قمة مجموعة “بريكس” وإصلاح النظام المالى العالمى

أجنادين نيوز / ANN
الدكتورة كريمة الحفناوي عضو الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكناب العرب أصدقاء وحلفاء الصين رئيس فرع جمهورية مصر العربية

تُشكِّل مجموعة البريكس المرجع الرئيسى فى تكوين نظام دولى جديد، أكثر عدلاً وإنسانية وإنصافاً، مما يعزز عالم متعددالأقطاب والمراكز، والذى تنشده البشرية، ولقد انضمت مصر إلى تجمع بريكس عام 2023. ومن الملاحظ أن مجموعة البريكس، تسعى إلى التبادل التجارى بين أعضائها بالعملة المحلية، كاليوان الصينى، والروبل الروسى، والروبية الهندية، وذلك لتقليص الهيمنة العالمية للدولار، والتخلص من إرهاب العملة، والعقوبات التى تفرضها أمريكا وحلفائها من الدول الأوروبية، ومن أجل توافر شروط تجارية عادلة، ونفوذ اقتصادى أكبر لدول البريكس فى مواجهة الغرب.
ولقد أصدر “بنك التنمية الجديد” التابع لمجموعة البريكس قبل يوم من انعقاد القمة (الخامسة عشرة) فى أغسطس 2023، سندات بعملة جنوب أفريقيا المحلية (الراند) لأول مرة، فى إطار مساعى المجموعة، لزيادة وجود بنك التنمية الجديد (تم إنشاؤة عام 2014)، فى أسواق رأس المال المحلية للدول الأعضاء، وهذة الخطوة تعتبر ضربة قوية لمؤسسات التمويل العالمية، وفى مقدمتها صندوق النقد الدولى، حيث أن سياسة بنك التنمية الجديد تقوم على مساعدة الدول وليس إغراقها بالديون، وهذا يخفف الضغط على الدولار، وبالتالى تظهر كيانات اقتصادية قوية، قادرة على منافسة صندوق النقد الدولى، مما يضعف القوة المسيطرة المهيمنة والمتحكمة فى العملية الاقتصادية على مستوى العالم.
كما وافقت القمة التى انعقدت فى عام 2023 على انضمام ستة دول كأعضاء جدد (مصر والسعودية وإيران وإثيوبيا والإمارات والأرجنتين)، وبذلك تضم مجموعة دول البريكس مع الأعضاء الجدد 46% من سكان العالم (3,3 مليار نسمة) وما يقرب من ثلث الاقتصاد العالمى،
كما تضم 30% من إجمالى مساحة العالم، وبالنسبة للتجارة تمثل هذه الدول مجتمعة 18% من الصادرات العالمية، ولقد عززت دول بريكس تعاونها الاقتصادى وعلاقاتها التجارية، عبر مسارات متعددة، منها اتفاقيات التجارة الحرة، والاستراتيجيات الموجهة نحو التصدير، بما فى ذلك الإعفاءات الجمركية، وخفض التعريفة الجمركية، وتيسير التجارة عبر مختلف قطاعات السلع والخدمات.
إن أحد القرارات الهامة لتجمع بريكس هو التعامل بين دول المجموعة بالعملات المحلية، من أجل إزاحة سيطرة الدولار الأمريكى فى السوق العالمى، حيث أن المجموعة لديها القدرة على التأثير بشكل كبير، على النظام الاقتصادى والجيوسياسى العالمى، خاصة من خلال تغيير توازن القوى، وخلق المزيد من الفرص للدول النامية، والعمل على الحد من السياسات الرأسمالية الجديدة المعسكرة والمتوحشة التى تعمل على إفقار الدول النامية من ناحية وزيادة ثروات الدول الكبرى من ناحية أخرى.
وفى القمة ال 17 لمجموعة “بريكس”، والتى انعقدت فى مدينة ريو دى جانيرو بالبرازيل يومى 6 و7 يوليو 2025، بحضور دول المجموعة، ودولة اندونيسيا (التى انضمت هذا العام لتجمع بريكس كعضو كامل العضوية). أكدت هذه القمة على التعاون بين البنوك المركزية لدول المجموعة مع تمكين التسويات بالعملة المحلية بين الدول الأعضاء.
وأشادت جمهورية مصر العربية فى كلمتها على لسان رئيس وزرائها على دور “بنك التنمية الجديد” فى توفير التمويل المُيسَّر وخاصة بالعملات المحلية و”منصة الاستثمار الجديدة” التابعة له بهدف تنفيذ استثمارات مشتركة بين مؤسسات القطاع الخاص، كما أكدت مصر على أنها تؤمن بضرورة تعزيز النظام متعدد الأطراف، وفى قلبه الأمم المتحدة لمواجهة التحديات المتصاعدة والمتعددة الجوانب فى طريق تحقيق التنمية المستدامة.
ويجدر الإشارة إلى أن بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أظهرت ارتفاع حجم التبادل التجارى بين مصر ومجموعة دول بريكس إلى 50,8 مليار دولار خلال عام 2024، مقابل 42,5 مليار دولار عام 2023، بنسبة ارتفاع تصل 10,6 %، حيث خلال عام 2024 بلغت صادرات مصر 9.4 مليار دولاربينما بلغت واردات مصر من دول المجموعة 41,4 مليار دولار.
ولقد هدد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بفرض جمارك إضافية بنسبة 10% على أى دولة تصطف مع السياسات المعادية لواشنطن التى تنتهجها دول بريكس.
وردا على تهديدات ترامب، أكد الرئيس الروسى بوتين رفضه لهذه التهديدات، وقال “إن دول بريكس تتعاون فيما بينها بناءً على مصالحها المشتركة، وأن التعاون بين دول بريكس ليس موجهاً ضد دول أخرى”.
كما أعلنت وزارة الخارجية الصينية، رفضها للتهديدات الأمريكية باستخدام الرسوم الجمركية كأداة ضغط، وأكدت أن الحروب التجارية لا رابح فيها، داعية إلى الحوار كوسيلة لحل الخلافات.
ويجىء اجتماع دول بريكس هذا العام فى وقت يعانى فيه العالم، من أزمات اقتصادية حادة، ومن صراعات وحروب، تسببت فى الهجرة غير الشرعية، وتهجير السكان من أوطانهم فى صورة لاجئين، مما يهدد السلام العالمى.
وقال قادة دول بريكس فى إعلان مشترك عقب أعمال اليوم الأول للقمة “نحث كل الأطراف على الانخراط بحسن نية فى مفاوضات، لتحقيق وقف فورى ودائم وغير مشروط فى قطاع غزة، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من القطاع والأراضى الفلسطينية المحتلة”.
كما نددت دول بريكس بالضربات العسكرية ضد إيران معتبرةً أنها انتهاك للقانون الدولى، وأعربت المجموعة عن قلقها الشديد، إزاء التعريفات الجمركية التى أعلنها الرئيس ترامب، واعتبرتها المجموعة أنها غير قانونية وتعسفية وتعطيل لسلاسل التوريد، وتضر بالاقتصاد العالمى بما فية الولايات المتحدة الأمريكية.
إننا نرحب بما جاء فى البيان الختامى لمجموعة دول بريكس من التأكيد على أهمية مزيد من التعاون بين دول المجموعة بالعملة المحلية، لتحقيق التنمية لدول الجنوب والرخاء والتقدم.

زر الذهاب إلى الأعلى