يَحدث في الأُردن فقط: تجديد جواز السفر خلال عشر دقائق..

اجنادين نيوز / ANN

ـ بقلم الصحفي والكاتب: مروان سوداح.
ـ عَمَّان – المَمْلَكَة الأُردُنيَّة الهَاشِميَّة.

منذ عدة سنوات لم أدلف إلى دائرة الجوازات العامة في العاصمة عَمَّان، بالرغم من أنها تقع بالقرب من المنزل الذي أعيش فيه أنا وعائلتي، فقد كنت ما أزالُ أعتقد، واهماً، أن الزمن الأول – القديم – لم يتغيَّر، وبأنه مازال كما هو، فَمِن أجل التمكن من استخراج جواز سفر جديد، كان لزاماً علي – سابقاً – أن أجلس في قاعة دائرة الجوازات العامة عدة ساعات، حتى يأتي دوري، وأحصل على جواز سفر جديد تقدَّمت بطلب رسمي للحصول عليه. كما تَكَشَّف لي
قبل أيام قليلة، “جازفت !” وكأنني استعد للتسلق على سلسلة جبال الهملايا لأصل إلى قمتها، إذ خرجت من البيت صباحاً، وتوجهت سريعاً إلى دائرة الجوازات العامة. يومها كنت في حالة شِبه مَرَضِيَّة، بالرغم من أنني لم أكن مصاباً بأي مرضٍ، لا عضال ولا غيره، لكن أمر الجلوس على مَقعد في قاعة دائرة الجوازات بإنتظار صدور الجواز الجديد بعد عدة ساعات – كما كنت أعتقد واهماً – كان يُثير أعصابي ويوتِرني، لأنني سأفقد ساعات عديدة من عملي الصحفي ومتابعاتي الإعلامية والسياسية، فالوقت لدي مِن ذهب، والصمود في هذه الدائرة الحكومية ساعات وساعات كان يَعني بِالنِّسْبَةِ لي أنني لن أستطيع ممارسة أعمالي الصحفية والمنزلية حتى في وقتها المُحدَّد، الذي يبتدىء صباح كل يوم، ويمتد إلى عدة ساعات، يتم بعدها إغلاق أبوب دائرة الجوازت العامة بعد ساعات محددة من العمل المتواصل، فدائرة الجوازات هي مؤسسة حكومية بالطبع، تتبع الحكومة الأُردنيَّة، وتلتزم بقوانينها بكل دقَّة، وبمسؤوليَّة عالية ومتميزة، ولافتة للأنظار، إذ إنها كانت قد لفتت إنتباهي فاستحسنتها، وأثنيت كثيراً عليها في حديثي مع موظفي هذه الدائرة المحترمين والطيبين، الذين ساعدوني “بسرعة البرق” للحصول السريع على جواز سفر جديد، خلال عشر دقائق فقط، بالرغم من أنني تحدثت معهم للمرة الأولى، ولا أعرف أي إسم من أسماء هؤلاء الموظفين الظرفاء والطيبين.
إن ما لمسته ورأيته شخصياً، وبأُم عَيِنَيَّ الاثنتين، في دائرة الجوازات العامة الأردنية، من تسهيلات في خدمة المواطنين، وحديث الموظفين معي بكل احترام وتقدير، وبابتسامات لطيفة، وغيره الكثير من أطاييب لمستها من لدن هؤلاء الموظفين، يُعدُ أمراً أعتقد لا وجود له في الغالبية الساحقة من دول المَعمورة الكبيرة مساحة، والكثيرة شؤوناً، والمُعَمِّرة تاريخياً وحضارياً، وهو برأيي غير متوافر أيضاً حتى في الدول التي تصف نفسها بِ “الكبرى”، و “والمُتَحَضِّرِة”، بالرغم من إدعاءاتها بأنها تتربع على مساحات مهمة في قارات العالم القديم والجديد على حد سواء، أكانت تلك الأقطار رأسمالية متطورة، أو صغيرة المساحة، أم فقيرة الموارد والوقائع.
إن ما عاينته ورأيته في “الجوازات” الأُردنيَّة، هو لعمري صورة وضَّاءَة ولامعة وناصعة البياض ولا مَثيل عَالمياً لها، إذ إنني أعتقد جازماً عدم توافر الترتيبات التي لمستها في “الجوازات الأردنية” في غالبية دول الدنيا، إن لم يكن في جميعها.
ودودي في “الجوازات” لم يتوقف على حديثتي الأخوي مع موظفي دائرة الجوازات العامة الأُردنية المحترمين، الذين يتعاملون مع المراجعين بلطفٍ طاغٍ، وضمنهم كاتب هذه السطور، إذ أنني لم أنتظر إطلاقاً أن أحصل بسرعة فلكية على جواز سفر أردني جديد، ولامع، وجميل، بسرعة صاروخ فلكي أو شُهبٍ سماويَّة، ففي عددٍ من البلدان الأُخرى، الشقيقة والصديقة، قد لا يتمكن المواطن فيها من استصدار جواز سفر لشخصه بهذه السرعة، بل هنالك مَن ينتظر عدة شهور للحصول على جواز سفر من حكومته، بعدما يَدفع ثمنه عدة مئات من الدولارات، وأكرر للتأكيد: “عدة مئات من العِملةِ الصعبة”!!!، وبالتالي فإن الكثيرين من مواطني تلك البلدان لا يتمكنون من زيارة بلدان أخرى، ولا يمكن لهم التمتع بإجازات خارجية.
خلال وجودي القصير وقتاً في مؤسـسة “الجوازات” الأُردنية، تطرَّقت إلى حديث سريع جداً في شؤون أخرى مع بعض الموظفين في هذه المؤسسة، ولا أخفي أنني تمتعت في هذه المؤسسة بترحيب طيب منهم، زد عليه لطافة المَعشر لدى هؤلاء الموظفين الحكوميين الأشاوس، ولباقة حديثهم، ولفتت إنتباهي وجوههم الجميلة والباسمة، والمُرحِّبة بالمواطنين الأُردنيين، ومَدَّهم يد العون لكل مُرَاجِع في الدائرة، والحديث معنا نحن المواطنين بكل رشاقة، وعذوبة، ولباقة وبشاشة، فيا لهم من اناس مُتشَبِّعِين بالإنسانية وقِيم احترام الإنسان لأخيه الإنسان الآخر، وهو مايعكس بجلاء إيجابية وعلو مكانة وطبيعة ووقائع هذه المؤسسة الحكومية الهامة، التي تم اختيار أفضل المواطنين والمواطنات للعمل فيها، مايؤكد كذلك طبيعة النظام الملكي الهاشمي الذي ينشط في مَجرى متألق وناصع البياض عاملاً بلا توقف على تأصيل متواصل لمسيرة المحبة والاحترام المتبادل بين الأردنيين أنفسهم، وبينهم وبين غير الأردنيين أيضاً من عرب وأجانب يحملون الجنسيات المختلفة، ومع زوار المملكة الأردنية الهاشمية.

زر الذهاب إلى الأعلى