لماذا لَم يَمت الحزب الشيوعي الصيني ؟!

اجنادين نيوز  / ANN

رؤية حرة

بقلم: منصور ابو العزم

*تعريف بالكاتب: حاصل على بكالوريوس الآداب في كلية الإعلام في جامعة القاهرة في عام 1984، وشهادة الماجستير في كلية العلاقات الدولية من الجامعة الدولية اليابانية عام 2000. بدأ يشتغل في صحيفة ((الأهرام)) عام 1984، وتولى منصب نائب رئيس التحرير لذات الصحيفة عام 2005، وتولى منصب رئيس التحرير لجريدة ((الوسط)) الكويتية في الفترة ما بين عامي 2008 و2009، وفي عام 2010 تولى منصب رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة ((الأهرام)).

في أعقاب انتهاء الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي الشيوعي والمعسكر الغربي الرأسمالي، في عام 1989، بانهيار الشيوعية وانتصار الغرب وتفكيك دول الاتحاد السوفييتي سابقًا، ماتت أحزاب شيوعية كثيرة واختفت، حتى الأحزاب التي صَمدت أمام التيار الجارف تضاءل دورها بشدة في الحياة السياسية والاجتماعية في كثير من المجتمعات، وتقلّص عدد ممثليها في البرلمانات بصورة غير مسبوقة. وعلى سبيل المِثال، فإن الحزب الشيوعي الياباني كان في عام 1979 يمتلك نحو 39 مقعدًا في البرلمان الياباني، ويُطلق عليه اسم «الدايت» في سابقة تاريخية، ولكن بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي بثلاث سنوات فقط، تراجع العَدد بصورة مذهلة إلى 15 مقعدًا فقط، وهكذا كان وضع الكثير من الأحزاب الشيوعية في آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا. وكذلك، تراجع دور الأحزاب الشيوعية في العدد القليل من الدول العربية التي سمحت بقيام مثل تلك الأحزاب، مثل مصر، والعراق، وسورية، والسودان، وكاد بعضها يموت..
إلا أن اللافت للأنظار، أن الحزب الشيوعي الصيني الذي تأسـس فى عام 1921، نجح في مواصلة مسيرته وقاد الدولة الصينيّة من نجاح إلى آخَر، حتى حقَّقت الصين إنجازات مُبهرة في مجالات التقدم الصناعي والاقتصادي والتكنولوجي على مدى الـ 40 عامًا الماضية، مِمَّا دفع الكثير من المراقبين إلى التساؤل: لماذا لم يمت الحزب الشيوعي الصيني أو ينتهى دوره في المجتمع مثل باقي الأحزاب الشيوعية في العالم بعد الحرب الباردة.. خاصةً وأن الخلافات والتقلّبات التي عصفت بالحزب على مدى تاريخه المئوي كانت كثيرة وعنيفة، وظن البعض بأن انتهاء الحرب الباردة قد يُقضى عليه، لكنه ظل صامدًا، بل وحقَّق نجاحات أكبر بعد أن طوَّر قادته سياسات تُساير التطورات العالمية حتى احتار الكثيرون وتساءلوا: هل هذه سياسات شيوعية أم رأسمالية.. وهل الصين أصبحت دولة رأسمالية يَحكمها حزب شيوعي اسمًا فقط ؟!
أعتقد بأنه ليست الإنجازات الاقتصادية والتكنولوجية وحدها، أو حتى الاستقرار والأمن والمحافظة على وحدة البلاد التي حققها قادة الحزب للشعب، ولا الحياة المُرفَّهة التي أصبح الصينيون ينعمون بها بعد طول مُعَانَاة من الفقر، ولكن الحزب الشيوعي الصيني حافظ على مسيرته وتواجده لأنه نجح في التغلغل في حياة كل صيني، فهو موجود في كل نشاط اقتصادي واجتماعي وثقافي ورياضي، يَلمسَه المواطن بكل قوة في حياته اليومية، وهو الحزب الشيوعي الوحيد في الحياة السياسية في الصين.

زر الذهاب إلى الأعلى