الصين… القوة التي تذهل العالم وتضعه في صدمة مستمرة

أجنادين نيوز / ANN

بقلم نجيب الكمالي – رئيس دائرة العلاقات العامة بالاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين أصدقاء وحلفاء الصين

في العقدين الأخيرين، أصبح صعود الصين السريع والمذهل على جميع الأصعدة ظاهرة لا يمكن تجاهلها. بلد يزيد تعداد سكانه عن مليار نسمة تحوّل بسرعة من اقتصاد ناشئ يعتمد على التصنيع التقليدي إلى قوة عالمية متعددة الأبعاد، تواكب العالم في التكنولوجيا، الاقتصاد، البنية التحتية، الطاقة، وحتى المجال العسكري والنووي.

العالم يراقب بدهشة كيف استطاعت الصين تحقيق قفزات نوعية في مجالات شتى. مشاريع ضخمة مثل مبادرة الحزام والطريق، وشبكات النقل العملاقة، والموانئ الذكية، جعلت الصين مركزًا محوريًا للتجارة العالمية، ورفعت مكانتها الاقتصادية على نحو غير مسبوق. في الوقت نفسه، الابتكارات في مجالات الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، الحوسبة فائقة السرعة، والطاقة المتجددة، جعلت الصين تتفوق على الكثير من الدول المتقدمة في سرعة تطبيق التكنولوجيا الحديثة على أرض الواقع.

حتى المجال العسكري لم يسلم من هذه المعجزة الصينية؛ فالصين بنت ترسانة نووية متطورة، وطورت صواريخ بعيدة المدى دقيقة التوجيه، وبنية دفاع جوي وبحري متقدمة، مما جعلها تواكب القوة النووية الأمريكية والروسية، بل يثير قلقهما أحيانًا. هذا التطور لا يُقاس فقط بالعدد، بل بالتقنيات الحديثة التي تمنحها قدرة غير مسبوقة على الردع والمناورة الاستراتيجية، وهو ما يجعلها لاعبًا صعب المراس على الساحة الدولية.

جذور القوة الصينية تعود إلى انفتاح الاقتصاد الصيني في الثمانينيات تحت قيادة دنغ شياو بينغ، الذي وضع خطة لتحديث الصناعة والزراعة والتكنولوجيا. لكن ما شهدناه منذ مطلع القرن الواحد والعشرين هو تسارع مذهل، جعل الصين تنتقل من دولة صناعية ناشئة إلى لاعب عالمي رئيسي في أقل من عقدين. الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، التعليم، والبحث العلمي جعلت النمو سريعًا ومستدامًا في الوقت نفسه، وهو نموذج يثير إعجاب العالم بأسره.

ما يدهش العالم حقًا ليس الإنجاز وحده، بل السرعة غير المسبوقة التي تُنفذ بها هذه المشاريع. في غضون سنوات قليلة، تستطيع الصين إنشاء جسور، مطارات، موانئ، ومدن ذكية، بينما تحتاج الدول الكبرى عقودًا لتحقيق مشاريع مماثلة. هذا التسارع يضع العالم كله في حالة صدمة مستمرة، ويجعل الجميع يعيد حساباته حول قدرات الصين ومكانتها المستقبلية.

السر يكمن في الجمع بين التخطيط طويل الأمد، التنفيذ الدقيق، والاستثمار الهائل في البشر والتكنولوجيا. الصين لا تعتمد فقط على الموارد الطبيعية أو التصنيع الرخيص، بل على الابتكار والبحث العلمي، ما يجعلها تتقدم في مجالات استراتيجية مثل الفضاء، الطاقة النووية، الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية.

وفي الجانب الاقتصادي، نجحت الصين في خلق سوق داخلي ضخم يدعم نموها، مع الانفتاح على التجارة العالمية بشكل ذكي يضمن لها موطئ قدم في كل قارة. كل هذا جعل الصين ظاهرة فريدة تجمع بين الحجم الهائل، السرعة المذهلة، والتكنولوجيا المتقدمة، في قالب واحد يترك العالم متفاجئًا ومندهشًا في كل لحظة.

اليوم، الصين لا تهدف فقط إلى النمو الاقتصادي أو العسكري، بل إلى إعادة رسم خارطة القوة العالمية. وقد وضعت العالم كله في موقف المدهش والمندّهش، حيث يتساءل الجميع: كيف ستتغير موازين القوى خلال العقد القادم؟ وهل ستصبح الصين القطب الأعظم القادم الذي يعيد تعريف القوة والسيطرة العالمية؟

الصين تذهل العالم يوميًا، وتضع الجميع أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها: العالم الذي نعرفه يتغير بسرعة، ووجوه القوة تتبدل، والصين هي محور هذا التحول المدهش والمذهل.

زر الذهاب إلى الأعلى