الشتاء القادم مع البرد القارس ونقص الغذاء

اجنادين نيوز / ANN

بقلم الدكتورة كريمة الحفناوي

عضو الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين

الشتاء القادم مع البرد القارس ونقص الغذاء
ارتفعت أسعار العقود الآجلة للبترول فى التعاملات خلال اليومين السابقين بمجرد إعلان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين التعبئة الجزئية للقوات المسلحة للحرب فى أوكرانيا مما يؤدى إلى مزيد من الاضطراب فى إمدادات الطاقة فى البترول الخام. ومما يزيد من الأزمة إعلان روسيا رفضها تحديد سقف لسعر الغاز ووقف ضخ الغاز لدول أوروبا عبر خط نورد ستريم1 بين روسيا وألمانيا والذى من نتائجه نقص امدادات الغاز إلى الدول الأوروبية مما يؤثر على تشغيل محطات الكهرباء وبالتالى تشغيل الشركات والمصانع ويؤدى إلى نقص تدفئة المنازل مع قدوم الشتاء.
وفى نفس الوقت صرح رئيس مجلس الأمن القومى الروسى ميدفيديف بإمكانية استخدام كافة الأسلحة فى إشارة إلى استخدام السلاح النووى،.إذا تعرض وجود روسيا للخطر، ردا على إرسال الولايات المتحدة الأمريكية أسلحة متطورة إلى أوكرانيا
وتستمر أزمة نقص الغذاء والأسمدة على مستوى العالم منذ بدء الحرب الأوكرانية الروسية فى فبراير2022 مما أدى إلى ارتفاع أسعار القمح والسلع الغذائية بجانب توقف سلاسل التوريد العالمية مع استمرار الحرب وفرض العقوبات على روسيا.
وفى خبر فى جريدة الأهرام المصرية السبت 17 سبتمبر، حذر ديفيد بيزلى المدير التنفيذى لبرنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة من أن مايصل إلى 345 مليون شخص يسيرون نحو المجاعة فى 82 دولة يعمل فيها البرنامج، وهو مايعادل مرتين ونصف عدد الأشخاص الذين كانوا يعانون إنعدام الأمن الغذائى الحاد قبل جائحة كورونا التى انتشرت فى أوائل عام 2020، كما حذر بيزلى ومعه منسق الشئون الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن جريفيت أيضا من أزمة الغذاء والمجاعات الكارثية فى عدد من الدول فى إثيوبيا والسودان والصومال وجنوب السودان وشمال شرق نيجيريا واليمن.
وبالإضافة إلى ماسبق كشفت منظمة “أوكسفام” غير الحكومية بأن موجة الجفاف الكبرى والفيضانات الكاسحة وظاهرة التصحر فى العديد من الدول فى الفترة الأخيرة زادت من شدة الجوع الحاد بأكثر من الضعف، وأفادت أوكسفام فى تقريرها الصادر فى 16 سبتمبر 2022 بأن الجوع الحاد ازداد بنسبة 123% فى عشر دول تصنف من الأكثر عرضة للمخاطر المناخية هى الصومال وهايتى وجيبوتى وكينيا والنيجر وأفغانستان وجواتيمالا ومدغشقر وبوركينا فاسو وزيمبابوى.
ومع انعقاد الدورة 77 للأمم المتحدة هيمنت الأزمة الأوكرانية على مناقشات وكلمات قادة دول العالم، وهاجم الرئيس الأمريكى جو بايدن، الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، من أجل حشد الحلفاء وحلف الناتو وراء أوكرانيا، وإرسال مزيد من الأسلحة المتطورة لأوكرانيا من أجل “استنزاف وإضعاف روسيا”، مما سيزيد من الأزمة الاقتصادية فى دول العالم وبالذات فى دول أوروبا التى اتبعت السياسات الأمريكية فى فرض العقوبات على روسيا، وتعانى من تراجع النمو من جهة مع تزايد الركود. ولقد حذر البنك الدولى من أن العالم فى طريقه نحو ركود عالمى مع رفع البنوك المركزية فى جميع أنحاء العالم معدلات الفائدة فى وقت واحد لمكافحة التضخم المستمر.
ومن المعروف أن الرئيس الأمريكى يحاول التغطية على أزماته فى الداخل مع قلة شعبيته قبل انتخابات التجديد النصفى للكونجرس فى نوفمبر القادم، وذلك عن طريق تحريض أوكرانيا وجرها وتوريطها للحرب مع روسيا من جهة، وأيضا استفزاز جمهورية الصين الشعبية بالتقارب مع تايوان (والتى هى جذء من الصين باعتراف دول العالم) وتشجيعها على الانفصال.
إن شعوب العالم تجنى سياسات حكوماتها وحكامها الذين خضعوا للسياسات الرأسمالية الجديدة المتوحشة للولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية الكبرى، وخضعت لسياسة القروض من صندوق النقد الدولى التى تسببت فى أزمة الديون داخل الدول وعملت على زيادة الفجوة الطبقية، مع زيادة معاناة الشعوب من تردى الخدمات وقلة الأجور وارتفاع الأسعار. كما تجنى أيضا محاولة أمريكا الوقوف أمام الأقطاب الصاعدة (الصين وروسيا) بافتعال الأزمات، وفرض العقوبات، وإشعال الحروب.
إن شعوب العالم تترقب بحذر ماسيحدث فى الشهور القادمة، وتتوق لعالم متعدد الأقطاب يقوم على تعاون الدول على أساس المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة، عالم تواجه فيه الدول الكبرى مسئولياتها نحو حل أزمات التغير المناخى التى اجتاحت العديد من دول العالم فى الشهور الأخيرة، من جفاف وتصحر فى مناطق، وأعاصير وفيضانات فى مناطق أخرى، فضلا عن انتشار حرائق الغابات، عالم يسوده السلام والرخاء، عالم يبنى وينهض ويتقدم، بدلا من الحروب والدمار والتشريد والجوع.

زر الذهاب إلى الأعلى