الإعلام بين النقل والتضليل

اجنادين نيوز / ANN
وسن زيدان
في الأساس، وظيفة الصحفي وخصوصا مقدمي البرامج، هي جمع الأخبار والمعلومات من مختلف الجوانب، ونقلها بموضوعية عبر وسائل الإعلام بهدف إعلام وتثقيف الجمهور وإطلاع الرأي العام، أي أنه (مجرد ناقل للحدث) لا أكثر. الصحفي ليس قاضياً ولا خصماً، بل وسيط بين الحقيقة والمتلقي، يضع الوقائع أمام الناس ويترك لهم مساحة التفكير وإصدار الحكم.
لكن ما نشهده مؤخرا في الساحة الإعلامية العراقية، خصوصا في البرامج السياسية والرياضية، يثير القلق. فقد تحول بعض مقدمي البرامج من ناقلين للحدث إلى متبنين لآراء شخصية، بل وأحيانا قضاة يوزعون الأحكام ويشخصنون النقاشات. والأخطر من ذلك أن بعضهم تجاوز أبسط أخلاقيات المهنة، وانزلق إلى الابتزاز الإعلامي والترويج لأجندات طائفية أو حزبية أو حتى شخصية، في انسجام تام مع توجهات القناة أو الممول. هذا الانحراف لا يمس فقط سمعة الإعلام، بل يهدد النسيج الاجتماعي ويضعف ثقة الجمهور بما يُعرض أمامه.
إذن، لا يمكن أن يبقى الإعلام العراقي ساحة سائبة بلا رقيب ولا حسيب، ولا يجوز أن يتحول بعض مقدمي البرامج إلى أدوات ضغط أو أبواق تابعة لهذا الطرف أو ذاك. فالمجتمع بحاجة إلى إعلام حر ومسؤول، يعكس هموم الناس ويطرح قضاياهم بموضوعية، لا إلى منابر تشعل الفتن وتغذي الانقسامات. إن وضع ميثاق شرف إعلامي صارم، وتفعيل الضوابط العقابية بحق كل من يسيء استخدام المهنة، أصبح ضرورة وطنية وأخلاقية. الإعلام ركيزة أساسية لبناء الديمقراطية وترسيخ ثقافة الحوار، وحين ينحرف عن مساره يفقد قيمته ودوره. لذلك فإن العودة إلى المهنية والالتزام بالحياد ليس خياراً ثانوياً ، بل واجب لحماية المجتمع وصون سمعة الإعلام، ولإعادة الثقة المفقودة بين المواطن والشاشة. الإعلام في جوهره صوت الحق، ومن يخذله يخون رسالته قبل أن يخون جمهوره.