الصين تغادر الصمت: القوة العظمى الجديدة وصراع القرن مع أمريكا

اجنادين نيوز / ANN

بقلم: نجيب الكمالي، رئيس دائرة العلاقات العامة بالاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين، أصدقاء وحلفاء الصين فرع اليمن

لأول مرة بشكل صريح، أعلنت الصين عن نفسها كقوة عظمى، منهية سياسة التحفظ التي لطالما اعتمدتها والتي كانت تصف نفسها فيها بـ”أكبر دولة نامية في العالم” أو “قوة صاعدة”. تصريحات الرئيس الصيني خلال لقائه بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بأن “بكين وواشنطن يجب أن تتحملا المسؤولية بشكل مشترك كقوتين عظميين”، تمثل تحولًا جذريًا في السياسة الصينية، وإشارة واضحة إلى دخول بكين في الصدارة العالمية بشكل مباشر وعلني.

الصين اليوم ليست مجرد ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة، بل أصبحت لاعبًا مؤثرًا في كل مفاصل الاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة والفضاء. قطاعها التكنولوجي يتقدم بسرعة هائلة، مع استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي، الحوسبة الكمومية، وشبكات الجيل السادس للاتصالات، ما يجعلها منافسًا استراتيجيًا للولايات المتحدة في سباق الابتكار العالمي. في مجال الفضاء، تمكنت الصين من بناء شبكة فضائية مستقلة تشمل الأقمار الصناعية للاتصالات والمراقبة، بالإضافة إلى محطات فضائية وآليات استكشاف القمر والمريخ، ما يعزز مكانتها كقوة علمية وعسكرية في آن واحد.

أما في قطاع الطاقة، فتتوسع بكين بشكل غير مسبوق في الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية والرياح، إلى جانب مشاريع نفطية وغازية دولية تعزز نفوذها في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط. هذه الخطوات تجعل من الصين قوة اقتصادية وسياسية قادرة على التأثير المباشر في أمن الطاقة العالمي والأسواق الدولية.

الاعتراف الرسمي بالصين كقوة عظمى يعني أن النظام الدولي الجديد لن يكون أحادي القطبية بعد اليوم، بل ثنائي القطبية، حيث ستتوزع القوة بين واشنطن وبكين على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري. هذا التوازن يشبه مرحلة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، لكنه أكثر تعقيدًا بسبب العولمة، الترابط التكنولوجي، وأسواق الطاقة العالمية.

الصراع الأمريكي-الصيني سيكون محور القرن الحادي والعشرين، ليس فقط على الصعيد التجاري، بل أيضًا على التحكم في الابتكار التكنولوجي، الهيمنة الفضائية، وأمن الطاقة العالمي. المستقبل سيكشف قدرة كل طرف على حماية مصالحه وتأثيره على قواعد النظام الدولي، حيث لن تكون أي دولة قادرة على التحكم الكامل في مجريات العالم بمفردها.

الصين اليوم تغادر الصمت، وتعلن حضورها كقوة عظمى متكاملة، قادرة على التأثير على موازين القوة العالمية، وتهيئة مستقبل جديد ثنائي القطب، يتطلب من واشنطن، وبقية الدول، إعادة قراءة اللعبة الدولية بعقلية جديدة تتجاوز الانفراد بالقرار وتضع في الاعتبار شريكًا عالميًا منافسًا لا يمكن تجاهله.

زر الذهاب إلى الأعلى