العراق بعد الانتخابات من يقود المرحلة القادمة ؟

اجنادين نيوز / ANN

بقلم/محمد كاظم خضير

كاتب ومحلل السياسي.

تشهد الساحة السياسية العراقية هذه الأيام حراكاً متنامياً ومداولات عميقة داخل أروقة القرار، تواكبها قراءات متعددة في الشارع والنخبة السياسية، حول مآلات المرحلة المقبلة واحتمالات ما بعد انتهاء عمر الحكومة الحالية والبدء بمشاورات تحديد الكتلة الأكبر .
هذا النقاش، وإن كان مبكراً من حيث التوقيت الرسمي، إلا أنه يعكس حيوية المشهد الوطني وحرص مختلف الفاعلين على استشراف مستقبل السلطة في بلدٍ يخطو بثقة نحو ترسيخ مؤسسات الدولة الحديثة وتثبيت التناوب السلمي على الحكم كقيمة ديمقراطية راسخة.
– الإطار التنسيقي معادلة التوازن داخل العملية السياسية

لقد استطاع الإطار التنسيقي،، أن يحدث توازناً حساساً بين مراكز القوى داخل العملية السياسية العراقية خلال الفترة المقبلة، جامعاً بين هدوء القيادة وبراغماتية الأداء.
ومع اقتراب نهاية الحكومة المحتملة، بدأت تطرح بجدية مسألة رئيس الوزراء، أو بالأحرى: من يكون رئيس الوزراء القادم؟

الخيارات المحتملة داخل المنظومة الحالية – وفق المؤشرات السياسية والإدارية – أن يتحمل رئيس الوزراء القادم هذه الصفات
1. ، أن يمثل واجه مدنية تنفيذية يحافظ على توازن الأداء الحكومي رغم الظروف الاقتصادية المعقدة.
2. ، أن يعروف بصلابته واحترامه داخل الشركاء السياسيين وعلاقاته المتقدمة مع الشركاء الأمنيين الدوليين في ظل تنامي عودة داعش.

: الإطار التنسيقي الكتلة البرلمانية الأكبر ظمانة الدستور

، تلوح في الأفق احتمالية أن الإطار التنسيقي الكتلة البرلمانية الأكبر ظمانة
الدستور بما يسمح لإطار التنسيقي بأن يكون الكتلة البرلمانية الأكبر من جديد.
ورغم أن هذا الخيار لم يُعلن عنه رسمياً، إلا أن بعض الدوائر ترى فيه وسيلة لضمان الاستقرار واستكمال المشاريع الكبرى التي أُطلقت خلال السنوات الماضية، خصوصاً في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية الإقليمية.
لكن هذا السيناريو – إن اتجه إليه – سيفتح نقاشاً دستورياً .
كل الأحوال، يبقى التوفيق بين الكتل السياسية والإطار التنسيقي هو التحدي الأكبر أمام صانعي القرار.
العراق بين قوة الإطار التنسيقي وانقسام الأحزاب

من جهة أخرى، تعيش الأحزاب السياسية العراقية حالة من الانقسام الواضح، إذ فقدت بعض أحزابها التقليدية زخمها الجماهيري، بينما تسعى قوى جديدة إلى شق طريقها وسط هذا التشتت، لكنها ما زالت عاجزة عن أن تكون الكتلة البرلمانية.
.في ظل هذه التشتيت، يبرز في المشهد السياسي الإطار التنسيقي، الذي يقود كتلة البرلمانية الأكبر مؤثرة داخل البرلمان وخارجه، مستنداً إلى قاعدة اجتماعية واسعة وخطاب سياسي جريء.
الإطار التنسيقي يُعد اليوم من ألقوى الفاعلة، ويمتلك رصيداً نضالياً لا يُستهان به، غير أن نجاحه المستقبلي سيظل رهيناً بقدرته على توسيع تحالفاته، وتحويل طاقته الجماهيرية إلى مشروع سياسي متكامل يوازن بين البعد الحقوقي والرؤية الوطنية الجامعة.

الإطار التنسيقي والتوازنات الإقليمية

لا يمكن قراءة المشهد السياسي دون التوقف عند دور الإطار التنسيقي التي ما تزال الضامن الأول لاستقرار الدولة ووحدتها.
غير أن التحولات الأخيرة أظهرت ميلاً متزايداً لدى الإطار التنسيقي نحو حكومة قوية، في خطوة تعكس نضج التجربة الوطنية وتطور وعي الإطار.
كما أن الإطار التنسيقي نجح خلال السنوات الماضية في الحفاظ على توازن دبلوماسي دقيق مع محيطها الإقليمي والدولي، وهو توازن ينبغي أن يُصان في أي مرحلة انتقالية مقبلة.

: الموقف الشعبي والنخبوي

الشارع العراقي، رغم هدوئه النسبي، يتابع باهتمام مجريات النقاش حول الاستحقاق الرئاسي المقبل، في ظل تزايد التطلع إلى تجديد الطبقة السياسية وضخ دماء جديدة في الحياة العامة.
أما النخبة السياسية والفكرية، فهي مدعوة اليوم إلى تجاوز الحسابات الضيقة، وإعلاء مصلحة الوطن على ما سواها، من خلال صياغة خطاب وطني جامع يربط بين الواقعية السياسية والرؤية الإصلاحية. الخلاصةالعراق بين قوة الإطار التنسيقي، ، وبين أحزاب الأخرى منقسمة تبحث عن فاعلية وتوازن، يقف العراق اليوم أمام لحظة مفصلية في تاريخها الحديث.
الرهان الحقيقي ليس فقط على من سيقود المرحلة المقبلة، بل على كيفية إدارة الانتقال السياسي بروح من المسؤولية الوطنية والحكمة.

إن الاستقرار ليس غاية في ذاته، بل هو شرط أساسي لبناء دولة قوية وعادلة.
ولذلك، فإن مستقبل العراق سيتوقف على الإطار التنسيقي والأحزاب السياسية الأخرى على تغليب منطق الدولة على منطق الأفراد، ومصلحة الأمة على حسابات الطموح الشخصي.

زر الذهاب إلى الأعلى