من عدن إلى العالم.. فلسطين بلا حدود

اجنادين نيوز / ANN
بقلم: نجيب الكمالي، رئيس اللجنة التحضيرية لمنبر صحفيون من أجل فلسطين
أجلس دائمًا في مجلسي في العاصمة عدن، المطل على شوارع المدينة، في هدوء بعد أن نام كل من في البيت، بعد أن فرغت جرعة القات. أحتسي فنجان الشاي، وأطلّ من النافذة، لكن عيني وروحي لا تكتفي بما حولها. قلبي وروحي يسافران مع الأخبار والصور القادمة من وسائل التواصل الاجتماعي، من كل ركن في العالم. أشعر بأن قلبي يرفرف مع كل راية فلسطينية تلوح في شرفات إسبانيا، وكل هتاف يتردد في ميادين نيويورك، وكل دمعة تضامن في بكين أو البرازيل. فلسطين اليوم ليست مجرد أرض، بل صرخة حيّة في وجدان الإنسانية.
في شوارع مدريد، أرى الفلسطينيين والأجانب يرفعون شعارات الحرية، ويمسكون اللافتات التي تقول: «العدالة لفلسطين». أشعر أن صوت فلسطين لم يعد محصورًا في غزة أو الضفة الغربية، بل يتسلل إلى كل قلب حرّ، ليذكّر العالم بأن الظلم لا يدوم، وأن الإنسانية لا تصمت أمام قهر شعب.
ثم في نيويورك، المدينة العملاقة، مركز التأثير العالمي، أرى فيها روح فلسطين تتجسد في نجاح شاب مسلم يقودها. أشعر كما لو أن كل قلب متعطش للعدالة يسمع رسالة غزة، ويفهم أن الحرية ليست شعارًا فقط، بل فعل حيّ، ضمير يقظ، وعزم لا ينكسر.
وفي غزة، حيث الدمار يحيط بكل شيء، أرى الأطفال يرسمون الشمس على الجدران المهدمة، يضحكون رغم الخراب، ويعلّمون العالم درسًا واحدًا: الصمود أقوى من كل قوة عسكرية، والأمل أقوى من كل جدار. كل ضحكة، كل رسم، كل دمعة تضيف شعاع نور جديد إلى تاريخ فلسطين الطويل، وتجعلها أكثر من مجرد مكان، وتجعلها فكرة وروحًا تتجاوز الحدود.
واليوم، فلسطين معترف بها رسميًا من 195 دولة، لكن الأهم من ذلك أن قلب الشعوب الحرة يحملها بلا حدود. من بكين إلى البرازيل، من مدريد إلى نيويورك، كل هتاف وكل رسالة تضامن تؤكد أن فلسطين اليوم قضية روح، قضية إيمان بالعدالة والحرية، نافذة الضوء التي تُذكّر الإنسانية بقيمها المفقودة.
وأنا، جالس دائمًا في مجلسي بعدن، أشعر بكل هذه اللحظات تتدفق داخلي: فرح وحزن، ألم وفخر، صدمة وحب. فلسطين لم تعد قضية سياسية فقط، بل اختبار للضمير الإنساني، ومرآة لكل إنسان يتشبث بالحق، ونافذة تُفتح في كل قلب يبحث عن العدالة.
غزة، الشوارع، الميادين، الأطفال الذين يرسمون الشمس على الجدران المهدمة، كل ذلك يجعل فلسطين اليوم أكثر من مجرد أرض؛ إنها إرادة لا تنكسر، روح لا تموت، وصوت الحق الذي لا يُسكَت. فلسطين اليوم تختبر الإنسانية، وتعلّم العالم أن الحرية والعدالة ليست حكراً على أحد، وأن من يرفع شعار الحرية لفلسطين يرفع شعلة للأمل في قلوب البشر جميعًا.




