المال الانتخابي… من أين؟

اجنادين نيوز / ANN
محمد الزبيدي
مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية في العراق، بدأ مشهد التنافس السياسي يأخذ طابعًا مألوفًا لكنه لا يخلو من الغرابة والدهشة. شخصيات معروفة بادعاء الدفاع عن حقوق الشعب، تبدأ حملاتها الانتخابية فجأة بدعاية مفرطة تستعرض الرفاهية وتوزيع الأموال والهدايا، وكأن المال العام أصبح وسيلة لحجز المقاعد النيابية.
ليس من المستغرب أن يتحول الدفاع عن “حقوق الفقراء” إلى وسيلة للوصول إلى كرسي البرلمان، لكن الملفت اليوم أن بعض المرشحين، ممن كانوا حتى الأمس القريب يعتلون المنابر يطالبون بالخدمات والحقوق ويحشدون الناس باسم القضايا الوطنية، ظهروا فجأة بسيارات فارهة، ومكاتب فخمة، وولائم يومية، وهدايا متنوعة… فمن أين لهم كل هذا؟
الشارع العراقي ليس ساذجًا. يعرف المواطن البسيط أن أغلب هؤلاء لم يكونوا أصحاب ثروات، وأن دخولهم عالم “الحقوق” لم يكن سوى جسرًا إلى عالم النفوذ والمال. البعض يملك وظيفة متواضعة أو يُعرف كـ”ناشط مدني”، ثم يظهر فجأة كأنه من رجال الأعمال الكبار. فهل هي معجزة اقتصادية؟ أم أن خلف الكواليس ما يُخجل أن يُقال؟
الأسئلة التي تتردد بين الناس مشروعة:
من أين لك هذا؟
وما مصدر هذا التمويل الضخم؟
وهل تطابقت نفقاتك مع حجم دخلك المعلن؟
لكن المطالبة بالإجابات أصبحت تهمة. من يرفع صوته يُتهم بأنه “ذيل” أو “تابع” أو حتى يُعاد توجيهه إلى تحليل الـDNA وكأن الانتماء الوطني أصبح محكومًا بالولاء السياسي والانتخابي ، لا بالمبادئ!
لذلك، نطالب الجهات الرقابية والقضائية والنزاهة بفتح ملفات المرشحين بدقة، والكشف عن مصادر تمويلهم وموازناتهم الحقيقية، فالشعب تعب من التكرار… ذات الوجوه، وذات الوعود، وذات الخيبات.
أحد النماذج اللافتة، كما يقول البعض، مرشح بدأ دعايته بمكتب فاخر، سيارات موديلات حديثة، وهدايا بالجملة، رغم أنه لا يملك سجلًا مالياً يؤهله لذلك. فهل كان الدفاع عن الفقراء طريقًا مختصرًا للثراء؟
وما نراه اليوم ليس استثناءً، بل قاعدة تتكرر في كل دورة انتخابية. بعضهم كان في الماضي معارضًا للنظام السياسي ، وآخرون ملأوا الفضاء سمومًا طائفية، واليوم يتحدثون بلغة الوحدة والحقوق والمكون ، لكن لا أحد يسألهم ، من أنتم؟ ومن مولكم؟
الكرة في ملعب الشعب. فالجماهير اليوم أمام مسؤولية تاريخية وأخلاقية ووطنية في اختيار الأنزه والأكفأ. العراق لا يحتاج المزيد من تجار الشعارات والولائم، بل إلى قادة حقيقيين صادقين. لا تصوّتوا لأصحاب “المال الانتخابي”، بل ابحثوا عن “صوت وطني وشريف ونزيه لا يُشترى ولا يبيع ” ،،، فالوطن أغلى من أن يُباع في موسم دعاية