الصين… من المجاعة إلى قوة عالمية ونموذج فريد للسلام والتنمية
اجنادين نيوز / ANN
بقلم نجيب الكمالي
رئيس دائرة العلاقات العامة بالاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين
أصدقاء وحلفاء الصين – فرع اليمن
قبل عقود قليلة كانت الصين تعيش عزلة قاتلة، ملايين البشر ماتوا جوعًا، وعبارة صنع في الصين كانت مرادفًا للبضاعة الرخيصة، لكن ما حدث بعد ذلك ليس مجرد تحول اقتصادي، بل ثورة استراتيجية شاملة قادها الحزب الشيوعي الصيني، وحوّل الصين من دولة زراعية متخلفة إلى قوة عالمية نموذجية تجمع بين القوة الاقتصادية والتأثير السياسي والاستقرار الاجتماعي
دينغ شياو بينغ فهم أن البقاء على النموذج التقليدي مستحيل، ففتح الباب أمام القطاع الخاص واستقطب الاستثمارات الأجنبية وأطلق مناطق اقتصادية خاصة مثل شنجن، التي أصبحت مختبرًا للتجربة الصينية الفريدة، مختبر يدمج الابتكار الاقتصادي مع القدرة على الحفاظ على النظام السياسي، ثم جاء انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، ليصبح اقتصادها الأسرع نموًا في التاريخ الحديث، ويؤكد قدرة الحزب على دمج القيادة القوية مع مرونة الاقتصاد
مع وصول شي جين بينغ دخلت الصين مرحلة جديدة من التحكم الذكي في الداخل والخارج، فقد أطلق الحزب حربًا على الفساد وأعاد ترتيب بيته الداخلي، وأطلق مشروع الحزام والطريق الذي يربط آسيا بأوروبا وإفريقيا ويعزز التنمية العالمية، في الوقت نفسه تقود الصين ثورة تكنولوجية غير مسبوقة في الذكاء الاصطناعي والأقمار الصناعية والحواسيب العملاقة، لتصبح قوة تنافس أمريكا ليس فقط اقتصاديًا ولكن تقنيًا واستراتيجيًا
اليوم تمتلك الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم باحتياطي نقدي يتجاوز ثلاثة تريليونات دولار، وأكبر جيش عدديًا، وشبكة ضخمة للبنية التحتية الحديثة، لكنها لا تستخدم قوتها فقط للهيمنة، بل لتقديم نموذج عالمي يجمع بين الاستقرار الداخلي والتنمية المستدامة والسلام الإقليمي والدولي، مشاريع كبرى مثل الحزام والطريق تظهر قدرة الصين على نشر التنمية عبر القارات وإقامة شراكات استراتيجية قائمة على التعاون والبناء بعيدًا عن الصراعات والحروب
الصين اليوم تثبت أن القوة ليست فقط في الاقتصاد أو الجيش، بل في القدرة على الدمج بين الثقافة والتكنولوجيا والاقتصاد والسياسة لتكون دولة قوية مسؤولة تقدم نموذجًا عالميًا للسلام والتنمية، ما يحدث في الصين اليوم ليس مجرد صعود لدولة، بل إعادة تعريف لمفهوم القوة في القرن الحادي والعشرين، نموذج يحتذى به للدول التي تسعى للسلام والاستقرار والنمو
