تعز: الحزب الاشتراكي يعود بقوة برؤية وطنية شاملة

اجنادين نيوز / ANN

حاوره: نجيب الكمالي – المدير التنفيذي لمركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام (عبر الاتصال الهاتفي)

بمناسبة الذكرى الـ47 لتأسيس الحزب الاشتراكي اليمني، والذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر، أجرى مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام، انطلاقًا من رؤيته الاستراتيجية في توثيق تاريخ القوى الوطنية، وخاصة تاريخ الحزب الاشتراكي اليمني باعتباره النواة الأولى لثورة 14 أكتوبر، حوارًا موسعًا مع سكرتير أول الحزب الاشتراكي في محافظة تعز، الأستاذ باسم الحاج.

ركز الحوار على مسيرة الحزب الطويلة ودوره التاريخي في الدفاع عن الاستقلال الوطني، وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وضمان المواطنة المتساوية، ومواجهة التحديات الوطنية الراهنة، خاصة في ظل الحرب والحصار الذي تعانيه محافظة تعز. كما سلط الضوء على الرؤية المستقبلية للحزب في تعزيز الوحدة الوطنية وتجاوز الانقسامات السياسية لتحقيق سلام دائم وبناء دولة حديثة متقدمة.

كيف تأسس الحزب الاشتراكي في ظروف تاريخية معقدة

تأسس الحزب الاشتراكي اليمني في مرحلة حرجة وصعبة من تاريخ اليمن، حيث كان البلد يرزح تحت إرث الاستعمار ومشاريع الانقسام والتفكيك، كما كانت القوى الوطنية تواجه تحديات داخلية وخارجية معقدة تتطلب وجود قوة سياسية منظمة وراسخة تمثل النواة الطليعية لمواجهة هذه التحديات.

منذ البدايات، لعب الحزب دورًا محوريًا في ترسيخ قيم الديمقراطية والمواطنة المتساوية، والحفاظ على الهوية الوطنية الجامعة، والدفاع عن مكتسبات ثورة 14 أكتوبر، التي كانت نقطة تحول تاريخية، وأظهرت قدرة الشعب اليمني وقياداته على مواجهة الاستعمار وابتكار تجارب سياسية واجتماعية فريدة رغم محدودية الموارد.

كان الحزب في هذه المرحلة حاضنة للأفكار التقدمية والشبابية، ومختبرًا لتجارب جديدة في الحكم والمشاركة الشعبية، مع الالتزام بمبادئ العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. كما شكل درعًا ضد الانقسامات الإقليمية والمذهبية، وقدم نموذجًا للقيادة الوطنية الطامحة إلى بناء دولة حديثة متقدمة.

كيف تعافى الحزب في محافظة تعز وأعيد بناء هيكله التنظيمي

أكد باسم الحاج أن المنظمة الحزبية في تعز تشهد مرحلة تعافي مستمرة على المستويين التنظيمي والسياسي بعد فترة طويلة من الانقسامات الداخلية والتحديات الناتجة عن الحرب والحصار.

وأوضح أن إعادة النشاط الحزبي لم تقتصر على فتح المكاتب فقط، بل امتدت إلى إعادة بناء الهيكل التنظيمي على مستوى كل المديريات، مع مراعاة التمثيل العادل للشباب والنساء، ما يعكس التزام الحزب بالمشاركة المجتمعية وتمكين الطاقات الشبابية في صنع القرار السياسي والتنفيذي.

وأشار إلى أن الانتخابات الأخيرة لهيئات المنظمة في أغسطس 2020 شكلت خطوة نوعية نحو استعادة الفاعلية التنظيمية، حيث بلغت نسبة تمثيل الشباب والنساء 67%، وهو مؤشر على التزام الحزب بالمبادئ الحديثة للتمكين السياسي. كما تم إعادة تفعيل اتحاد الشباب الاشتراكي اليمني في عدة مديريات ليكون منصة حيوية للشباب لتطوير مهاراتهم السياسية والاجتماعية والمشاركة الفاعلة في صياغة مستقبل المحافظة.

وأضاف الحاج أن الإقبال الكبير من المثقفين والفنانين والطلاب وكافة الفئات الشعبية يعكس ثقة المجتمع في قدرة الحزب على تقديم قيادة نزيهة وفعالة، قادرة على مواجهة التحديات المستمرة، والمساهمة في إعادة بناء مؤسسات الدولة والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

ما هي المبادرات السياسية والخدمية التي أطلقتها المنظمة

أوضح باسم الحاج أن محافظة تعز تُعد المركز الأكثر نشاطًا سياسيًا في اليمن، وأن المنظمة أنتجت خلال السنوات الماضية مجموعة واسعة من المبادرات والمواقف والرؤى السياسية والخدمية والتنموية، التي تهدف إلى مواجهة آثار الحرب والحصار، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة.

وأشار إلى أن المنظمة أطلقت مبادرات لتطبيع الأوضاع الأمنية والسياسية، ودمج المكونات العسكرية الشرعية ضمن المؤسسات الرسمية، كما قدمت رؤى تفصيلية لحل قضايا المياه والكهرباء، وإصلاح السلطة المحلية، وضبط توزيع المساعدات الإنسانية، وتعزيز الاعتماد على الموارد الذاتية ضمن رؤية تنموية مستدامة.

وأكد الحاج أن هذه الجهود تهدف إلى مكافحة الفساد، وإنهاء آثار الحصار، وبناء الثقة بين المواطنين والدولة، كما شدد على حرص الحزب على تطوير علاقاته مع المكونات السياسية والمدنية والنقابية والشبابية والنسوية لتعزيز الإرادة الشعبية وتحقيق تطلعات المواطنين، مع التركيز على بناء شراكات وطنية حقيقية بعيدًا عن الانقسامات والمصالح الفئوية الضيقة.

كيف تأثرت الحياة الاجتماعية نتيجة الحرب والحصار

تطرق باسم الحاج إلى الأثر الاجتماعي للحرب والحصار على المواطنين، مشيرًا إلى أن توقف الخدمات الأساسية وصعوبة التنقل وظهور جماعات مسلحة منفلتة ألقى بظلاله على الحياة اليومية للسكان، وأدى إلى تفكك مؤسسات الدولة.

رغم ذلك، شهدت المحافظة تعافيًا نسبيًا على مستويات مختلفة، وما زال هناك حاجة لمزيد من العمل المدني والسياسي لإحداث إصلاحات واسعة واستعادة الخدمات الحيوية.

وأشار الحاج إلى أن المنظمة لم تكتف بالمراقبة، بل شاركت في الحراك المدني الاحتجاجي السلمي، معتبرة أن الغضب الشعبي يعكس احترام المجتمع للقيادات النزيهة والكفؤة. وفيما يتعلق باغتيال الأستاذة أفتهلن المسهري، مدير صندوق النظافة، وصف الحاج الجريمة بأنها تعكس الحاجة الملحة لإصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية، وإجراء محاكمات عادلة، مع الحفاظ على سلمية الاحتجاج لتحقيق إصلاحات حقيقية ومستدامة في مؤسسات الدولة.

ما هي الرسالة الوطنية للحزب في هذه الذكرى

أكد باسم الحاج أن ثورة 14 أكتوبر تمثل انتصار الإرادة الوطنية على الاستعمار والانتصار للهوية الوطنية الجامعة والسيادة الوطنية، وقدمت درسًا عظيمًا في قدرة الشعوب المكافحة وقياداتها على ابتكار تجارب إنتاجية رغم شح الموارد، ومواجهة الاستبداد بمختلف أشكاله.

وأشار إلى أن ذكرى تأسيس الحزب تحث على مواصلة الكفاح ضد مشاريع التجزئة والتفكيك، وحماية المكاسب الوطنية، ومواجهة محاولات العودة إلى فترات الاستبداد والرجعية، والحفاظ على المكتسبات التي تحققت منذ الاستقلال.

كيف يمكن مواجهة الانقسامات السياسية المستمرة

أوضح الحاج أن استمرار الانقسامات السياسية التي عززت انقلاب الحوثيين يعود إلى مشاريع تشبه الانقلاب في النزعة الاستبدادية والسعي وراء مصالح ضيقة والانخراط في مشاريع خارجية لتفتيت الوحدة الوطنية.

وأشار إلى أن درس ثورة أكتوبر يتمثل في استدعاء قيم الاستقلال ومناهضة الاستبداد، وبناء تحالفات نزيهة بين النخب الطليعية والشعب، وإقامة علاقات خارجية متوازنة، مع تعزيز النهوض التقدمي للشعب بعيدًا عن الانقسامات والمصالح الضيقة.

ما هي الدروس المستفادة من حرب صيف 1994

تطرق باسم الحاج إلى الحرب على الجنوب في صيف 1994، والتي أدت إلى تقويض المشروع الوطني الديمقراطي وتدمير الوحدة الوطنية نفسيًا وماديًا، وتهديد مكتسبات ثورة أكتوبر.

وأوضح أن أهم الدروس المستفادة هي أن الوحدة أو الانفصال لا يمكن تحقيقهما بالقوة أو الدم، بل عبر الشراكة والمصالح المشتركة، وإعادة الاعتبار للجنوب من خلال البناء على المكتسبات التاريخية ومراجعة الأخطاء السابقة، وأن أي خيارات سياسية مستقبلية يجب أن تكون من خلال حوار وطني شامل يراعي مصالح المواطنين ويضمن مشاركتهم.

كيف يمكن لليمنيين تجاوز الانقسامات الحالية

أكد الحاج أن اليمنيين قادرون على تجاوز الانقسامات وتحقيق مستقبل مستقر، بشرط بناء كتلة تاريخية تشمل الأحزاب والمكونات السياسية والمدنية والنقابية والشبابية والنسوية، لإنهاء الحرب وإرساء السلام العادل والمستدام، وإعادة بناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة، مع الالتزام بقيم ثورة أكتوبر من استقلال وسيادة وديمقراطية وحقوق الإنسان ومواطنة متساوية.

كيف يوازن الحزب بين المبادئ الوطنية والواقع الراهن

أوضح الحاج أن المنظمة توازن بين الالتزام بالمبادئ الوطنية والذكريات النضالية، وبين مواجهة تحديات الحرب اليومية، من خلال برامج إصلاحية وسياسية وخدمية متوازنة، مع إشراك المجتمع المدني والمكونات الشعبية في تطوير حلول عملية لمواجهة التحديات الراهنة وتحقيق إصلاحات ملموسة.

ما هو موقف الحزب من الشهداء والخسائر المدنية

أكد الحاج أن سقوط الضحايا المدنيين نتيجة الحرب يجب مواجهته عبر إصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية، والقبض على المطلوبين أمنياً، وإجراء محاكمات عادلة، مع تعزيز حماية المدنيين وتحقيق العدالة للضحايا، معتبرًا أن استشهاد الشخصيات الوطنية يمثل نموذجًا للالتزام في حماية الوطن والمجتمع.

كيف يرى الحزب توحيد الصف الوطني

اختتم باسم الحاج حديثه بتوضيح الرؤية الاستراتيجية لتوحيد الصف الوطني، والتي ترتكز على:

إنهاء الحرب وضمان عدم تكرّرها عبر حوار وطني شامل لكل المكونات السياسية والمدنية لبناء السلام العادل والشامل والمستدام.

إدراج القضية الجنوبية العادلة ضمن الإطار التفاوضي لإعادة الاعتبار للجنوب وحماية حقوق مواطنيه.

دمج العدالة الانتقالية في العملية التفاوضية وضمان مشاركة الضحايا بشكل فعال وعادل.

الاستناد إلى مخرجات الحوار الوطني الشامل والمرجعيات الوطنية كأساس لأي تسوية سياسية، لضمان توافق وطني شامل.

إصلاح العلاقات مع الإقليم بما يضمن المصالح المشتركة وعلاقات الجوار، مع تعزيز الاستقرار والأمن الإقليمي.

مرحلة انتقالية كافية لإنجاز مهامها تتوج بإعداد الدستور والاستفتاء عليه، ثم إجراء انتخابات حرة ونزيهة تعكس إرادة الشعب، مع ضمان مشاركة جميع المكونات الوطنية بشكل متوازن.

كلمة أخيرة من باسم الحاج

في هذه المناسبة الوطنية، أكد الحاج أن الحزب الاشتراكي اليمني في تعز يواصل مسيرته بثبات وعزيمة، ملتزمًا بمبادئه الوطنية والتاريخية، مؤمنًا بأن استعادة الدولة وبناء السلام العادل والمستدام يتطلب مشاركة حقيقية لكل القوى الوطنية، وانخراط الشباب والنساء والمجتمع المدني في صنع القرار.

وأوضح أن ذكرى ثورة 14 أكتوبر وتأسيس الحزب تذكرنا دائمًا بأن الوحدة الوطنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ليست شعارات، بل مسؤوليات يومية يجب العمل من أجلها. نحن نعتبر كل تحدٍ فرصة لتعزيز التماسك الاجتماعي والسياسي، ومواجهة الانقسامات التي تهدد وطننا، بروح وطنية عالية ورؤية واضحة لمستقبل اليمن.

وفي الختام، قال الحاج إن الحزب الاشتراكي سيبقى ملتزمًا بدوره التاريخي في حماية مكتسبات الوطن، وتعزيز الهوية الوطنية الجامعة، ودعم السلام والتنمية، وتحقيق العدالة والمواطنة المتساوية لكل اليمنيين.

زر الذهاب إلى الأعلى