المشهد السياسي العراقي قبيل انتخابات 2025: تحولات داخلية: صعود القوى الناشئة وتراجع التقليدية

اجنادين نيوز / ANN

بقلم: محمد الزبيدي

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية في أواخر عام 2025، يبدو أن العراق يقف على أعتاب مرحلة سياسية جديدة، تتسم بتغييرات داخلية عميقة وضغوط إقليمية ودولية متزايدة. تتداخل في هذه المرحلة عوامل متعددة، من بينها الانقسامات الحزبية، صعود القوى الناشئة، والتأثيرات الجيوسياسية في المنطقة، مما يجعل من الانتخابات القادمة محطة حاسمة في تحديد مستقبل البلاد.
برزت تحالفات محلية جديدة بقيادة شخصيات مستقلة، مثل “تحالف الأساس” بقيادة محسن المندلاوي، الذي يضم 22 حزبًا وحركة سياسية ناشئة. رغم أن هذا التحالف لم يحقق نتائج كبيرة في الانتخابات المحلية السابقة، إلا أن مراقبين يرون فيه نواة لتحول سياسي محتمل في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
من جهة أخرى، شهدت الانتخابات البرلمانية السابقة بروز حركات سياسية جديدة استغلت احتجاجات تشرين 2019، مثل حركة “امتداد”، التي فازت بتسعة مقاعد في البرلمان. إلا أن هذه الحركات واجهت تحديات كبيرة، بما في ذلك ضعف التنظيم الداخلي، والانقسامات، والافتقار إلى الخبرة السياسية، مما أدى إلى تراجع تأثيرها في الساحة السياسية. كما أن بعض هذه الحركات تعرضت للانتقادات بسبب عدم مصداقيتها, وانخراطها في الجو السياسي الفاسد. مما أدى إلى خيبة أمل بين مؤيديها. فشلت في تلبية تطلعات المواطنين، مما أدى إلى تراجع شعبيتها.
في هذا السياق، فإن التراجع المتسارع في أداء القوى السياسية التقليدية، واهتزاز ثقة الشارع بالوجوه المألوفة، فتح المجال أمام قوى سياسية ناشئة لتفرض حضورها كبديل حقيقي. ويأتي في مقدمة هذه القوى “تحالف الأساس”، بقيادة السياسي الشاب محسن المندلاوي، الذي لا يُنظر إليه كمجرد مرشح صاعد، بل كمشروع سياسي مختلف يحمل في طياته مزيجًا من الفهم العميق للواقع العراقي، والحكمة الاقتصادية، والقدرة على الإدارة الاستراتيجية.
يمتلك المندلاوي خلفية اقتصادية وإدارية قوية، مكنته خلال السنوات الماضية من فهم طبيعة الأزمة البنيوية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، كما أظهر في مداخلاته البرلمانية ومقابلاته الإعلامية قدرة واضحة على تشخيص مكامن الخلل واقتراح حلول واقعية قابلة للتطبيق. ليس هذا فحسب، بل إن ما يميز تجربته السياسية هو نزوعه الوطني العابر للطائفية والمناطقية، وتوجهه الواضح نحو بناء دولة مؤسسات لا دولة أشخاص.
الأكثر أهمية أن تحالفه لم يُبنَ على شعارات فارغة أو تحشيد عاطفي، بل على أسس مهنية واضحة، تجلت في استقطابه شخصيات مؤثرة ومتخصصة في مجالات الإدارة العليا، وإدارة الأزمات الاقتصادية، والسياسات العامة. وهي كفاءات يُجمع المراقبون على أن المرحلة المقبلة تحتاجها بإلحاح، في ظل تحديات معقدة على مستوى الأمن الغذائي، والتضخم، والبطالة، والحوكمة الرشيدة.
لذلك، فإن “تحالف الأساس” لا يقدم نفسه كبديل انتخابي فقط، بل كمشروع وطني تنموي يعيد رسم العلاقة بين المواطن والدولة، ويستند إلى الكفاءة والبراغماتية والإرادة في التغيير. في بلدٍ أنهكته الصراعات والهدر وسوء التخطيط، باتت مثل هذه النماذج ضرورة وطنية لا خيارًا إضافيًا.
على الصعيد الدولي، تتجه الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم دورها في العراق، حيث تم الاتفاق على خطة لسحب القوات الأمريكية تدريجياً بحلول نهاية عام 2026، مع الحفاظ على بعض القوات لدعم العمليات ضد تنظيم الدولة الإسلامية. هذا التحول في السياسة الأمريكية قد يفتح المجال أمام قوى سياسية جديدة لتعزيز حضورها في الساحة العراقية، خاصة تلك التي تتمتع بدعم شعبي وتسعى إلى تحقيق الإصلاح.
يشهد المشهد السياسي العراقي اليوم تحولات مهمة مع تراجع القوى التقليدية وصعود تحالفات ناشئة مثل “تحالف الأساس” بقيادة محسن المندلاوي، الذي يجمع بين الحكمة الاقتصادية والتوجه الوطني الصادق. المندلاوي استقطب خبراء في الإدارة العليا وأزمات الاقتصاد، ما يجعل تحالفه نموذجًا للإصلاح والتغيير الحقيقي في ظل تحديات العراق الاقتصادية والسياسية.
لكن نجاح هذا التحول يرتبط بوعي الناخب العراقي، الذي يجب أن يختار الكفاءة والنزاهة بعيدًا عن الولاءات الضيقة، ليمنح العراق فرصة لبناء مستقبل جديد ومستقر. المستقبل ينتظر قرارًا واعيًا وصحيحًا من كل مواطن.

زر الذهاب إلى الأعلى