خور عبد الله: ملف السيادة والمراجعة القانونية للاتفاقيات الدولية في ضوء اتفاقية فيينا

اجنادين نيوز / ANN
فاطمة حسين العامري
يُعد خور عبد الله من الممرات البحرية الحيوية الواقعة ضمن الحدود الجغرافية لجمهورية العراق، لما له من أهمية استراتيجية واقتصادية بارزة، إذ يُشكل نقطة ربط رئيسة بين الموانئ العراقية – وفي مقدمتها ميناءا أم قصر وخور الزبير – والخليج العربي، ما يجعله منفذًا بحريًا مهمًا لحركة التجارة والاستيراد والتصدير. وعليه، فإن لهذا الممر دورًا أساسيًا في دعم الاقتصاد الوطني وترسيخ مفاهيم السيادة البحرية للدولة العراقية.
ورغم هذه المعطيات، أثارت اتفاقية “تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله”، التي وُقعت بين العراق ودولة الكويت عام 2013، نقاشًا واسعًا في الأوساط القانونية والسياسية، خاصةً مع ما رافق توقيعها من ظروف سياسية حساسة. فقد جرى توقيع الاتفاقية في مرحلة انتقالية عقب سنوات من التحديات الأمنية والسياسية، وهو ما يدعو إلى إعادة تقييم سياق وظروف التفاوض والتوقيع، وفقًا لما يكفله القانون الدولي من أدوات مراجعة قانونية للمعاهدات.
في هذا الإطار، تبرز أهمية المادة (50) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969، والتي تنص على أنه: “إذا ثبت أن التعبير عن رضا الدولة بالالتزام بمعاهدة قد تم الحصول عليه نتيجة قيام الدولة المتفاوضة الأخرى بشكل مباشر أو غير مباشر برشوة ممثل تلك الدولة، فإن للدولة الحق في الاحتجاج ببطلان المعاهدة.” وهذا النص يُعد قاعدة قانونية دولية تتيح للدول، في حال توافر أدلة قانونية موثقة، المطالبة بإعادة النظر في المعاهدات المشوبة بعيوب في الإرادة أو تأثرها بعوامل غير مشروعة.
وقد عبرت بعض الأطراف السياسية والبرلمانية في العراق عن مطالبات بإجراء مراجعة للاتفاقية المشار إليها، استنادًا إلى ما وصفوه بوجود تساؤلات تتعلق بظروف توقيعها، داعين إلى تحقيقات شفافة من قبل الجهات الرقابية المختصة، كالمجلس النيابي والهيئات القانونية المعنية بالشأن الخارجي.
وفي ضوء ذلك، فإن من حق العراق – وفق ما تنص عليه اتفاقية فيينا – أن يطلب مراجعة أي اتفاقية دولية إذا تبين وجود خلل جسيم في عناصر التفاوض أو انعدام الشفافية أو تأثر الإرادة بعوامل خارجية. وتُعد السبل القانونية، ومنها التحكيم الدولي أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، أدوات مشروعة يُمكن اللجوء إليها ضمن إطار القانون الدولي، من أجل حماية المصالح الوطنية.
إن ملف خور عبد الله لا يرتبط فقط بالسيادة الجغرافية، بل يتصل أيضًا بمبدأ الشفافية والمسؤولية القانونية في إدارة الملفات الخارجية، وهو ما يتطلب من المؤسسات العراقية الرسمية – التنفيذية والتشريعية والقضائية – التعامل مع هذا الملف بدقة ووفق الإجراءات القانونية السليمة، بما يحفظ حقوق العراق، ويصون سيادته، ويضمن احترام الاتفاقيات الدولية في ضوء القواعد المعترف بها دوليًا