جين بيركن… أيقونة الحرية التي صنعت أسطورة من الرغبة والتمرد

اجنادين نيوز / ANN
منقول

في صيف سان تروبيه عام 1968، وبين مشاهد فيلم La Piscine لجاك ديري، ولدت صورة أخرى لجين بيركن، صورة المرأة التي ستصبح أيقونة لا تنسى في السينما والموسيقى والحياة البوهيمية الفرنسية. بيركن لم تكن مجرد ممثلة إنجليزية اقتحمت الساحة الفرنسية، بل جسدت تحولا جماليا وفكريا في تمثلات الأنوثة والرغبة والحرية، حتى أصبحت رمزًا يتجاوز الأفلام التي شاركت فيها.

عرفها الجمهور أولًا من خلال أفلام أثارت الجدل مثل Blow-Up لأنطونيوني، الذي كشف جرأتها الفنية وجعلها الوجه الجديد لجيل يبحث عن كسر التقاليد. ثم ستجد نفسها في فرنسا، حيث سيقترن اسمها بفيلم La Piscine إلى جانب رومي شنايدر وآلان ديلون، وهناك تكرست صورتها كرمز للإغواء الممزوج بالبراءة، الفتاة التي تجمع بين النعومة البريطانية والجرأة الفرنسية. لم تكن بيركن ممثلة تقليدية، بل كانت شخصية تعيد اختراع نفسها باستمرار، متمردة على القيود، تبحث عن أدوار لا تتوافق دائمًا مع مقاييس البطولات النسائية الكلاسيكية.

علاقتها العاطفية مع سيرج غينسبورغ صنعت أسطورة أخرى، علاقة متوترة ومليئة بالشغف، عُرفت بمزيج من الفن والحب والصراع. الثنائي أطلق واحدة من أكثر الأغاني إثارة للجدل في تاريخ الموسيقى الفرنسية Je t’aime… moi non plus، أغنية تحولت إلى مانيفستو للحرية الجسدية والجرأة في التعبير عن الرغبة. بيركن لم تخف يومًا أنها كانت تعيش حبها بصدق، وأن علاقتها بسيرج لم تكن مجرد قصة رومانسية، بل تجربة كاملة بين العاطفة والفن، بين الإبداع والفضيحة.

لكن خلف الأضواء كانت بيركن تحمل نظرة فلسفية خاصة للسينما والحياة. كانت ترى الفن امتدادًا للوجود الإنساني، وسيلة لفهم الذات والعالم، أكثر من كونه مهنة أو واجهة للشهرة. تحدثت مرارًا عن قناعتها بأن السينما ليست فقط للتسلية بل للكشف عن هشاشة الإنسان، عن رغباته وخوفه من الوحدة. هذه النظرة جعلتها تختار أدوارًا تبدو أحيانًا ثانوية لكنها محمّلة بالمعنى، مثل ظهورها في Death on the Nile أو تعاونها مع المخرجين الفرنسيين الذين رأوا فيها وجهًا غير متكرر، امرأة تمثل نفسها بصدق، بعيدًا عن الأقنعة.

أسرار حياتها لم تكن غائبة عن الصحافة، من تقلباتها العاطفية إلى علاقاتها المليئة بالشغف، لكنها كانت دائمًا ترفض أن تُختزل في تلك التفاصيل، مؤكدة أن حياتها الخاصة ليست سوى امتداد لبحثها عن الحرية. كانت جين بيركن امرأة تسعى لأن تحيا دون خوف، أن تغني وأن تمثل وأن تحب كما تشاء، حتى ولو دفعت ثمن ذلك في شكل فضائح أو انتقادات.

اليوم، تبقى جين بيركن في الذاكرة أكثر من مجرد ممثلة أو مغنية، بل حالة فنية وإنسانية استثنائية، امرأة جسدت الحرية بكل تناقضاتها، وحوّلت جروحها الشخصية إلى أسطورة يتردد صداها بين السينما والموسيقى والحياة نفسها.

زر الذهاب إلى الأعلى