آثار الحروب والنزاعات المسلحة والاحتلال على المرأة

أجنادين نيوز / ANN
الدكتورة كريمة الحفناوي
صيدلانية وكاتبة وقيادية بالحزب الاشتراكى المصرى وقيادية بالجبهة الوطنية لنساء مصر.
ينص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على أن البشر يولدون جميعا أحراراً، ومتساويين فى الكرامة والحقوق، ولكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات العامة، المقررة فيه دون تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل القومى.
والمقصود بجريمة التمييز “كل من قام بعمل أو الامتناع عن عمل يكون من شأنه، إحداث التمييز بين الأفراد أو ضد طائفة من طوائف الناس، بسبب الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين، أو العقيدة، أو الانتماء السياسى، وترتب على هذا، إهدار لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية، ولا تسقط الدعوى الجنائية فى جرائم التمييز، ولا الدعاوى المدنية الناشئة عنها بالتقادم.”.
وللتمييز أشكال كثيرة تنتشر فى دول العالم الكبرى والصغرى شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.
ولقد أصدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان (وهى الهيئة الأساسية التابعة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، التى تضطلع بولاية فريدة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان للجميع) قراراً بخصوص التمييز العنصرى وهو القرار رقم 237/ 1975 بشأن تجريم العنصرية فى عام 2001 حيث اجتمع فى ديربان بجنوب إفريقيا عدد من قادة الدول من جميع أنحاء العالم من أجل معالجة الآثار البالغة الضرر للعنصرية والتمييز العنصرى، وكره الأجانب ومايتصل بذلك من تعصب، وتم إعلان وبرنامج عمل ديربان فى هذا المؤتمر العالمى لمكافحة العنصرية، والذى شكَّل وثيقة شاملة تحمل رؤية واضحة وتجسد التزام العالم بالتصدى لآفة العنصرية بجميع أشكالها.
وإذا نظرنا فى الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصرى نجد فى المادة الخامسة فقرة (هاء) تنص على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية : –
الحق فى العمل، وفى حرية اختيار نوع العمل، وفى شروط عمل عادلة مُرضية، وفى الحماية من البطالة، وفى تقاضى أجر متساوٍ عن العمل المتساوى، وفى نيل مكافأة عادلة مُرضية.
حق تكوين النقابات والانتماء إليها.
الحق فى السكن.
حق التمتع بخدمات الصحة العامة والرعاية الطبية والضمان الاجتماعى، والخدمات الاجتماعية.
الحق فى التعليم والتدريب.
حق الإسهام على قدم المساواة فى النشاطات العامة والثقافية.
التمييز على أساس النوع “التحيز الجنسى”.
إن المساواة بين الرجل والمرأة فى حق التمتع بجميع حقوق الإنسان هو من المبادىء الأساسية المعترف بها بموجب القانون الدولى، وتنص عليها الصكوك الدولية الأساسية لحقوق الإنسان والعهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والمدنية والاجتماعية والثقافية، يحمى حقوق الإنسان الأساسية لكرامة الإنسان.
نصت القوانين الدولية لحقوق الإنسان على المساواة بين الجنسين، وأكدت على الإيمان بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدرته، وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية.
وفى اتفاقية “القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة” التى أقرتها االجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979 والتى دخلت حيز التنفيذ فى عام 1981 تنص المادة الأولى على تعريف التمييز “أى تفرقة أو استبعاد أو تقييم على أساس الجنس ويكون من أثاره أو أغراضه تهوين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان، والحريات الأساسية فى الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية، أو فى أى ميدان آخر، أو تهوين أو إحباط تمتع المرأة بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية، وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.”.
وينبغى أن نشير إلى أن التمييز الواقع على المرأة هو موضوع اجتماعى قائم على أساس نظرة المجتمع ككل والرجل تحديداً إلى المرأة ودورها فى الحياة وهى فى غالبيتها نظرة دونية تقلل من شأن المرأة ووظيفتها الإنسانية والمجتمعية، وقد نتج عن هذه النظرة سلوكيات اجتماعية ترسخت مع الأجيال المتعاقبة، ومن هذه السلوكيات إهانة المرأة وتعنيفها وضربها ومنعها من حقوقها الإنسانية والأسرية والاجتماعية، كحقها فى المعاملة المتساوية مع الرجال، وحقها فى التعليم والصحة، وحقها فى الرأى والعمل، وفى اختيار شريك حياتها، وسائر الحقوق الممنوحة لها كاإنسان.
العنف ضد المرأة: –
عرَّف القانون العنف ضد المرأة بأنه “كل اعتداء مادى أو معنوى أو جنسى أو اقتصادى ضد المرأة أساسه التمييز بسبب النوع، والذى يتسبب فى إيذاء أو ألم جسدى أو نفسى أو جنسى أو اقتصادى للمرأة. ويشمل أيضا التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان من الحقوق والحريات سواء فى الحياة العامة أو الخاصة”.
ويزداد العنف والتمييز ضد المرأة فى كل الدول بدءً من تعرضها للعنف الأسرى والمجتمعى، والعنف الناتج عن الهجرة غير الشرعية، ونتيجة للصراعات والنزاعات والحروب التى تؤدى إلى النزوح واللجوء والإقامة فى مخيمات تفتقر لأبسط مظاهر الحياة من توافر مياه نظيفة وأدوية وغذاء، يعيشون تحت قيظ حرارة الصيف وشدة برودة الشتاء وأمطاره، وانتهاءً بمواجهة الأوبئة والمجاعات.
ومن المعروف أن زيادة الفجوة بين قلة من كبار الأغنياء وغالبية من الفقراء، واتساع الفجوة بين المرأة والرجل اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا، تؤدى إلى مفاقمة ظاهرة العنف ضد المرأة فى كل دول العالم.
وفى هذا العام 2025 يمر 26 عاما على إعلان الأمم المتحدة “اليوم الدولى للقضاء على العنف ضد المرأة (1999)، ولقد أعلن “الموقع الشبكى لهيئة الأمم المتحدة للمرأة” فى العام الماضى 2024، أنه على مستوى العالم تعرضت 736 مليون امرأة للعنف الجسدى و/ أو الجنسى، وأن واحدة من كل أربع فتيات مراهقات تعرضن للإساءة هذا بجانب العنف الإلكترونى الذى طال نسبة كبيرة من الفتيات والسيدات تتراوح بين 15 و58%. بالإضافة إلى الاعتداء الجنسى على الأطفال، والزواج القسرى وزواج الأطفال وختان الإناث الذى زاد فى السنة الأخيرة بنسبة 15% عن الثمانى سنوات الماضية.
هذا بجانب العنف الذى يطال السيدات والفتيات فى أماكن العمل بكافة أشكاله (التمييز فى التعيين والترقية والأجر) والعنف اللفظى والبدنى والتحرش بالفتيات والنساء، وعمالة الأطفال.
العنف ضد المرأة أثناء الحروب والنزاعات المسلحة
أكد مؤتمر بكين الذى تم تنظيمه تحت رعاية الأمم المتحدة عام 1995، أن النزاعات المسلحة لها عواقب خطيرة على حياة النساء، ودعا الدول إلى اتخاذ تدابير فعالة لحماية النساء والفتيات، ضد كل الأخطار التى يتعرضن لها، خاصة فى حالة الاحتلال، وذلك عن طريق احترام الدول للقانون الدولى الإنسانى، والعمل على فرض احترامه من قِبل المسئولين العسكريين والمدنيين التابعين لها.
وقد نتج عن المؤتمر”منهاج عمل بكين”، والذى تضمن فقرة خاصة بالمرأة والنزاع المسلح، جاء فيها “إن قيام بيئة تحافظ على السلام العالمى، وتعزز وتحمى حقوق الإنسان والديمقراطية، وتسوية المنازعات بالوسائل السلمية، وفقا للمبادىء المتمثلة فى عدم التهديد باستخدام القوة،وعدم استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسى، وفى احترام السيادة على النحو المنصوص عليه فى ميثاق الأمم المتحدة، يُشكَّل عاملا مهما من عوامل النهوض بالمرأة”.
كما جاء فى منهاج عمل بكين ” تُشكِّل النساء والأطفال قرابة 80% من ملايين اللاجئين، وغيرهم من المشردين فى العالم بمن فيهم المشردون داخلياً، وهم مهددون بالحرمان من ممتلكاتهم ومن السلع والخدمات، وحرمانهم من حقهم فى العودة إلى ديارهم الأصلية، ومهددون كذلك بالعنف وانعدام الأمن”.
ولايمكن الحديث عن مناهضة العنف ضد المرأة، دون التطرق للعنف ضد النساء فى الحروب والصراعات، حيث تتعرض المرأة لأبشع أنواع العنف فى فلسطين ولبنان والسودان، حيث يتم قتل امرأة كل 10 دقائق، بجانب الاغتصاب والقتل للأطفال والنساء، وتتعرض 70% من النساء فى الصراعات والحروب والأزمات الإنسانية، للعنف القائم على النوع.
كما لايمكن تجاهل مايحدث للنساء الكرديات فى تركيا فى شمال شرق سوريا وفى العراق نتيجة للعدوان التركى المستمر على الأكراد نساءً ورجالا”، فى جنوب تركيا وفى العراق، بجانب رغبة تركيا فى احتلال جزء من شمال سوريا (وهى المنطقة التى يقطنها الأكراد السوريين) بزعم تأمين حدودها، مما أدى لسقوط عدد من الضحايا والمصابين، كما أدى فى الفترة الأخيرة لاغتيال عدد من الصحفيات الكرديات السوريات بالقصف التركى على الشمال السورى.
ولقد أدت الاعتداءات والمجازر التى يرتكبها الكيان الصهيونى على الشعبين الفلسطينى واللبنانى، إلى نزوح مئات الآلاف من النساء والأطفال إلى أماكن بعيدة، حيث المعيشة فى مخيمات لاتحميهم من قيظ حرارة الصيف وزمهرير وأمطار الشتاء، مع نقص مقومات الحياة من مأكل وملبس ودواء.
وأيضا تتعرض النساء فى السودان للقتل والاغتصاب بل والتهجير القسرى، نتيجة للصراع بين القوات المسلحة وميليشيات الدعم السريع، وأيضا الصراع بين القبائل العربية والأفريقية، كما تتعرض للمجاعة، وأدت الحرب إلى نزوح 10 ملايين من السكان منهم 2 مليون لاجىء.
وفى الفترة الأخيرة أشارت التقارير والإحصاءات، التى تتحدث عن الانتهاكات المرتكبة بحق النساء والفتيات فى السودان، إلى أن وضع النساء يزداد سوءاً يوما بعد يوم، وخاصة فى دارفور غرب السودان، حيث تُختطف السيدات والفتيات، ويتم اغتصابهن، واحتجازهن فى ظروف أشبه بالعبودية.
يحظر القانون الإنسانى الدولى المعروف بقوانين الحرب على أطراف النزاع المسلح، تعمد إيذاء المدنيين، وتحظر المادة (3) المشتركة فى اتفاقيات جنيف 1949 والقانون الدولى الإنسانى العرفى، الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسى.
وبالرغم من هذه القوانين تتعرض النساء فى السودان للقتل والتتشريد والاغتصاب والتهجير القسرى ونهب الممتلكات والثروات وهدم المنازل والبنية التحتية، وعدم توفير الغذاء والدواء، بل وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية للمناطق التى يسيطر عليها قوات الدعم السريع ويُشكِّل الاغتصاب الذى يرتكبه المقاتلون، أحد أشكال التعذيب ويعتبر جريمة حرب، وإذا كان جزءً من هجوم واسع النطاق، أو منهجى، من قبل حكومة أو جماعة مسلحة على مدنيين، يمكن أن يشكل جرائم ضد الإنسانية.
وكان من نتائج ذلك نزوح ملايين من الشعب السودانى، سواء فى الداخل أواللجوء للخارج للبلدان المجاورة، ومنها مصر وتشاد.
ولقد وثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، العديد من الجرائم التى ارتكبتها قوات الدعم السريع فى الجنينة عاصمة غرب دارفور بين أواخر إبريل إلى أواخر يونيو 2023،وصرحت بلقيس والى، المديرة المساعدة فى قسم الأزمات والنزاعات فى المنظمة، مسؤولية قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، عن ارتكاب عدد هائل من حالات الاغتصاب اثناء هجومهم على الجنينة، ومنها اغتصاب النساء والفتيات، وبعض الحالات تعرضت للاغتصاب المتكرر من أكثر من رجل وبعضهن تعرضن للضرب بالرصاص بعد الاغتصاب، والتهديد لهن (لأنهم غير عربيات) إذا لم يتركن السودان إلى بلدان أخرى.
كما وثقت المنظمة لعدد من الحالات التى تعرضت لنزيف حاد بعد الاغتصاب ولم تتمكن من تلقى العلاج المناسب فى الوقت المناسب.
أطفال فلسطين والسودان: –
يوفر القانون الدولى الإنسانى حماية عامة للأطفال، كونهم أشخاصا غير مشاركين فى الأعمال العدائية، ويوفر لهم حماية خاصة، كونهم يعدون ضمن فئة الأشخاص الأكثر ضعفا فى الحروب والنزاعات المسلحة.
ويتمتع الأطفال بالحماية وفقا لاتفاقية جنيف الرابعة، كما يتمتع الأطفال بالحماية بموجب القانون الدولى لحقوق الإنسان، وباتفاقية حقوق الطفل عام 1989، وبروتوكولها الصادر عام 2000، بشأن إشراك الأطفال فى النزاعات المسلحة، وتنص الاتفاقية فى البند الرابع من المادة (38) “على الدول حماية الأطفال من آثار النزاعات المسلحة”، وينص البندين (أ ، ب) من المادة (37) على “عدم تعريض أى طفل للتعذيب، أو لغيره من ضروب المعاملة اللا إنسانية، أو المهينة أو القاسية، وعدم حرمان أى طفل من حريته بصورة قانونية أو تعسفية.
وهذه الاتفاقية ملزمة للدول التى اعترفت بها بما فيها “إسرائيل” التى صدقت عليها عام 1991،
ووفقا لإحصائية صادرة عن اليونيسيف، هناك نحو أكثر من20 ألف طفل، ولدوا فى ظل العدوان الصهيونى منذ اندلاعه فى الثامن من أكتوبر 2023 ، مع غياب المستلزمات الطبية والتطعيمات الخاصة بالأطفال، مما سيؤدى إلى انتشارالإصابة بالحصبة وشلل الأطفال، بالإضافة إلى تعرض الأطفال “الخدج” حديثوا الولادة لجرائم الاحتلال، نتيجة لاستهداف المستشفيات بالعدوان والتدمير، وعدم وصول الوقود والمستلزمات الطبية والأدوية، من قِبل الكيان الصهيونى .
تشير الأرقام والإحصاءات الخاصة بجرائم الكيان الصهيونى، على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة، إلى أن 13 ألف طفل فلسطينى قُتِلوا فى غزة منذ الاعتداء الصهيونى، فى الثامن من أكتوبر 2023، وحتى يونيو 2024 (ثمانية أشهر)، وأن 625 ألف تلميذ وتلميذة محرومون من التعليم، نتيجة لتدمير أماكن الدراسة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين، بجانب تدمير 80% من البنية التحتية، مما أدى لتشريد نحو مليون طفل، بالإضافة إلى 212 مدرسة تم قصفها منها 53 مدرسة تم تدميرها بالكامل
كما تعرض الأطفال للموت لعدم توافر الرعاية الطبية لأن العدو استهدف المستشفيات بالتدمير الذى أخرجها من الخدمة (26 مستشفى، و52 مركزا للرعاية الصحية)، بل ويستهدف الكيان المجرم الأطقم الطبية، وسيارات الإسعاف، وأيضا يمنع العدو دخول المساعدات الإنسانية، بما فيها الشاحنات التى بها المستلزمات الطبية والأدوية.
وأشار المكتب الإعلامى الحكومى الفلسطينى إلى أن 60 ألف امرأة حامل فى قطاع غزة يعانون من سوء التغذية والجفاف.
يرتكب العدو الصهيونى جميع الجرائم الوحشية بحق أطفال فلسطين، من قتل وتشويه واعتقال وإخفاء قسرى، والحرمان من حقهم فى الحياة والصحة والتعليم، بتدمير المدارس والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية.
ولقد أعلن المكتب الإعلامى الحكومى الفلسطينى أن عشرات الأطفال استشهدوانتيجة المجاعة وسوء التغذية والجفاف، كما أعلنت منظمة اليونيسيف فى فبراير الماضى 2024، أن هناك ارتفاع فى معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال فى شمال غزة، فى الأطفال دون سن الثانية، بجانب تعرضهم للأوبئة والأمراض السارية، الناتجة عن عدم توفر مياة صالحة للشرب.
وعلى المستوى النفسى يجد الأطفال أنفسهم، ضحايا العدوان، والتعرض المباشر لمشاهد الموت والقتل، والنزوح من ديارهم، مما يصيبهم بصدمات نفسية، ستترك آثاراً نفسية صعبة لتستمر معهم. هذا بجانب الحرمان من التعليم، نتيجة لاستهداف المدارس من قبل العدو وتدميرها، بجانب استخدام مدارس أخرى كمراكز للإيواء.
لم يكتف الكيان الصهيونى المجرم، بارتكاب جرائمه، من قتل وتجويع وإبادة جماعية بحق الشعب الفلسطينى، ولكنه ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بالمخالفة للاتفاقيات الدولية ولمواثيق حقوق الأطفال أثناء النزاعات والحروب، وذلك باعتقال الأطفال دون سن الثامنة عشر، ويتعرض الأسرى الأطفال لمحاكمات ظالمة، وللتعذيب والمعاملة غير الإنسانية، التى تهدد مستقبلهم بالضياع.
إن الاستهداف المتعمد للأطفال جريمة الجرائم ويُظهِر انهياراً أخلاقياً وانفلاتا مرعبا من الالتزام بأى قوانين دولية.
وبالنسبة للسودان حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” من أن 5 ملايين طفل أُجبِروا على الفرار والنزوح من منازلهم، أى بمعدل 10 آلاف طفل كل يوم، وفى قول آخر أشار المنسق الإقليمى لمفوضية اللاجئين بالسودان “مامادو بالدى” إلى أن المجاعة بدأت فى ولاية شمال دارفور وأن النازحين من الرجال والنساء والأطفال يموتون من الجوع وسوء التغذية والمرض والأوبئة.
المساواة والتنمية لايتحققان مع انعدام السلام: –
فى عام 2005، بعد مؤتمر بكين للمرأة بعشر سنوات، تم عقد مؤتمر بيروت، والذى صدرعنه “إعلان بيروت للمرأة العربية”، الذى أكد على أن المساواة والتنمية لايتحققان مع انعدام السلام، وأن العقبة الأساسية أمام المرأة العربية تتمثل فى الاحتلال والاستيطان.
وأشار البيان الختامى إلى أن المرأة العربية، هى الأكثر تضرراً من عواقب الاحتلال والحروب، والنزاعات المسلحة، وأدان بشدة الممارسات غير الإنسانية لجيش الاحتلال الصهيونى، وأعرب عن تضامنه مع المرأة فى فلسطين والسودان والعراق، وأوصى بوضع برامج خاصة لدعم المرأة فى مقاومة الاحتلال، ومساعدتها ماديا ومعنويا على الصمود، ورفع الوعى الاجتماعى حول الآثار المدمرة، للنزاعات المسلحة والحروب والاحتلال، على المرأة والطفل والأسرة.
تعانى المرأة فى كل دول العالم من التمييز القائم على النوع، ولكنها لم ترض بهذا الواقع وسطَّرت عبر التاريخ ملحمة نضالية ضد العنف الواقع عليها، وانتزعت المزيد من الحقوق والمكتسبات، حق التعليم والصحة والعمل والسكن، وناضلت من أجل المساواة بين الرجال والنساء سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وأصبحت فى العديد من البلدان متواجدة فى مواقع صنع القرار، واستطاعت فى عدد من البلدان انتزاع حق التواجد فى المجالس النيابية المختلفة بنسبة 50%، كما ناضلت من أجل القضاء على العادات والتقاليد الضارة بالفتيات والنساء ومنها ختان الإناث والزواج المبكر والحرمان من الميراث، والتمييز القائم على النوع، وناضلت من أجل إصدار تشريعات تُجرِّم الاغتصاب والتحرش والاتجار بالبشر والعنف الأسرى والعنف فى أماكن العمل.
وتزداد معاناة المرأة بالتأكيد فى أوقات الحروب والنزاعات والاحتلال كما أوضحنا وتفقد المرأة الأمان، بل وكل المكتسبات التى انتزعتها عبر نضالها على مدى السنين نتيجة لما تسببه الحروب من دمار وخراب وقتل وتشريد، واستخدام سلاح الاغتصاب والتجويع من ضمن أسلحة الحرب المدمرة للإنسانية، ضف على ذلك فقدان المرأة لفرص عملها بالزراعة نتيجة للتدمير الذى يصيب التربة الزراعية نتيجة إلقاء مئات الأطنان من المتفجرات على المنازل والأراضى بالقرى والمدن مما يتسبب فى زيادة البطالة والفقر.
ستستمر المرأة فى استكمال مسيرة النضال من أجل عالم خالٍ من النزاعات والحروب، خالٍ من العنف والتمييز، عالم يسوده السلام والعدل والمساواة والعدالة والرخاء لصالح البشرية جمعاء.