كیف استطاعت الصين كسب معركة العقول

اجنادين نيوز / ANN

بقلم: مشخل الكولوسي
ـ عضو في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتَّاب العرب أصدقاء وحُلفاء الصين، ورئيس تحرير موقع ماناميديا الخبري الكوردي.
تحرير ومراجعة وتدقيق الأكاديمي مروان سوداح

إنها الصين يا سادة! نحن نتحدث عن تجربة فريدة في التاريخ. تجربة رائدة وحضارة متقدمة، وفكر انساني متقد، ونموذج فذ في الصراع الكوني حول الهوية الأنسانية!
قد يشعر المرء بالدهشة عندما يرى أن في الشرق حضارة رائدة، تخلو تماماً من الأستعمار والهيمنة.. تخلو من الغزوات وتجييش الجيوش والأستيلاء على مقدرات الغير ونهب من هب ودب.. حضارة قائمة على العطاء والأنفتاح.. إنها الصين يا سادة.
ولذلك، فعندما نقرأ التاريخ نرى نموذجين متضادين: الأول هو نموذج قائم على السلب والنهب والأستعمار وكسر أرادة الشعوب المقهورة، وهو الأستعمار الغربي الذي جلب الويلات على البشرية، من القتل بالملاين إلى تقسيم الأوطان، وتشريد البشر، والضرب بالقنابل، وحرق الأمم بأكملها، والثاني هو النموذج الشرقي بكل شموليته الحضارية والإنسانية القسمات.
أكاد أُجزم بأنه لا يوجد من يُشكِّك في أنه لولا الغرب وحضارته القائمة على طمس هوية الآخر، لما وجدنا كل تلك المآسي والويلات في أرجاء المعمورة. فالغرب قد اخترع جميع الطرق المؤدية إلى إنكار الآخر المختلف لوناً وعرقاً، والادعاء بأنه هذا الآخر “متخلف حضارياً واقتصادياً”! الغرب لا يتردد في توظيف القنبلة النووية عندما يرى أن مصلحته تستدعي ذلك كما رأينا مرات عدة!
في منطقتنا، هناك أمثال ونماذج عديدة لِمَا اقترفه الغرب من الغدر بالبشر، وطمس الهويات القومية والعرقية. وها هي أمتي الكوردية، نالت قسطاً وفيراً من لكمات الغرب في عمق شخصيتها وتاريخها وكيانها. فقد قام الغرب، ومن أجل مصالحه بتقسيم كوردستان إلى أربع دول، وحرمان الكورد من التمتع بحقوقهم السياسية والثقافية والأجتماعية، وهذا لعمري واضح وضوح قرص الشمس ولا لُبس فيه.
وفي الجانب الآخر، نرى الغرب قد ارتكب ظلماً كبيراً بحق الشعب الفلسطيني، بحرمان هذا الشعب من جميع حقوقه، لمجرد أن المصلحة الغربية تستدعي ذلك، و ليس لسبب آخر، و القائمة تطول …الخ.
لاشك أن في الرياح الأخرى من العًالم، من إفريقيا إلى أمريكا اللاتينية، يمكننا أن نرى بصمات الغرب في القتل و التهجير وممارسة الهيمنة، وتخريب الخريطة السكانية للسكان الأصليين. وهذا أبشع ما يمكن أن تقوم به قوة غازية لأوطان الغير.
والسؤال الذي يشغل البال هو: إلى متى يستطيع الغرب أن يرتكب كل هذه الأفعال، ويلعب ألألاعيب بالبشرية؟ إلى متى هذا السطو على مقدرات الشعوب المنكوبة؟ إلى متى هذا الأختلال الواضح في كفة التاريخ؟
ظهور الصين كقوة منافِسة حقيقية وعقلانية وناعمة، كان الرد المناسب والمنتظر على كل ما اقترفه الغرب في ال500 سنة الماضية. الصين بقوتها وحصافتها، وبأيمانها الراسخ بالعمل والعطاء، ما تركت فرصة لصالح الأُمم إلا وقد استخدمتها بعقلانية قل نظيرها.
الصين تقدمت بعقول أبنائها و بثورتها، وهي ليست في حاجة إلى تصدير نموذجها السياسي، ولا لاتباع الهيمنة الدولية، تماماً عكس الغرب الذي يتدخل حتى في تفاصيل حياة الناس اليومية.
والصين يا سادة، بإنتاجها السلع الضرورية تسهِّل الحياة على الأرض بأثمان مناسبة ومنافِسة، غيَّرت مجرى التاريخ، وسحبت البساط من تحت أقدام الغرب الذي طالت هيمنته وهذا الغرب وهيمنته إلى زوال حتمي.
الصين كسبت معركة العقول ودخلت حلبة السباق العقلاني من أجل مصير البشرية الأفضل، حتى لا يتفرد الغرب بتحديد مسار التاريخ. وفي هذه المعركة المصيرية، اعتمدت الصين على تقديم الأفضل في جميع المناحي، والتقدم الصيني الذي لايحدوه الحدود، يصب في خانة المصالح العليا للبشرية.
كسبت الصين هذه المعركة، وهي كفيلة بتصحيح مسار التاريخ ومعالجة الآثار السلبية التى أحدثها الغرب في العلاقة بين بني البشر. الصين تنتج جميع احتياجات الناس من “الإبرة” إلى الطائرات العملاقة، و توفِّر جميع الأحتياجات للبشرية دون منَّةٍ أو أذيةٍ، أو هضم حقوق كائناً مَن كان.
بهذا ولهذا، كسبت الصين العقول وفتحت الآفاق أمام أعين الناس، وقالت لهم: أمامكم فرصة واعدة لتصحيح وتصليح كل ما خرَّبَهُ الغرب، والبشرية من الآن فصاعدا متوجهة إلى الشرق.. إلى حيث يوجد معنى عميق للعدالة والكرامة دون الأزدواجية وبعيداً عن المصلحية.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى