مداخله حول موضوع (المحتوى الهابط) فى التواصل الاجتماعي .

اجنادين نيوز / ANN

المحامي / طارق الابريسم

تناقلت وسائل الاعلام العقوبات التي اتخذت بحق (صناع المحتوى الهابط ) على وسائل التواصل الاجتماعي بتهمة نشر مقاطع تتضمن عبارات مخلة بالحياء والاداب العامة ومن اجل حماية المجتمع من التاثير السيء الذي تولده هذة الفعاليات الهابطة اخلاقيا كما ورد في بيان مجلس القضاء الاعلى ،وقد صدرت احكام تتراوح بين ٦ اشهر الى سنتين بحق من ادينوا بارتكاب هذه الافعال وفق المواد ٤٠١ و٤٠٣ من قانون العقوبات رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل . وتعاقب م٤٠١ (بالحبس ٦ اشهر وبالغرامة او احدى هاتين العقوبتين من اتى فعلا مخلا بالحياء) دون تعريف او تحديد مفهوم الفعل المخل بالحياء وهو مفهوم نسبي فقد يعتبر ظهور المراة السافرة في منطقة فيها مقدسات دينية او في مجتمع محافظ فعلا مخلا بالحياء بينما لايعتبر ذلك في المناطق المتحضرة او مراكز المدن المتقدمة .
وتعاقب م ٤٠٣ من القانون الجنائي المذكور (بالحبس سنتين والغرامة او باحداهما كل من صنع او استورد او صدر او حاز او احرز او نقل بقصد الاستغلال او التوزيع لكتب او مطبوعات او كتابات او رسوم او صور او افلام او رموز او غير ذلك من الاشياء اذا كانت مخلة بالحياء والاداب العامة ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من اعلن عن شيء من ذلك او عرضه على انظار الجمهور او باعه او اجره او عرضه للبيع او الايجار ولو في غير علانية ويعتبر ظرفا مشددا اذا ارتكبت الجريمة بقصد افساد الاخلاق )
اما م ٤٠٤ فقد عاقبت (بالحبس لمدة لا تزيد عن سنة او بالغرامة من جهر باغان او اقوال فاحشة مخلة بالحياء بنفسه او بواسطة جهاز وكان ذلك في مكان عام .)
ويلاحظ ان النصوص العقابية اعلاه قد استخدمت في الحكم على من تم ملاحقتهم ممن نشروا مقاطع تتسم بالمحتوى الهابط اخلاقيا المخل بالحياء والاداب العامة وهي مفاهيم نسبية لم تحدد الافعال الجرمية تحديدا دقيقا ولكن هذه الافعال تتسم بالتفاهة والرثاثة وتحدث تاثير سلبيا في المزاج الاجتماعي العام .
ان عدم تحديد المفاهيم قد يؤدي الى ملاحقة من يمارسوا انتقادات لاذعة لاداء مؤسسات الدولة او لاشخاص فاسدين في السلطة وقد يكون هناك ازدواج في تطبيق العدالة ويؤدي ذلك الى الحد من حرية التعبير التي تتناول انتقاد التجاوزات والانتهاكات .
ان مكافحة الرثاثة والتفاهة والتشهير والقذف يجب ان لا يختلط او يثلم حرية التعبير وان لا يمس الحريات العامة وان لا تستخدم العقوبات الجزائية للقمع او تكميم الافواه .
ان العقوبات وحدها لا تؤدي الى مكافحة الرثاثة والهبوط الاخلاقي وانما يجب ان تتشارك المؤسسات التربوية والاعلامية والمنظمات الثقافية في الارتقاء بالوعي الاخلاقي في التعامل مع السوشل ميديا وبناء ثقافة اجتماعية رصينة تستند الى قيم تسهم في الاستقرار الاجتماعي وترتقي بالذائقة وتهذب ردود الافعال النفسية بما ينسجم مع قيم التمدن، ان الاجراءات البوليسية وحدها لا تسهم في علاج الظواهر السلبية وانما يجب تسهم كافة المؤسسات في الدوله بخلق راي عام ينبذ الرثاثة في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي .
ان التحضر يرتبط بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وتلعب الثقافة والاعلام والفنون والاداب دورا رائدا في اعادة تشكل العلاقات الاجتماعية والحريات العامة وتطور وسائل التعبير عن هذه العلاقات .
اننا نعتقد ان التوسع في الغرامات بدلا من العقوبات السالبة للحرية سوف يترك اثرا ايجابيا اصلاحيا اكثر من التوسع بالعقوبات السالبة للحرية من اجل حماية المجتمع من اشكال التعبير المشوهة والهابطة .

زر الذهاب إلى الأعلى