أهمية قروض المشاريع الصغيرة للشباب البصري وتداعيات توقفها

اجنادين نيوز / ANN

فاطمة حسين العامري

تُعد قروض المشاريع الصغيرة من أهم الوسائل الاقتصادية والاجتماعية لدعم فئة الشباب في محافظة البصرة، حيث تعاني هذه الشريحة من ارتفاع معدلات البطالة، وقلة الفرص الوظيفية، وضيق سبل العيش. وقد جاءت هذه القروض لتشكل حلاً واقعياً وفعالاً لتمكين الشباب من دخول سوق العمل من أوسع أبوابه عبر تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة، تكون منطلقاً لتحقيق الاكتفاء الذاتي والمساهمة في نمو الاقتصاد المحلي.
لقد أفادت هذه القروض الشباب على مستويات متعددة. أولاً، منحتهم الفرصة للخروج من دائرة البطالة إلى فضاء العمل والإنتاج، وخلقت حالة من الاعتماد على الذات بدل الاعتماد على التوظيف الحكومي. ثانياً، ساهمت في بناء الثقة بالنفس، إذ شعر الشباب أن بإمكانهم تحقيق النجاح إذا توفرت لهم الأدوات اللازمة. وثالثاً، مكنت العديد منهم من تطبيق ما تعلموه في الجامعات والمعاهد عملياً، خاصة في مجالات الزراعة، الحرف، تكنولوجيا المعلومات، والخدمات. كما أن بعض المشاريع التي بدأت صغيرة بفضل هذه القروض تطورت لاحقاً إلى مؤسسات متوسطة وفّرت فرص عمل لآخرين، مما ساعد في تخفيف العبء عن الدولة.
أضف إلى ذلك، أن هذه القروض ساعدت في تحريك رؤوس الأموال داخل المجتمع المحلي، ودفعت الشباب إلى التفاعل مع السوق، وفهم آلياته، وتطوير مهاراتهم المالية والإدارية. كما أسهمت في الحد من المشكلات الاجتماعية مثل الجريمة والتسرب من التعليم والإدمان، إذ وفرت بديلاً إيجابياً يسهم في تحسين الواقع المعيشي والنفسي والاجتماعي.
لكن مع كل هذه الفوائد، فإن توقف هذه القروض أو تعثر وصولها إلى الشباب يمثل خطراً كبيراً على مستقبل هذه الفئة وعلى المجتمع ككل. فهو يؤدي إلى تجميد الطاقات الكامنة، ويعزز مشاعر الإحباط واليأس، ويخلق فجوة بين الشباب والدولة من جهة، وبين الأحلام والواقع من جهة أخرى. كما أن التوقف ينعكس سلباً على الحركة الاقتصادية، ويحد من التنوع في السوق، ويعزز سيطرة أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، مما يُفقد الاقتصاد المحلي مرونته وتوازنه.
إن دعم قروض المشاريع الصغيرة ليس مجرد سياسة مالية، بل هو رؤية تنموية عميقة تهدف إلى بناء جيل قادر على العمل والإبداع والمساهمة الفعالة في خدمة مجتمعه. لذلك، فإن أي استراتيجية تنموية حقيقية يجب أن تضع هذه القروض في مقدمة أولوياتها، وأن تُرفقها ببرامج تدريبية وإرشادية تساعد الشباب على التخطيط والإدارة والتسويق، لضمان نجاح مشاريعهم واستمراريتها.
في الختام، إن قروض المشاريع الصغيرة هي طوق نجاة للعديد من الشباب في البصرة، وهي تمثل أداة فعالة لمحاربة الفقر والبطالة وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وغيابها يعني ضياع فرص ثمينة لبناء مستقبل أكثر إشراقًا لهذه الفئة الحيوية في المجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى