72 عاما حافلا بالمنجزات العظيمة

أجنادين نيوز  /ANN

بقلم: الإعلامية المصرية منال علي

خريف هذا العام يشهد تلأْلأ نجم الصين في سماء العالم ليعكس وجهها الحضاري، من خلال سعيها الدؤوب إلى تحقيق “النهضة العظيمة للأمة الصينية”.
في عيدها القومي ترفع الصين من مكانتها عالميا و تحفر بنجاح بصمة حريرية ذات طابع جيوسياسي في مواجهة التحديات المفروضة عليها، و ظهرت تجليات تعزيز بكين لدورها الإقليمي والدولي عبر صفقات و اتفاقات تجارية ضخمة منذ العام المنصرم، حيث ساهمت الصين بشكل أساسي في إنجاح أكبر تكتل تجاري في العالم عندما وقعت ١٥ دولة من منطقة أسيا و المحيط الهادئ في أكتوبر الماضي من عام ٢٠٢٠ أكبر اتفاق للتجارة الحرة على مستوى العالم و يعد، في نفس الوقت، مقوِّم رئيسي لشراكة اقتصادية إقليمية شاملة، و يضم عشر دول في جنوب شرق آسيا إلى جانب الصين و اليابان و كوريا الجنوبية و نيوزيلندا و استراليا و كان وقتها المبدأ الثابت و الذي قامت على أساسه تلك الاتفاقية هو الإيمان بأن التعددية هي الطريق الأمثل و الاتجاه الصحيح لبوصلة التقدم الاقتصادي الإقليمي و العالمي و للبشرية كلها.
و كما يمتد جِسر تشينج تشو بطول ١١٣٠ مترا في الهواء و يصل ارتفاعه الى ٤٠٦ مترا و يُعد بذلك أطول من كل مباني المانيا، و بالتالي فهو يتفوق على جسر جولدن جيت (Golden Gate ) الشهير في سان فرانسيسكو الأمريكية و هو الجسر الاكثر شهرة بالعالم، لكنه يجب أن يعترف بالهزيمة فارتفاعه لا يتعدى ٢٢٧ مترا فقط حتى و إن بقي أكثر طولا، فقد يكون لذلك مدلولا بضرورة اقتناع بعض الدول بأهمية التعاون المشترك لضمان أن يبقى العمل داخل إطار المنافسة و ليس الصراع و عليه يجب الاعتراف بأن المقارعة مع الصين في منطقة المحيطين الهندي و الهادئ و حول قضايا التجارة و حقوق الإنسان المزعومة لن تجدي نفعا و لن تخلف سوى الحرب الباردة أو على أحسن تقدير سيترتب عليها عالم منقسم إلى تكتلات جامدة لا فائدة أو نفع من وراءها.
و على الجانب الآخر جاء الإفراج عن مينج وانزو المديرة المالية لشركة هواوي الصينية العالمية عملاقة الاتصالات الحديثة ليزيد من أجواء الهدوء و التفاهم الإيجابي لخلق بيئة اقتصادية ملائمة أملا في استمرار معدل النمو للناتج المحلي للصين ليصل في الربع الأخير من العام ٢٠٢١ إلى ٧.7 في المائة. و جاء ذلك عقب النجاح الذي حققته قمة اليوبيل لقادة دول منظمة شنغهاي للتعاون التي انعقدت في دوشنبيه يومي 16,17من شهر سبتمبر الماضي من العام الحالي 2021 و التي احتفلت هذا العام بالذكرى العشرين على تأسيسها مؤكدة على أنها منظمة ديناميكية و مؤسسة دولية رائدة منذ اليوم الأول ليس فقط على المستوى الاقليمي، بل على المستوى العالمي أيضا و كانت قد اختتمت منظمة شنغهاي للتعاون بالمصادقة على إطلاق عملية انضمام إيران رسميا الى عضويتها وسط ترحيب بمنح صفة شريك حوار لكل من مصر و قطر و المملكة العربية السعودية. و يعد ذلك مكسبا دولياً كبيرا لهذه الدول حيث أن منظمة شنغهاي التي تضم الصين و روسيا كقوتين عالميتين يسهم بشكل كبير في تحول المنظمة إلى واحدة من النماذج الجديدة للمنظمات الدولية الرائدة في القضايا العالمية.
كما أن أنشطة منظمة شنغهاي للتعاون لا تركّز فقط على القضايا السياسية و لكن أيضا على العلاقات الاقتصادية، و قد تم اعتماد خطط للتعاون الاقتصادي الطويل الأجل بين الدول الأعضاء تهدف إلى تسهيل التبادل الحر للسلع والخدمات و التكنولوجيا المعلوماتية الصحية بالإضافة إلى زيادة القدرة على مكافحة الجريمة و الحد منها بما يسهم في بناء بيئة أمنة تسمح بالتعاون المثمر في مجالات الثقافة و التعليم و العلوم و التقنيات الحديثة و التكنولوجيات المتقدمة. كما شكلت أفغانستان جزءا مهما من محاور القمة الرئيسية، سيما و أن عودة حركة طالبان إلى سدة الحكم كان محور قلق عالمي يحيطه حذر إقليمي و دولي و كذلك بعض النتائج السلبية التي ترتبت على السياسة الأمريكية داخل أفغانستان على مدار عقدين من الزمان و كنتاج للانسحاب الأمريكي الغير منظم و العشوائي و الذي تسبب في إحداث فوضى عارمة كما تسبب في سقوط ضحايا من المدنيين الابرياء، و بناء عليه تقرر إمداد أفغانستان بحفنة مساعدات إنسانية عاجلة و تعهدت الصين بدورها بتقديم مساعدات إنسانية واجتماعية بقيمة 200 مليون يوان صيني، بما يعادل 30.7 مليون دولار، كانت أول دفعة من المساعدات الإنسانية العاجلة من مساعدات الصين الى كابول قد وصلت يوم الخميس الماضي الموافق 30سبتمبر 2021 وسط سعادة من المسؤولين الأفغان و كان قد صرح خليل الرحمن حقاني ، القائم بأعمال وزير اللاجئين و المرحلين الأفغاني أنه سيتم توزيع المساعدات على المحتاجين الأفغان حيث تشمل المساعدات بطانيات و ملابس دافئة توزعها السلطات المختصة على النازحين مع اقتراب فصل الشتاء. و قال السفير الصيني في كابول وانغ يو أن هذه المساعدات تدل على الصداقة العميقة التي تربط الشعبين الصيني و الأفغاني و تدل على دور الصين الحقيقي كدولة مهمة، و كانت الصين قد تعهدت في وقت سابق بتزويد الشعب الأفغاني ب 1.5 مليون دولار معونة غير مشروطة بالإضافة إلى مليون جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا (كوفيد_١٩).
و يأتي العيد القومي في الاول من أكتوبر مع ذلك كله و يبدوا الصينيون غير مباليين بأي ما كان اسمه صراعا ام منافسة في ظل هذه الأيام الرائعة و التي تشمل كافة مظاهر الفرح والسرور بالألوان الاحتفالية الخاصة بأعيادهم القومية مع الحفاظ على العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية الخاصة بهم ، ففي مثل هذه الأيام من كل عام يحرص الصينيون على لم شمل الأسرة و التمتع بالقمر و تناول ما يعرف بكعك القمر بالإضافة للفاكهة الطازجة التي تكثر في ذلك الموسم الزراعي المزدهر مما يشجع العائلات على التجمع و التمتع بمظاهر العيد في ذلك الجو المليء بالبهجة و السعادة فنجد الكثير منهم يمارسون الألعاب و ينظمون الأنشطة للتمتع بسحر و جمال السماء الصافية و نور البدر الذي ينير مدنهم و يضيف إليها روحا من التفاؤل والامل متطلعين لآفاق جديدة نحو مستقبل أكثر إشراقا و منجزات أكثر فعالية.
و لا عجب أن نجد مظاهر الاحتفال في كل الأراضي الصينية تحظى باهتمام العديد من المتابعين و كذلك العوام حول العالم مما يعكس جمال و تنوع و تفرد تلك الاحتفالات عن غيرها، و مما يزيدها تميزا أنها ترسخ لواحدا من أعمق المعاني الإنسانية و هي تعليم ثقافة وفنون التواصل و التعاون الأسري و تعميق مفهوم الترابط و الوحدة بين أبناء الأسرة الواحدة لأنه مع اختلاف و تنوع الاعياد و الاحتفالات، نجد أن القاسم المشترك بينهم جميعا هو الحرص على لم شمل الأسرة حتى في السنوات الأخيرة و برغم الظروف الاستثنائية التي يفرضها فيروس كورونا المستجد لتصبح محاطة أكثر بالحذر و بالتدبير الاحترازية تجنبا لحدوث أية تداعيات أو موجات تفشي جديدة بعد النجاح الكبير في انحسار المرض بفضل الإجراءات المشددة و تلقي الشعب اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد بصورة احترافية مما جعل الصين تتصدر موقعا عظيما بين دول العالم في تحقيق أكبر انجازا في نسبة تلقي اللقاح المضاد لكوفيد_١٩ ، الأمر الذي مكنها من تصدر قائمة الدول الأكثر أمنا و معافاة من ذلك المرض الذي ضرب العالم دون هوادة و في وقت تكابد فيه العديد من الدول من معاناة التصدي لذلك المرض إلا أن الصين و بفضل المجهودات المبذولة من قبل مؤسسات الدولة قد تمكنت من بسط سيطرتها الكاملة على ذلك المرض و العمل على انحساره بطرق علمية حديثة تتضمن سبل و وسائل تكنولوجية متطورة جدا ساهمت في إثارة فضول كبار الباحثين حول العالم عن كيفية التعامل مع الأمر و طبيعة تطور القدرة البحثية للصين و التي مكنتها من إتمام هذا العمل بتلك الطريقة التنظيمية المبهرة، الأمر الذي جعلها محط أنظار العالم و يؤهلها بجدارة و استحقاق لاستضافة دورة الألعاب الشتوية المقبلة بعد بضعة أشهر قليلة.
من الجدير بالذكر أن جمهورية الصين الشعبية سوف تستضيف دورة الألعاب الشتوية المقبلة و المقررة أن تقام في الفترة من ٤ إلى ٢٠ فبراير ٢٠٢٢ تحت شعار ” معا من أجل مستقبل مشترك”، و ستكون بكين هي أول مدينة تستضيف دورتي الالعاب الصيفية و الشتوية تجسيداً للشعار السابق “عالم واحد، حلم واحد” و الشعارين يرمزان ليس فقط لتجسيد مفهوم المشاركة و لكن أيضاً يعكس التطلعات المشتركة لكل دول العالم للانضمام معا لتحقيق مستقبل أفضل و تعاونا بناء لتدارك ما يحدث بسبب الجائحة العالمية و سبل مكافحتها.
و على هذا الأساس يجرى الأن تنظيم أنشطة مختلفة للترحيب بالعد التنازلي ل٢٠٠ يوم للألعاب الشتوية (بكين ٢٠٢٢).

زر الذهاب إلى الأعلى