تدخل الإمارات في السودان: انتهاك صارخ للعقوبات ولعب بالنار في القرن الإفريقي

اجنادين نيوز / ANN

سمير باكير، يكتب –

في خضمّ إحدى أعنف الأزمات الإنسانية في القارة الإفريقية، كشفت تقارير جديدة لمنظمة العفو الدولية عن دور مباشر ومدمّر تلعبه الإمارات العربية المتحدة في تسليح الميليشيات السودانية، خاصة «قوات الدعم السريع» (RSF). ووفقاً للتحقيقات الأخيرة للمنظمة، قامت الإمارات بانتهاك صارخ لحظر الأسلحة المفروض من قبل الأمم المتحدة، عبر إعادة تصدير أسلحة صينية متطورة إلى السودان، ما يمثّل دعماً عسكرياً واضحاً لقوات متهمة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان.

الإمارات: حليف عسكري أم فاعل مسبب للأزمات؟

نقل قنابل موجهة من نوع GB50 ومدافع هاوتزر عيار 155 ملم من الصين إلى السودان عبر الإمارات لا يعكس فقط تجاهلاً فاضحاً للقوانين الدولية، بل يكشف أيضاً عن سياسة ممنهجة لتغذية النزاعات المسلحة في المنطقة. هذه الأسلحة، التي تم استخدامها لأول مرة عملياً في السودان، تم إنتاجها حديثاً عام 2024، ما يؤكد أن عملية نقلها وتوريدها حديثة ومستمرة.

على الرغم من أن الإمارات موقّعة على معاهدة تجارة الأسلحة الدولية (ATT)، فإنها لا تحترم روح المعاهدة ولا التزاماتها. تسليح مجموعة مثل قوات الدعم السريع، المتورطة في أعمال اغتصاب جماعي، واستعباد جنسي، وتهجير قسري، ليس مجرد تجاهل، بل تواطؤ فاضح مع أطراف ترتكب جرائم ضد الإنسانية.

الصين: مزوّد صامت أم شريك في الجريمة؟

لا يمكن تجاهل الدور الصيني في هذه المعادلة. فشركة “نورينكو” المملوكة للدولة الصينية، والتي تنتج هذه الأسلحة، لم تستجب حتى الآن لاستفسارات العفو الدولية حول عمليات التصدير. إن مواصلة بيع الأسلحة للإمارات رغم سجلها المعروف بإعادة تصدير الأسلحة لمناطق النزاع، يضع الصين أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية، كونها تسهم بشكل غير مباشر في تأجيج النزاعات ودعم أطراف ترتكب جرائم حرب.

تقاعس مجلس الأمن: الفاعلون الإقليميون في مأمن من المساءلة

وفي ظل تقاعس مجلس الأمن عن توسيع نطاق حظر الأسلحة ليشمل كل السودان، تستغل دول مثل الإمارات هذا الفراغ القانوني وتواصل تسليح أطراف النزاع. وقد أظهرت الأدلة التي جمعتها العفو الدولية أن الأسلحة التي تركتها قوات الدعم السريع بعد انسحابها من الخرطوم مطابقة لتلك التي استوردتها الإمارات من الصين عام 2019، ما يؤكد استمرار هذا الدعم العسكري.

السودان: ضحية الصراعات الإقليمية بالوكالة

لم تكن هذه أول مرة تستخدم فيها الإمارات سلاحها الدبلوماسي والعسكري لإعادة تشكيل التوازنات في المنطقة، كما فعلت في اليمن وليبيا. والآن في السودان، يظهر الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع كمحاولة لإعادة صياغة المعادلات السياسية والعسكرية الداخلية في هذا البلد المنكوب، على حساب دماء المدنيين ومصير الدولة السودانية.

دعوة لوقف تصدير الأسلحة للإمارات

في ظل هذه الحقائق، يصبح مطلب منظمة العفو الدولية بوقف تصدير الأسلحة إلى الإمارات مطلباً مشروعاً وعاجلاً. ويجب على كل الدول المصدّرة للسلاح أن تشترط ضمانات واضحة من الإمارات بعدم إعادة تصدير الأسلحة إلى مناطق النزاع، وخاصة السودان، وإلّا فإنها تُعتبر متواطئة في ارتكاب الجرائم ضد المدنيين.

لا مفر من المساءلة

على المجتمع الدولي أن يختار بين المصالح الاقتصادية الضيقة وبين تحمّل مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية. إن الصمت والتقاعس عن اتخاذ إجراءات صارمة ضد الدول التي تخرق الحظر وتدعم الميليشيات سيجعل من السودان سابقة خطيرة، تُكرّر في أماكن أخرى من إفريقيا، وتحوّل القارة إلى ساحة مفتوحة لحروب بالوكالة وجرائم بلا عقاب.

زر الذهاب إلى الأعلى