البرلمان ليس منظمة مجتمع مدني

اجنادين نيوز / ANN
عبد العزيز حسين علي
يتسابق اليوم ما يقارب 7929 مرشح للمنافسة على 329 مقعد في مجلس النواب العراقي في الانتخابات البرلمانية المزمع اقامتها في 11 تشرين الثاني 2025 بحسب اخر احصائية نشرتها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وعند النظر في نوعية النشاطات التي يقوم بها بعض المرشحين للدعاية والترويج حول برامجهم الانتخابية نلاحظ وقوع العديد منهم في إشكالية فهم نوعية الدور و المهمة فضلا طبيعة الشخصية التي ينبغي ان يكون عليها من يريد تحمل هذه المسؤولية الجسيمة و تمثيل الشعب تحت قبة البرلمان فتجدهم في دوامة الخلط بين العمل الذي تضطلع به منظمات المجتمع المدني من تقديم خدمة عامة لفئات مجتمعية مستهدفة حسب طبيعة الغرض الذي اسست من اجلها ( تنومي ، ثقافي ، رياضي ، صحي ، بيئي ، …الخ) وبين المبادئ و الأهداف والفكرة السياسية التي يجب ان يحملها المرشح الحقيقي في هذا السباق والتي عادة ما تكون مستوحاة من دراسة عملية للواقع الاجتماعي لتحديد ما يحتاجه البلد من مقومات بحسب النظريات العلمية في إدارة الدول الاقتصادية الناجحة من جهة و استيعاب ما يعانيه أفراد الشعب من هموم وويلات من جهة أخرى .
المرشح الذي يستحق فعلا تمثيل الشعب تحت قبة البرلمان او ممارسة العمل الحكومي بالمعنى الواسع يحتاج في واقع الامر الى أهلية خاصة تجمع بين الفكر السياسي و التاريخي واستيعابه للمفاهيم الإدارية والتنظيمية والنظريات المعنية بهذا الخصوص فضلا عن حمله لثقافة عامة تشتمل على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والمهارات القيادية الاخرى ، حيث ان وجود هذه التشكيلة في ذهنية الفرد تؤهله حقا لان يكون قادرا على صنع قرارات من شأنها بناء البلد ؛ لكن هذا الفعل من وجهة نظري لا يتحقق ابدا من خلال الافراد المستقلين هنا وهناك وان حملوا هذه الصفات بل يحتاج الامر الى خلق حزب او كيان تنظيمي رصين يحمل هذه الرؤى والأفكار ويمتلك أدوات عملية في التطبيق للأمور التي مر ذكرها .
ان المتابع العاقل اليوم عندما يشاهد أسماء المرشحين ويتابع سيرهم ويطلع على لقاءاتهم في التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي يشعر بحالة من الاستياء يصل الى حد الاشمئزاز من وضاعة تفكير بعضهم و انعدام ثقافتهم العامة فضلا عن التصرفات الصبيانية والمراهقة من تركيب بعض المشاهد و وضع الاغاني والاهازيج الهابطة على الصور والمقاطع وما الى ذلك مما يسيء لهذه العملية الواعية وكأن الامر عبارة عن ( فزعة ) و محتوى تيك توك او تمثيلات عديمة الفائدة.
ختاما أقول ، نحن بحاجة الى ثورة ثقافية شاملة وإعادة النظر والتفكير العميق لفهم انفسنا أولا وضبط سلوكياتنا الاجتماعية والسياسية ثانيا والتفكير في إيجاد نظام تمثيلي مغاير تماما ينسجم مع الظروف العراقية الخاصة بكل ما تحمله من ارث وتعقيد حتى نكون قادرين على افراز طبقة تطور البلد وتقوده نحو بر الأمان دائما.



