“ترشيح بلا إعداد”

اجنادين نيوز / ANN

سمير السعد

بينما تشتد حرارة السباق الانتخابي وتتعالى النداءات ببرامج التغيير، تقف بعض الأحزاب عاجزة عن مجاراة متطلبات المرحلة، فتلجأ إلى الدفع بمرشحين غير مؤهلين، لا يمتلكون الحد الأدنى من أدوات الخطاب السياسي، ولا يملكون رؤية واضحة تلامس هموم الناخب. وبهذا، تتحول العملية الانتخابية إلى مشهد عبثي تكثر فيه الشعارات وتغيب الكفاءات.

من أبرز الأخطاء التي تكررها بعض الأحزاب، وخاصة في الأنظمة السياسية غير المستقرة أو تلك التي تعاني من ضعف البنية التنظيمية، هو ترشيح أفراد لمجرد الولاء الحزبي أو العلاقات الشخصية، دون مراعاة للكفاءة السياسية أو التأهيل الخطابي. هؤلاء المرشحون غالبًا ما يُزجّ بهم إلى المنصات العامة دون تدريب، ليواجهوا جمهورًا متعطشًا للحلول بلغة خشبية لا تقنع ولا تُحرّك ساكنًا.

هذا القصور لا يمر دون ثمن. فكل مرشح ضعيف الأداء، يعكس صورة سلبية عن حزبه، ويفتح المجال واسعًا أمام المنافسين لاقتناص الفرص، خصوصًا إذا كانوا أكثر تماسكًا في خطابهم، وأكثر قربًا من لغة الشارع وهموم الناس. وقد يتحول هذا الفشل الفردي إلى فشل جماعي يفقد الحزب وزنه في المشهد الانتخابي برمّته.

تزداد الخطورة حين يتحول الخطاب الانتخابي إلى عبارات مستهلكة أو وعود غير واقعية، فيفقد الناخب الثقة في الجميع، لا فقط في المرشح، بل في العملية السياسية ككل. عندها، لا يكون الإخفاق مجرد خسارة مقعد، بل انتكاسة للثقة العامة ومساهمة مباشرة في تعميق فجوة الانفصال بين المواطن والسياسة.

إن ترشيح الأفراد مسؤولية لا تقل أهمية عن إدارة السلطة ذاتها. فالمشاركة في الانتخابات لا تعني فقط ملء القوائم، بل تتطلب تخطيطًا، واختيارًا دقيقًا، وتأهيلاً يليق بوعي الناخبين وتطلعاتهم. وحين تفشل الأحزاب في إعداد مرشحيها، فهي لا تخسر فقط أصواتًا، بل تخسر احترام الناس وثقتهم، وتترك فراغًا تملؤه أصوات الخصوم بخطاب أقوى وتنظيم أفضل. فهل تعي الأحزاب أن بناء القاعدة الجماهيرية يبدأ ببناء مرشح قادر على الإقناع قبل الترشح؟

زر الذهاب إلى الأعلى