أجنادين نيوز /ANN

كتبت/ منال علي.. عضو الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب العرب اصدقاء وحلفاء الصين فرع جمهورية مصر العربية

مازالت العين على بكين التي تعد حجر الزاوية والرقم الاصعب في مجموعة البريكس والتي مازالت ترى في البريكس الركيزة الأثقل في مواجهة النزاعات الترامبيه التي تلوح دائما بالتهديد بفرض مزيداً من التعريفة الجمركية الإضافية على كل من يطبق سياسات كتلة البريكس أو يهدد النظام الذي فرضته أمريكا على العالم وحدها. إنها المنظمة التي منذ أن تأسست كانت قد وضعت اللبنة الأولى لبناء صرحاً دولياً جديداً يهدف إلى ترسيخ مبدأ المساواة والعدالة في مجال الاقتصاد والتجارة العالمي. فكان من أهم بنود توصيات مجموعة البريكس هذا العام في ريو دي جانيرو هو استخدام كل بلد من أعضاء منظمة البريكس عملتها الوطنية في التعاملات التجارية ومشاريعها الاقتصادية فيما بينها من تبادلات تجارية.

فانطلق السهم من القوس وقضي الأمر الذي فيه ترامب وحكومته يستفتيان .. وانطلقت الضربة التي تزلزل الدولار بعدما أشعلت بريكس المواجهة ضد ترامب ومهدت لأوروبا بأن تشهر سلاحها بوجه أمريكا بمقترح اوروبي لإنشاء منظمة تجارية عالمية بدون الولايات المتحدة الأمريكية لتكون بديلاً عن منظمة التجارة العالمية. حيث جاء على لسان المستشار الألماني فريدريش ميرتس، بأن ذلك الاقتراح هو مبادرة أوروبية خالصة لتجنب الحصار الأمريكي المفروض عليها، والالتفاف على ترهات ترامب المالية لضمان علاقات تجارية دوليه أكثر تنظيماً بعيداً عن سلاح أمريكا المسلط، بفرض عقوبات تحت مسمى التعريفات الجمركية والرسوم المتبادلة.

المواجهة الحاسمة

أتى تحالف {بريكس} ليُعلن الحرب على هيمنة الدولار ، وقد دقت ساعة الصفر لتشهد الأيام المقبلة أخطر مواجهة إقتصادية في العصر الحديث بين
الولايات المتحدة بقيادة ترامب {الذي هدد بفرض رسوم جمركية 100% على دول بريكس} من جهة.
وتحالف بريكس {البرازيل، روسيا، الصين، الهند، جنوب إفريقيا + 10 دول شريكة مثل مصر وإيران} . فخرج إجتماع قادة بريكس في ريو دي جانيرو، في موعده المقرر، لإطلاق خطة {ريو ريسيت} أو نظاماً جديداً لقلب نظام المال العالمي. وذلك عبر الإجراءات الأربعة التي ستُدمر هيمنة الدولار وهي:
١ – التجارة بالعملات المحلية.
بمعنى (إلغاء إستخدام الدولار في التبادل التجاري بين أعضاء التحالف)؛ على سبيل المثال لا الحصر:
مصر تشتري نفطاً من روسيا بالجنيه المصري أو بالروبل الروسي .
أو أن تستورد الهند من الصين بالروبية أو اليوان الصيني.
ثانياً: إطلاق عملة رقمية موحدة؛
أي عملة رقمية مشتركة تسمى “بريكس باي” [لكنها ليست بديلة للعملات الوطنية] .
ثالثاً: آلية العمل تأتي عبر:
– التعامل باليوان الرقمي [الصين] .
– التحويل بالروبل الرقمي [روسيا] .
وذلك بهدف خفض الاعتماد على الدولار بنسبة تصل إلى 30% بحلول عام 2027.
كما تضمن الآلية تفعيل {بنك التنمية الجديد}
وتحويله لمنافس للبنك الدولي وصندوق النقد من خلال منح قروض بالعملات المحلية [بدون دولار]، وذلك مقابل شروط ميسرة بفائدة [1% مقابل 5%] في البنك الدولي وفتح الإنضمام لدول جديدة. وأخيراً اعتماد نظام تحويل أموال بديل {لـسويفت} .
وهكذا يكون قد تم إنشاء منصة جديدة لنقل الأموال بعيداً عن النظام الغربي وهذا يعد مخرجا سهلاً بعيداً عن مبدأ القوة أو بالأحرى عن نظام لوي الأذرع كوسيلة لإضعاف موقف الدول ماليا أمام امريكا.

وهنا يبرز التساؤل حول تأثير تلك الإجراءات التي اتخذتها مجموعة البريكس وعلى رأسها الصين، حاملة شعلة النضال ضد التعريفات الأمريكية الجائرة، ونقول إن الأثر يتبلور في الآتي:

١-تحييد العقوبات الأمريكية [مثل العقوبات على إيران] .
٢- كسر إحتكار التحويلات المالية الدولية.
(وما تحويه من صدمة كبرى بإعادة هيكلة الديون)
٣- تحويل ديون الدول الأعضاء من الدولار إلى العملات المحلية.
ومثال على ذلك قرض محطة الضبعة النووي المصري -الروسي المقدر ب[25 مليار دولار] والذي كان مقرراً أن يُسدد بالدولار ، لكن بعد القرار الجديد سيكون السداد بالروبل الروسي فقط.

وتعد تلك الضربات ضربات قاتلة للدولار، لأن ذلك ببساطة يعني تراجع مهول في النفوذ الأمريكي وفقاً لإحصائيات تعكس حجم قيمة الاعتماد على الدولار قديمًا وما كانت تشكله نسبة استخدام ذلك السلاح الأمريكي المشهر في وجه العالم عبر التبادلات التجارية وحركة التجارة عالمياً. فمثلاً في عام 2000 كان الدولار يشكل نسبة 71.5% من إحتياطيات العالم النقدية. أما في عام 2024 فقد انخفض إلى 58.4%. والتوقعات تشير إلى هبوط بنسبة 40% تقريباً بحلول 2030 ، عند استمرار دول البريكس في ذلك النهج الجديد مع تطوير آليات عمل جديدة لضبط حركة التحرير التجاري بين الدول الأعضاء أو خارجها بما يضمن كسر هيمنة، ما أسمته أمريكا ظلما وجورا وفسادا، نظاماً عالمياً أصبح الآن في مهب الريح بيدها أولا لا بيد دول البريكس.

وهنا لا حاجة للبحث عن أسباب تلك التداعيات أو أسباب الإنهيار الحاصل حالياً للوضع الراهن، بالنسبة للدولار، لأنها واضحة للعيان وهي تبدأ أولا من سياسات ترامب العشوائية [كالرسوم الجمركية التخريبية]، فقدان الثقة في السندات الأمريكية، فضلاً عن إتساع نطاق بريكس ليشمل 45% من سكان الكرة الأرضية.
أما عن تأثيرات الزلزال الإقتصادي المتوقعة فهي كالاتي
– إنهيار سوق السندات الأميركية .
– تضخم يصعب السيطرة عليه بسبب طباعة المزيد من الدولارات. وزيادة تضخم الذات الأمريكية التي ستنعكس عبر فرض مزيد من العقوبات على الأطراف المعنية بتغيير النظام القديم.
أما على الجانب الآخر من شرق الكرة الأرضية، حيث تشرق شمس الازدهار والتقدم على من ناضل للوصول إلى ذلك النصر، وهي دول البريكس دون منازع والتي ستشهد:
أولا- إستقرار أسعار العملات المحلية.
ثانياً – تحرر من شروط صندوق النقد المجحفة.

وفي المقابل ربما يحدث نوعاً من الإضطرابات العالمية قصيرة المدى في تذبذب سعر النفط أو أسعار الغذاء، لكنها سرعان ما ستنتهي وينتظم الوضع المالي العالمي بإعادة رسم خريطة القوى الاقتصادية وتقويض الاحتكار الأمريكي للتمويل الدولي، إيذاناً بمولد نظام مالي عالمي جديد من شأنه تمكين الدول النامية من التحكم بثرواتها، وإرساء قواعد نظام مالي متعدد الأقطاب. وهكذا سيكون التاريخ شاهدا على انبثاق نظام عدالة اقتصادية جديد يكون، أخيراً، ملاذاً آمنا نحو الوصول إلى ميزان عدل يحقق التوازن المطلوب.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى