التيار الوطني للتصحيح والبناء يوجه رسالة عاجلة للرعاة الدوليون والمجتمع الدولي بشأن اليمن

اجنادين نيوز / ANN

عدن:
وجه التيار الوطني للتصحيح والبناء، رسالة عاجلة للرعاة الدوليون والمجتمع الدولي بشأن اليمن طالبهم فيها بالتحرك العاجل لإيقاف الحرب وإحلال السلام وإعادة البلاد إلى المسار الصحيح، وفرض عقوبات على المعرقلين وعلى المتسببين بتدهور الأوضاع واستمرار الصراع ومفاقمة الأزمة الإنسانية والاقتصادية.

نص الرسالة :

السادة الرعاة الدوليون،
السادة أعضاء المجتمع الدولي،

تمر اليمن بمرحلة تاريخية حرجة، تشهد فيها البلاد تدهورًا متسارعًا على جميع الأصعدة، في مشهد يشي بانهيار الدولة ومؤسساتها، وتمزق النسيج الاجتماعي بشكل خطير. على الصعيد السياسي، تتعدد مراكز القوى وانتشرت السلطات الموازية في معظم المناطق، ما أدى إلى غياب السلطة الشرعية وتفتت المؤسسات الحكومية، وتصاعد الصراعات الداخلية بين الأطراف المختلفة، مع فشل مستمر لمسارات الحوار والمبادرات السياسية. كل هذه العوامل أسهمت في تحويل اليمن إلى ساحة نزاع مفتوح، لم يعد يميز بين المدني والعسكري، وبين الحكومة والمليشيات المسلحة، وأصبح المواطن العادي هو الضحية الأولى في هذا الصراع الطويل.

اليوم، تتعدد الفصائل المسلحة التي تعمل خارج إطار الدولة باسم الدولة، وكل منها يسعى لتحقيق أجنداته الخاصة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو إقليمية، وهو ما يعقد فرص التسوية السياسية ويطيل أمد الصراع.

لم تأتِ هذه الأزمة من فراغ، بل هي نتاج تراكمات طويلة بدأت منذ أحداث حرب صيف 1994، حين رسخت الحرب يومذاك ثقافة الإقصاء والسيطرة على الموارد، وتواصلت بعد أحداث ثورة 2011 التي انطلقت كمظاهرات سلمية للمطالبة بالتغيير والإصلاحات، لكنها سرعان ما تحولت إلى صراع دموي على السلطة بين القوى السياسية والأحزاب المتصارعة، التي فشلت في إدارة المرحلة الانتقالية بعد المبادرة الخليجية. وقد أتاح هذا الفشل الميداني والسياسي للحوثيين السيطرة على العاصمة صنعاء في عام 2014، بمساعدة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ما شكل نقطة تحول حاسمة أدخل البلاد في مرحلة الحرب الشاملة والتمزق الوطني المستمر.

على المستوى الاقتصادي، يعكس الوضع انهيارًا شبه كامل، حيث تدهورت العملة المحلية إلى مستويات قياسية، وتوقفت مرتبات الموظفين والمتقاعدين، وانخفضت القدرة الشرائية للمواطنين بشكل حاد، فيما انهارت القطاعات الإنتاجية والخدمية، وارتفعت معدلات البطالة والفقر المدقع. كل ذلك يتزامن مع استمرار استنزاف المال العام ونهب الموارد من قبل الأطراف المسيطرة، ما فاقم الأزمة الاقتصادية وجعل المواطنين يعيشون في حالة من العوز اليومي وعدم القدرة على تأمين أبسط مقومات الحياة.

أما على الصعيد الإنساني، فإن اليمن يشهد كارثة متفاقمة تشمل انتشار المجاعة وسوء التغذية، وتدهور النظام الصحي وانتشار الأمراض والأوبئة، إضافة إلى تراجع خدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي. الملايين نزحوا داخليًا وخارجيًا، فيما يحرم ملايين الأطفال من التعليم، وتستمر معاناة الأسر في مواجهة فقدان سبل العيش الأساسية، وسط غياب أي رقابة أو تدخل فعلي من الدولة.

الوضع الأمني في اليمن يزداد سوءًا، مع انتشار المليشيات والعصابات المسلحة، وتزايد أعمال الابتزاز والاختطاف، وتهديد حرية الصحافة والرأي، وغياب أي نظام يضمن حماية المواطنين. هذا الفراغ الأمني يتيح للفصائل ودوائر الفساد استغلال الانهيار لتوسيع شبكات تهريب السلاح والوقود والبضائع، وتهريب البشر والمخدرات وحتى الآثار، وظهور جيوش ومليشيات مسلحة خارج إطار الدولة لمفاقمة حالة الانقسام والتشظي في البلاد لخدمة أجندات غير وطنية، ما يجعل اليمن نقطة عبور لدعم الإرهاب والتطرّف الإقليمي ويهدد الأمن الدولي. تنظيمات مثل القاعدة في جزيرة العرب تستغل الفراغ الأمني وحالة التشتت والفوضى لتنظيم هجمات وتجنيد مقاتلين وتنسيق عمليات إقليمية ودولية، بينما موجات الهجرة والنزوح تضغط على الدول المجاورة والدول البعيدة، مع تفاقم الأزمات الصحية والغذائية، ما يجعل اليمن بؤرة للأزمات الإنسانية التي قد تتجاوز الحدود.

ويشير ذلك إلى أن استمرار هذه الأوضاع يعود إلى أسباب جذرية تشمل استمرار الحرب والصراع على السلطة، وسيطرة المليشيات والعصابات خارج نطاق الدولة، وانهيار النظام المصرفي، وحصار الموانئ والمعابر التجارية، وتوقف تصدير النفط والغاز، وفشل السياسات الاقتصادية والمالية، واستغلال الموارد العامة ونهب الإيرادات الحكومية وتحويلها إلى حسابات خاصة، ما أدى إلى إفراغ مؤسسات الدولة من وظائفها الأساسية.

في مواجهة هذه الأزمة الشاملة، تتصاعد الدعوات الدولية والمحلية لفرض عقوبات سريعة وحاسمة على الأطراف المتسببة في الانهيار. وتشمل هذه العقوبات إدراج أحزاب وكيانات وأفراد في قوائم الإرهاب الدولي، وتجميد أموالهم محليًا ودوليًا، ومنع سفرهم وإصدار مذكرات اعتقال دولية، وملاحقتهم أمام المحاكم الدولية، إضافة إلى إدراج الشركات والمؤسسات التجارية والإعلامية التي ثبت تورطها في دعم الأعمال المسلحة أو تمويل المليشيات خارج إطار القانون، أو التلاعب ونهب أموال وموارد الدولة، أو المضاربة بالعملة المحلية.

هذه الدعوات تستند إلى سلسلة من الانتهاكات الخطيرة، بما في ذلك تشكيل مليشيات وعصابات مسلحة تمارس القتل والابتزاز وفرض الجبايات غير القانونية بحق المواطنين، ونهب المال العام وتحويل الإيرادات إلى حسابات خاصة بعيدًا عن البنك المركزي، والتلاعب بالعملة المحلية وقطع مرتبات الموظفين والمتقاعدين، وعرقلة الإصلاحات والعملية السياسية، والتسبب في انتشار المجاعة والفقر المدقع، وتدمير البنية التحتية والخدمات الأساسية. وهذه الممارسات لم تكن خرقًا للقانون المحلي فحسب، بل تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وتصنف كجرائم اقتصادية وإنسانية تستدعي التدخل الدولي والمحاسبة الفورية.

التداعيات لم تعد محلية، بل تجاوزت الحدود لتشمل تهديد أمن الممرات البحرية، وانتشار الهجرة غير الشرعية، وتصريف الأزمة إلى الدول المجاورة، ما يزيد المخاطر الإقليمية ويضع الاستقرار العالمي على المحك. ونخشى من أن استمرار الوضع الراهن سيؤدي إلى مجاعة شاملة، وانهيار كامل لمؤسسات الدولة، وتمزق أوسع للنسيج الاجتماعي، وتحويل الأزمة إلى كارثة إقليمية يصعب السيطرة عليها دون تدخل عاجل.

نؤكد أن الحلول تتطلب تحركًا دوليًا عاجلًا وحاسمًا يشمل وقف الحرب فورًا، وإحلال السلام الشامل، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية سليمة، وإصلاح النظام الاقتصادي والمالي، وإعادة التوازن للعملة المحلية، وإطلاق حوار وطني شامل يضم جميع الأطراف، مع فرض عقوبات دولية رادعة لإجبار الأطراف المتسببة في استمرار الصراع على الانصياع للقانون ووقف نزيف الحرب. كما نشدد على أن السكوت الدولي على الفساد والإرهاب المالي والسياسي سيشجع المزيد من القوى على تقويض الدولة ويجعل الحل السياسي أكثر صعوبة وتعقيدًا، بينما تمثل العقوبات الدولية فرصة حقيقية لإعادة التوازن وإلزام الأطراف المتورطة بالانصياع للقانون وتحقيق العدالة للمتضررين.

إن مشهد التدهور في اليمن لم يعد يحتمل المزيد من الصمت أو التأجيل، والوضع يتجه نحو الهاوية بسرعة مخيفة، مما يستدعي تحركًا عاجلًا وجادًا من المجتمع الدولي وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وجميع الأطراف الوطنية لإنقاذ ما تبقى من هذا الوطن الجريح، وإعادة اليمن إلى مسار الدولة والاستقرار والأمل، وإجبار الأطراف الإقليمية على التوقف عن لعب أية أدوار سلبية في البلاد.

نؤكد أن وقف الحرب في اليمن وحل الأزمة الاقتصادية والسياسية وتنفيذ الإصلاحات الضرورية هو منطلق لتحقيق سلام شامل وكامل في البلاد، والمساهمة في إعادة الأمن والاستقرار والسلام للمنطقة والعالم، والتأسيس لمرحلة مهمة من الخير والوئام والتعايش المشترك، والانتصار للحق بما فيه سعادة البشرية، وبما يرضي الله تعالى.

السيد باسم فضل الشعبي
رئيس التيار الوطني للتصحيح والبناء
العاصمة عدن
13/10/2025

زر الذهاب إلى الأعلى