إضاءات: الصين و فلسطين : صداقة وتحالف دهري

اجنادين نيوز / ANN
الأكاديمي مروان سوداح
رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتَّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.

الناشر : وكالة اجنادين الإخبارية العراقية إحدى وسائل الإعلام العربية المتحالفة مع الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين.

منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية، اتخذت الصين موقفاً مناصِراً لفلسطين والقضية الفلسطينية منذ بروز هذه القضية، سواءً بمساندة فلسطين سياسياً، وتسليحاً، ودبلوماسياً، أو في غيرها من المجالات الرئيسية لصالح فلسطين، وبغية شد أزر الشعب الفلسطيني في محنته التاريخية، لا سِيَّما وأن الصين تتخندق منذ فجرها في خندق العدالة والدفاع عن الشعوب والأمم المضطهَدة (بفتح الهاء) استعمارياً والتي تتطلع إلى الانعتاق الكامل والحرية الناجزة.
لقد عانت الصين طويلاً من إمبرياليات مختلفة بشكل مباشر أو غير مباشر، ليس أولها ولا آخرها الإنجليزية والبرتغالية، إذ سعت هذه القوى التوسعية طويلاً، من خلال قتل الصينيين ومحاولات تهميشهم ومحاربة ثقافتهم الراقية وحضارتهم العريقة، إلى تدمير البُنى الصينية الرئيسية، وإلى “تأبيد” الاستعمار على أرض الصين، لكن القيادة الصينية بقيادة الرئيس المؤسس ماوتسي تونغ ورفاقه في الحزب الشيوعي جعلوا من الصين تُرساً لرد كيد العدو وطرده من الصين، وقصم ظهره مرة وإلى الأبد. كذلك، سارعت الصين بقيادتها آنذاك إلى مد يد المساعدة الأممية لفلسطين والبلدان العربية، فأضحت الصين مِثالاً تحررياً يُحتذى للعالم أجمع ولكل الشعوب المظلومة بدون أي استثناء، ويستمر موقف الصين هذا إلى اليوم، ويشتهر في رياح الكرة الأرضية بأنه صلبٌ وفولاذي لا يمكن لأي قوة لَيّهُ ويستحيل كسره أو عصره.
وها نحن اليوم نشهد على الصداقة والتحالف والتضامن الفلسطيني الصيني والعربي الصيني، على أسس واضحة المعالم، تقوم على قواعد متينة وثابتة على مدار السنين بلا توقف، ويشتد هذا المشهد الرائع قوةً وتناغماً بين هذه البلدان والشعوب طردياً بوجه محاولات العدو الدولي النيل من هذا الحلف الذي يربط الصين الآسيوية بالعرب وأقطارهم في قارتي آسيا وإفريقيا، فهذه العلاقة الطردية إنما هي تواصل بين متغيرين، وهي التي ترمز كلما زاد أحدهما صداقته وتضامنه بمقدار معين يزيد الآخر بزيادة تتناسب مع زيادة الأول.
العلاقات الثنائية بين الصينيين والعرب الفلسطينيين تعود بجذورها إلى تاريخ طويل الأمد يتصل بعهد طريق الحرير الصيني التاريخي الكوني، وكذلك في عهد الرئيس ماوتسي تونغ – الذي اشتهر بمساندته للعالم النامي، والأمم الضعيفة، وحركات التحرر الوطني، ودعم الدول، وتعظيم قدراتها المختلفة في مواجهة الاستعمار والنيوكولونيالية، – تمكَّنت العديد من الدول من نيل استقلالها بمساعدات ومساهمات صينية لحماية قرارها السيادي وحريتها وألوانها الخاصة التي تتمتع بها عبر تاريخها الطويل. وبعد وفاة الرفيق ماوتسي تونغ، واصلت الصين مشكورة وإلى يومنا هذا، دعم منظمة التحرير الفلسطينية والقضية الفلسطينية في اتجاهات عديدة، وعلى صعيد المحافل الدولية، واعترفت الصين بدولة فلسطين في عام 1988.
وتأكيداً على ذلك مؤخراً، لفتت انتباهي تصريحات قنغ شوانغ، نائب مندوب الصين الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة، بأن القضية الفلسطينية هي جوهر قضايا الشرق الأوسط، موضحاً أن الحل الشامل والعادل أمر بالغ الأهمية للسلام والاستقرار الإقليميين، وهو كذلك بالنسبة للنزاهة والعدالة الدوليتين، ودعا إلى بذل جهود دولية جماعية لتسوية القضية الفلسطينية، رفد جهود دولية جماعية لتسوية القضية الفلسطينية، وأضاف أمام جلسة للجمعية العامة للأُمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية والوضع في الشرق الأوسط، أنه منذ بداية العام الجاري، ظل الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة متقلباً، مع تجدد القتال في غزة، ما أدّى إلى سقوط مئات الضحايا المدنيين وإلحاق أضرار جسيمة بالبُنية التحتية، فضلاً عن اندلاع اشتباكات عنيفة في الضفة الغربية.
وأردف قنغ بقوة: “الحقائق تثبت مجدداً أن الإدارة الجزئية للأزمة لا يمكن أن تحل محل تسوية شاملة وعادلة، وأن المساعدة الاقتصادية والإنسانية كإجراء مؤقت لا يمكنها سد العجز السياسي والأمني الراسخ. المطلوب الآن هو الإرادة السياسية القوية، والعمل الدبلوماسي الفعال، والجهود الجماعية للمجتمع الدولي بأسره، ما يتضمن مجلس الأمن”، ولفت إلى أن الصين تدعو إلى التمسك بسيادة القانون على الصعيد الدولي، وأن الأنشطة الاستيطانية تنتهك القانون الدولي، وتتعدى على الأراضي الفلسطينية، وتصادر الموارد الفلسطينية، وتضغط على الحياة المعيشية للشعب الفلسطيني.. كما وتحث الصين “إسرائيل” على الوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية، والتوقف عن تغيير الوضع الراهن في الأراضي المحتلة من جانب واحد، وترسيم الحدود النهائية من خلال المفاوضات السلمية.
وعموماً، سررنا جداً كعرب، وأردنيين، وفلسطينيين، وشاميين، وخليجيين، وشمال إفريقيين، بما قاله المندوب الصيني من إن الصين تدعم تحسين الاقتصاد الفلسطيني وسُبل العيش في فلسطين. وتدعو الصين “إسرائيل” إلى تخفيف القيود غير المعقولة على استخدام الأراضي وحركة الناس في الأراضي المحتلة، وتهيئة الظروف المواتية لتنمية المجتمعات الفلسطينية في الضفة الغربية، ورفع الحصار عن غزة في أقرب وقت ممكن. ويتعين على المجتمع الدولي تقديم المساعدات لفلسطين عبر قنوات متعددة للمساعدة في تخفيف أزمتها المالية وضمان توفير الخدمات العامة، وأن الصين تحث على تنفيذ حل الدولتين على نحو كامل، مؤكداً على أن السعي إلى حل دائم على أساس حل الدولتين يُعدُ توافقاً دولياً وهو السبيل الوحيد للمضي قدماً، الذي يجب التمسك به بقوة. وشدَّد على أنه يتعين على المجتمع الدولي تحويل حل الدولتين من مجرد توافق في الآراء إلى إجراءات عملية، ومن مجرد رؤية إلى حقيقة واقعة.
الموقف التاريخي الصيني تجدّد اليوم بتصريحات قنغ على توكيد الصين دعمها إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة والاستقلال، على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وختم بقوله: إن الصين، باعتبارها عضواً دائماً في مجلس الأمن ودولة كبيرة مسؤولة، ستواصل العمل مع المجتمع العالمي على ممارسة التعددية الحقيقية، والمساهمة بنشاط في تحقيق حل دائم وعادل وشامل للقضية الفلسطينية، وإتمام الأمن الشامل والازدهار المشترك في “الشرق الأوسط”.
وختاماً، يؤكد التحالف الفلسطيني الصيني إنه دهري وباقٍ على أسس صَلدة اليوم وكل يوم، فشكراً للصين رئيساً وحكومةً وشعباً الداعمين لفلسطين والقضايا العربية العادلة.

زر الذهاب إلى الأعلى