كفى !!

اجنادين نيوز / ANN
سمير السعد
في زمنٍ اختلط فيه بريق الزائف بأصالة الحقيقي، وصار الوهم يُقدَّم على أنه حقيقة لامعة، يقف المجتمع أمام تحدٍ خطير يتمثل في سطوة المحتوى الهابط. لم يعد الأمر مجرد مقاطع عابرة على منصات التواصل، بل تحوّل إلى ظاهرة تُغري الشباب وتُوجّه أنظارهم نحو حياة مصطنعة، غايتها الأولى التسويق والربح، لا بناء الفكر ولا خدمة المجتمع.
قبل فترة، أطلق ناشطون حملة واسعة لإلغاء متابعة من يُسمّون أنفسهم “مشاهير”، حملة أثبتت أن صوت الناس قادر على التغيير، وأن الوعي الجمعي أقوى من أي وهم يتم تسويقه. هؤلاء الذين استهزأوا بقيم البلد وتقاليده، وعبثوا بذائقة الأجيال، لا يستحقون إلا موقفا حازما يوقف تفاهتهم عند حدها.
انتشار “البلوكَرات” اليوم ليس وليد الصدفة ، بل جزء من صناعة مدروسة تقوم على لفت الأنظار وتسويق أنماط حياة بعيدة كل البعد عن الواقع. السيارات الفارهة والمجوهرات اللامعة التي ترافق صورهم، ليست سوى إعلانات مدفوعة أو دعم خفي من جهات تبحث عن تلميع وتسويق. إنهم دمى تُحرَّك بخيوط، يُغيَّر مظهرها بين ليلة وضحاها حسب ما يريده المموِّل، وما يُراد تمريره من رسائل.
وهنا تكمن خطورة الأمر _ حين يُخدع الشباب بمظاهر زائفة، ويُصدِّقون حياة ليست لهم، يفقدون البوصلة بين الواقع والخيال، وينجذبون وراء بريق كاذب لا يؤدي إلا إلى فراغ.
الخلاصة، أن حماية المجتمع تبدأ من الوعي، والوعي يبدأ من كل فرد. مسؤوليتنا اليوم أن نشكّل جبهة صلبة ضد المحتوى الهابط، وأن نمدّ يد الدعم للمبدعين وأصحاب الفكر الهادف. العقوبة لا تكفي وحدها إن لم يصاحبها موقف شعبي رافض ومتابعة ناقدة. ولعل العقوبات الصارمة التي تمتد لسنوات، لا لأشهر، تكون درسا يردع كل من يحاول المتاجرة بعقول الأجيال.
فلنكن أوفياء لقيمنا، حريصين على مستقبل أولادنا، داعمين لكل محتوى يصون الأخلاق ويُعزز الهوية. فالتفاهة إلى زوال، لكن الوعي باقٍ ما بقينا متمسكين به.