى الجميلة .

يحدث معي منذ زمن أن اتخيل وجودي في مكان معين في الأرض ، كأن اتمشى في شوارع الصين مثلا أو روسيا او امريكا او باريس أو في اي دولة عربية وفجأة أشعر بأننا انتقلت إلى ذلك المكان روحا وجسدا ، حتى أن أحد الأصدقاء اتصل بي ذات مرة من دولة أوروبية قائلا : هل انت موجود في الدولة الأوروبية الفلانية ؟ قلت لا، قال هناك زملاء شاهدوك في المكان الفلاني ، قلت بل انا في اليمن حاليا ، حتى أن أحدهم راني في عاصمة عربية شهيرة، وسألني عن ذلك، فقلت له لم أغادر اليمن في الزمن الذي رأيتني فيه.

لا ادري إن كان هذا الأمر يحدث مع اشخاص آخرين ايضا ، ما اعرفه أن الارواح ربما تنتقل بصاحبها عبر الحلم أو التفكير إلى مكان آخر وتتجسد في صورته وحركته البشرية، ثم تختفي بمجرد أن عقله توقف عن التفكير في هذه البلد أو المنطقة هذه أو تلك .

منذ فترة بينما كنت أقرأ عن الصين وقعت امامي مقالات واخبار تتحدث عن ثورة الشعب الصيني في ميدان تيانمن، تلك الثورة الطلابية والعمالية التي أسهمت في التحول والتقدم العظيم الذي وصلت إليه الصين اليوم ، ومنذ ذلك الوقت وأنا احدث نفسي بأن هذه الثورة التي انطلقت بدايتها في العام 1975 للمطالبة بالديمقراطية وحرية الصحافة والإعلام، ثم تواصلت في العام 1989 للمطالبة بالإصلاحات والتحرر الاقتصادي، تركت بداخلي شيئاً غريباً لم تكن حدثا عابرا ، بل يخال لي انني كنت هناك في ذلك الميدان المكتظ بالجماهير في قلب العاصمة بكين .

ولكن السؤال : من اين كنت آت إلى هناك في ذلك التاريخ الذي يسبق مولدي في اليمن بخمس سنوات تقريبا ؟ هل كنت كائنا فضائيا ، أو كنت اهبط من السماء مثلا ؟ هل كانت لدي معجزات من نوع ماء؟ هل حقا عشت زمنين مختلفين، زمن قبل الولادة البشرية الطبيعية وزمن بعدها ؟ كل هذه التساؤلات ما تزال تحفر في ذهني منذ شهور خلت .

في الحقيقة وبما لدي من معلومات ومشاهدات لن اقول اليوم انني كنت شاهداً حياً على كثير من الأحداث التي مر بها نمو الصين وتطورها منذ زمن بعيد وحتى اليوم، لأنه ربما لن يستوعب البعض هذا الطرح رغم واقعيته ، ولكن ساقول: كنت أعيش حلما عظيما مع الصينين بما وصل إليه بلدهم كما لو كنت واحدا منهم، مع انني اعيش في بلد يبعد عنهم آلاف الكيلوا مترات.

في الصين ديانات عدة مثل الكنفوشية، والطاوية، والمسيحية ، والإسلام ، والحزب الحاكم في الصين كما هو معروف هو حزب شيوعي اشتراكي قاد الجميع بعدالة ومساواه ، لكن كل هولاء على اختلافهم يعرفون الله ويوحدوه ظاهرا أو سرا ، ويعرفون أن هناك مخلصا عظيما كان يأتيهم من السماء أو من أي مكان آخر ليأخذ بأيديهم نحو الخير ، ويبارك كل خطواتهم نحو البناء والازدهار ، بمعنى أن الله راض عن الصين، ويتجسد هذا الرضى فيما وصلت إليه الصين اليوم من ازدهار وتطور اقتصادي مدهش جدا ، وذلك بما وصلت إليه من علم وابتكارات عظيمة لا حدود لها، مادامت في خدمة الإنسان الصيني والبشرية كلها.

الصين نموذج اقتصادي فريد دمج بين الاشتراكية والرسمالية فأوجد نظرية خاصة به ، أي أنه أخذ افضل مافي التجربتين ، حيث لم تكبل الصين نفسها بقيود الاشتراكية في الاقتصاد ولم تأخذ الرأسمالية بتطرف ، كما هو الحال في الغرب ، وانما أخذت ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، واما الزبد جعلته يذهب بعيدا لانه لافائدة منه للناس وللدولة والمستقبل.

حتى أن الزعيم الصيني الذي قال لسائق سيارته بينما كان أمام إشارة المرور ” اعطي إشارة خضراء يسارا واتجه يمينا ” ، قد فسرت مقولته تلك كما لو أنه أراد القول: فلنعطي إشارة خضراء للاشتراكية ثم نتجه نحو الرأسمالية ، بمعنى لن نهمل الاشتراكية التي قام الصين عليها ، ولكن في ظل انفتاح السوق لا يمنع أن نتجه نحو الرأسمالية، ونأخذ منها ما يناسبنا ، فأصبحت هذه العبارة أحد النظريات المهمة التي ساهمت في تقدم الصين كما اعتقد.

كان وما يزال الصين بلدا وامة وشعبا عظيما محب للخير والتعاون والعمل ، وفي زماننا الحاضر تصلح المفردات السابقة لتكون أسس الايمان الحقيقي بالله ، اي اذا اردت أن تتعرف على الله الحق عليك أن تعمل الخير، وان تتعاون مع الناس وتتعايش معهم من اي مكان كانوا وفي اي مكان يتواجدون، وان تعمل ثم تعمل ، لان الايمان بالله ليس فقط أن تؤمن بالخير بل أن تعمل به وتجعله في متناول البشر جميعهم.
” الايمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل” كما قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، ولأن الله هو رب الخير، فمن آمن بالخير وعمل به، هو مؤمن بالله الحق سواء علم بذلك أو لم يعلم، بارك الله الصين الدولة المؤمنة العظيمة.

زر الذهاب إلى الأعلى