حكاية امل

اجنادين نيوز / ANN
ياسمين شكري الخيام…..قصة قصيرة
في زاوية هادئة من مقهى يعج بالرواد، جلست امرأة عجوز تراقب المطر المتساقط على نافذة زجاجية. كانت تجاعيد وجهها خارطة تحكي قصصًا عن سنين طويلة خلت، وعيناها تحملان بريقًا خافتًا يشي بذاكرة مثقلة بالأحداث.
طلبت فنجان قهوة آخر، وبدأت تتأمل قطرات المطر المتسابقة، كل قطرة تحمل معها ذكرى. تذكرت شبابها، أحلامها الوردية، الحب الأول الذي ترك في قلبها ندبة لم تلتئم تمامًا. تذكرت ضحكات أطفالها الصغار الذين كبروا ورحلوا، تاركين في البيت فراغًا موحشًا.
بينما كانت تحتسي قهوتها ببطء، شعرت بيد صغيرة تربت على يدها. رفعت رأسها فرأت طفلة صغيرة بعينين واسعتين تنظر إليها بفضول.
“ماذا ترين في المطر يا سيدتي؟” سألت الطفلة بصوت نقي كخرير الماء.
ابتسمت العجوز ابتسامة باهتة وقالت: “أرى الحياة يا صغيرتي. أرى البدايات والنهايات، الفرح والحزن، كل شيء يمر وينتهي كما تمضي هذه القطرات.”
جلست الطفلة على الكرسي المقابل، وعيناها لا تفارقان وجه العجوز. “ولكن المطر جميل يا سيدتي، إنه يغسل كل شيء ويجعله نظيفًا.”
هزت العجوز رأسها ببطء وقالت: “نعم يا صغيرتي، ولكنه أحيانًا يجلب معه السيول والدمار.”
صمتت الطفلة للحظة ثم قالت: “ولكن بعد المطر تظهر الشمس والقوس قزح.”
نظرت العجوز إلى الطفلة مليًا، وكأنها ترى للمرة الأولى هذا المنظور المشرق. ابتسمت ابتسامة أعمق هذه المرة، وقالت: “صدقتِ يا صغيرتي. دائمًا هناك أمل بعد كل عاصفة.”
غادرت الطفلة بعد قليل، تاركة العجوز مع فنجانها الفارغ ونظرة جديدة للحياة. أدركت أن الذكريات قد تكون مؤلمة، لكنها جزء من النسيج الذي يشكل هويتنا. وأن الأمل، كما قالت الطفلة، يظل دائمًا موجودًا حتى في أحلك اللحظات. وبينما كانت الشمس تبدأ بالظهور من خلف الغيوم، شعرت العجوز بدفء جديد يتسلل إلى قلبها، تمامًا كضوء الشمس الذي بدأ يضيء المقهى.