حي_ميت_هندال_نريده

اجنادين نيوز / ANN

على سالم

هندال ال جادر احد الشخصيات البصرية التي اشتهرت في فترة الخمسينيات ولد هندال يتيماً معدماً عام 1923 في بيت فقير من بيوتات محلة (الخندق ) او مايسمى بمنطقة نهير الليل التي لا تبعد كثيراً عن الأسواق والمحال التجارية لهذه المدينة المينائية الكبيرة عانى شظف العيش منذ طفولته وتنقل في صباه بين (التميمية) ومخازن (الداكير) لم يلتحق بالمدارس الابتدائية ولم يعرف مبادئ القراءة والكتابة إلا متأخراً شأنه شأن أي فقير من فقراء العصور المتخلفة التي مر بها جنوب العراق تحت وطأة التهميش والإقطاع والبرجوازية والقوى الفوقية المستبدة بعد ان كبر هندال اصبح مسؤولا عن امه واشقائه فعمل حمالاً في الميناء ينقل البضائع المستوردة من السفن الراسية على أرصفة نهر العشار إلى المخازن وربما اعتاد على سماع عبارات الزجر والتعنيف من أرباب العمل كان هندال هو صوت العمال والمطالب بحقوقهم المهدورة وهو يرى الظلم والتعسف بالمعاملة لانه كان يشعر بتلك الفوارق الحادة بين الطبقة العمالية المسحوقة وبين الطبقات الفوقية المترفة ووجد نفسه مطالباً بتفتيتها وتذليلها وكان هو قدوتهم ورئيسهم ما أدى إلى تنامي المضايقات والأحقاد التي استهدفته وجماعته باعتباره من المتمردين على الأنظمة الاستبدادية الموروثة التي كانت سائدة وقتذاك بعد قيام ثورة (14 تموز 1958م) قاد الشهيد هندال أول تظاهرة عمالية في منطقة الخندق من مدينة البصرة تأييداً لثورة تموز وما أن مرّت عدة شهور على قيام الثورة حتى بادر بتأسيس أول نقابة عمالية سميت (نقابة عمال الكيل والحمالة) التفّ حوله آلاف العمال من أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة لكن هذا النشاط العمالي أثار غضب التجار وأصحاب مخازن الحبوب (الأسياف) فصدرت الأوامر عام 1959 من الجهات العليا في البصرة بإلقاء القبض على (هندال) وإيداعه السجن بتهمة التحريض على العنف كانت تلك الخطوة هي القشة التي أسقطت ديناصورات الحكومة المحلية فزعزعت أركانها بخروج آلاف المتظاهرين المنددين بإجراءاتها التعسفية الارتجالية
تجمع المتظاهرون الكادحون أمام مبني المحافظة كانوا يهتفون بحناجرهم المبحوحة: (حي ميت هندال إنريده يمصيرف هندال نريده ) خرج المحافظ مذعوراً حائراً لا يدري كيف زحفت تلك الجماهير الغاضبة نحو عرينه الحصين. سأل حاشيته عن (هندال) من هو ؟ أين يعمل ؟ ما الذي جرى ؟ ولماذا جرى الذي جرى ؟ لم تكن الحاشية تدرك قيمة هذا الهندال ومكانته في قلوب الناس طلب المحافظ استدعاء قائد الشرطة لتفريق المظاهرة فأطلق بضعة عيارات ناريه طائشة بغية إرهاب الناس وتفريقهم لكنهم توحدوا وتكاتفوا ثم تقدموا بثبات نحو شرفة المحافظة وهم يرددون أهزوجتهم الموحدة (حي ميت هندال أنريده) قال المحافظ لحاشيته: أطلقوا سراح الرجل واجلبوه الآن من خلف القضبان مرت لحظات قلقة كادت فيها الجموع البشرية تقتلع مبنى المحافظة فخرج عليهم (هندال) بجبينه الناصع ليرسم بذراعه المفتول علامة النصر المؤزر عاد (هندال) إلى بيته مرفوعاً فوق رؤوس الجماهير الثائرة لكنه خرج من بيته في يوم من أيام عام 1979 ولم يعد حتى يومنا هذا فالسلطات البعثيه الجائرة لن تتوقف أبداً عن ممارسة هواياتها الموروثة في إشاعة الظلم والقهر والاستبداد مهما تغير الزمان ومهما تبدل المكان وهكذا كان الجنوبيون من الزبائن الدائميين لتلك السلطات على مر الدهور والعصور
المقصد
كم نحن اليوم بحاجه الى هندال جديد يلهب حماس الجماهير بصدق نعم بصدق وياخذ بايدينا نحو هدف واضح دون ان يفكر بالمنطقه الخضراء و قصورها ولياليها الحمراء

زر الذهاب إلى الأعلى