عن (الفلسفة الوجودية) و تأثيرها المحدود على الماركسيين العراقيين ..

اجنادين نيوز / ANN

جاسم المطير

في الشعر الأوربي كانت ( القصيدة الشعرية) في الساحة ، الأوربية و الأمريكية ، مليئة (بالرموز) في موجاتها و منتجاتها ، جميعاً، طيلة وجود زمان الشعراء الأوربيين في القرن التاسع عشر و بعض سنوات القرن الأسبق ..أي في القرن ١٨ و بعض القصائد الأخرى في قصائد بعض سنوات القرن العشرين . معنى هذا القول الحقيقي أن ( الشعراء العرب) الذين غاب عنهم هذا النوع من ( الشعر الرمزي) الذي انتشر في قصائد الشعراء الألمان و الفرنسيين و الإنكليز و غيرهم من الأوروبيين و هم بأشعارهم و رموزها كانوا بعيدين عن التأثير في قصائد الشعراء الأوائل في بلادنا من أمثال الشاعر المصري، (عبد الرحمن الأبنودي) .. كما أن رمزية الشاعر (أحمد رامي) كانت أصلية و لم تكن تقليداً للشعراء الأوربيين . كانت اغلب القصائد الأوربية ، في تلك الفترة ، مليئة بأمثال المعابد الرمزية و تحويلها إلى حرم مقدس ينهض من شكل من أشكال صورة رباعية نشأت ، بطبيعتها، في أعلى أعماق بحيرة نرويجية شاهدتها بقرب مكان نرويجي شهير ، في أثناء سفرتي الاخيرة إليها عام ١٩٩٨لمقابلة المدعو علاء حسين رئيس الوزراء العراقي لمدة ٥ أيام وهمية في أثناء الاحتلال العراقي لدولة الكويت ثم هروبه من العراق ، بعد تعاونه ، سنوات عديدة، مع نظام صدام حسين ، نسيت اسم المنطقة النرويجية ، الآن ، حيث قد جرى التعاون بين (منتجات الطبيعة) و بين (صنعة النحت) الطبيعية المبدعة. كانت الجبال غير الشاهقة ، المحيطة بالبحيرة ، قد أفرزت أشكالاً بأربعة وجوه بشرية، يمكن رؤيتها المتخيلة من بعد مسافة معينة و من جهة معينة، أيضاً. كانت المناظر متألقة بألوان بشرية شيدتها ألوان الأحجار القرمزية ، التي تناسقت بنفسها لتعطي أشكالاً رمزية جميلة. مثل هذا غير متوفر في البلدان العربية إلا في بعض المناطق اللبنانية الجبليةالريفيةالصغيرة .اغلب السلالم العربية لا ترقى بسهولة كما هي الأحجار الغربية الوفيرة. لذلك لا تتوقف فيها عملية النمو و التغيير في الحدائق العامة .
عندنا الوضع مختلف ، مع الأسف ، حيث مفهوم الأدب ، منحرف إلى تقدير غير صحيح والى تعريف خاطيء. الأخطاء كثيرة في فهم الأدب على وفق استيعابه. مثلاً انطلق الأدب و الأدباء في التركيز على نوري السعيد و مدحه و امتداح معاهدة (١٩٣٠) الاستعمارية مع بريطانيا العظمى.
لم يظهر أي تطور فيه (علم) أو (علامة) او فيه عون طبيعي لمشاهدة أشكال (رمزية) طبيعية في مشاكل العرب. حيث ما ظهر أي خلل في القصيدة العراقية بسبب عدم ظهور أي (تأثير وجودي) على محتويات القصيدة العراقية. ظل أبرز شعراء العراق مثل عبد المحسن الكاظمي و معروف الرصافي و الزهاوي مبتعدين عن الرمزية الطبيعية.. ظل هؤلاء بعيدين عن الأمتثال للدور الاستعماري ، أذ كان الشعراء العراقيون في مقدمة المناضلين ضد الاستعمار و الأقطاعية.
اخطأ بعض النقاد المصريين حن قاموا بتقسيم الشعراء العرب ، الأقدمين ، القليلي العدد إلى فئتين أو إلى مجموعتين .. الفئة الأولى أو المجموعة الأو لى ؛ هي مجموعة الشعراء المحبين للبشر و البشرية أما المجموعة الثانية تضم (شعراء) يكرهون البشر و البشرية.
هذا التقسيم أدى إلى إثارة السخط على الناس و على النقاد و على التبرم بمجموعات من الناس و مجموعات من الشعراء و عدم مخالطتهم و قد عد الشاعر أبا العلاء المعري أكره الناس للناس و لغيره من الشعراء بينما كانت الأنانية تمخر بين الشعراء لتنقبض ألماً نتيجة ( السخط و التذمر ) السائدين بين بعض الشعراء من الملتزمين باكرام الصديق و ضرورته.
كذلك كان الحال بين الشعراء العراقيين المنفتحين على الآداب الغربية مثل (حسين مردان) و ( مظفر النواب) و محمد مهدي الجواهري و غيرهم الكثير ممن أحتوت قصائدهم الشعرية على عشرات و مئات (الرموز) المأخوذة من التجربة الشعبية العراقية ، لكنها المتحررة من أنساق (التجربة الوجودية) العربية المحدودة .
بسبب تجارب الترجمة الأوربية إلى اللغة العربية و بالعكس فأن تلك الأنساق لم تصل إلى آدابنا إلا في وقت متأخر ، أي إلى منتصف القرن العشرين ، تقريباً ، حين بدأت دار الآداب اللبنانية لصاحبها (الدكتور سهيل أدريس) بنشر (بعض أفكار الوجودية ) في بعض مقالاته على صفحات مجلته اللبنانية ، المنتشرة على الأغلب في العراق.. كانت المجلة قد عرفت من قبل أغلب الأدباء العراقيين ، غير أن تأثيراتها ظلت محدودة على الأدب العراقي. كان عدد التابعين له أو ما نشرت ترجماته عن الفرنسية و عن بعض الأنكليزية و الأقل القليل من الألمانية. تعتبر ( الوجودية) أهم مذهب فلسفي، أدبي، استقر في الآداب الأوربية ، خلال القرن العشرين و هو ، كما يدل عليه اسمه ،يعني كل العناية ب(الوجود الإنساني) .. ترجع بذور هذا المذهب إلى الكاتب الدانماركي ( كيركاجور د) خلال فترة حياته ( ١٨١٣ – ١٨٥٥) . نُميت آراءه و تعمقت بفعل نشاط و أمكانيات الفيلسوفين الألمانيين مارتن هيدور ١٨٨٩-١٩٧٦ و كارل يسبرز الذي عاش ٧٩ عاماً اللذين كانا يدعيان أن الإنسان ( الفرد) قادر على حل مشاكله بنفسه . أغلب الوجوديين كانوا قد أنكروا وجود الله. كما ان البير كامي و و سيمون دي بوفوار و ( كانت) و (سبينوزا) و غيرهم و عشرات آخرين من الكتاب و الفنانين الذين كانوا يعتبرون ( الإنسان الموجود يشكل صورة وجوده باختياره عن الحرية .. وجود الإنسان سابق على ماهيته التي يحققها بذاته
.. بعض الكتاب و الفلاسفة يعتبرون الفيلسوف الألماني ( نيتشه) بأنه كان صاحب وجوديات و هو الذي جاء بأفكار ( النازية). و هناك الكثير من الأفكار حول القضاياالمتعلقة (بالحرية) و بالنضال ضد مسببي الحرب العالمية الثانية. كذلك دخلت ( الوجودية إلى الدين) و قد كان الفيلسوف الفرنسي جِبْرِيل مارسيل قد أوجد ما سماه ( الوجودية المسيحية ).
قال الباحث المصري الكبير ، الدكتور محمد غنيمي هلال . يمكنني القول بجزم أن الفرنسيين قد سبقوا غيرهم في التأثير على الأدب العراقي ( الشعر ، خصوصاً) خلال وجود و نشاط الفيلسوف الفرنسي.

زر الذهاب إلى الأعلى