فلسطين بين الصمت الدولي والمبادرة الأمريكية: الاعتراف بلا أفعال

أجنادين نيوز / ANN
بقلم: نجيب الكمالي
رئيس دائرة العلاقات العامة بالاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين – أصدقاء وحلفاء الصين، فرع اليمن
غزة – حصار خانق مستمر منذ سنوات، آلاف الأسر محرومة من أبسط مقومات الحياة، والمجتمع الدولي يراقب صامتًا، مكتفيًا بالكلمات الفارغة. نعم، هناك 159 دولة اعترفت بفلسطين، لكن هذا الاعتراف لم يتحول إلى أي دعم حقيقي، ولم يخفف عن الفلسطينيين شيئًا من معاناتهم اليومية. بيانات التنديد وعبارات التضامن لم تُنقذ روحًا واحدة، ولم توقف آلة القتل والانتهاكات، تاركة الشعب الفلسطيني وحيدًا في مواجهة قسوة الاحتلال.
المبادرة الأمريكية التي أعلنها الرئيس ترامب لم تكن استجابة حقيقية لمعاناة غزة، بل خطوة سياسية محسوبة، مرتبطة بإعادة ترتيب النفوذ في المنطقة. صمود الفلسطينيين كان الدافع الأساسي لهذه المبادرة، وليس حرصًا على إنقاذ الأرواح. وفي قراءة روسية وتحليلية دقيقة، أشارت القيادة الروسية إلى أن خطة ترامب لم تكن لتخفيف الحصار أو حماية الفلسطينيين، بل لخدمة مصالح إسرائيلية وأمريكية على الأرض، ما يجعل المبادرة رمزية أكثر من كونها إنسانية. ومن واقع ما حصل، يبدو هذا التقييم منطقيًا: المبادرة لم تُحدث فرقًا ملموسًا على الأرض، ولم تقدم أي حماية لغزة أو ضمان حقوق الفلسطينيين.
غزة اليوم مثال صارخ على خذلان المجتمع الدولي. الحصار يحرم المدنيين من أبسط مقومات الحياة، المساعدات الإنسانية مقطوعة أو محدودة، وحقوق الفلسطينيين اليومية تُنتهك أمام أعين العالم دون أي رد فعل حقيقي. وفي هذا الإطار، تبرز بعض الدول مثل كولومبيا كنموذج نادر للشجاعة السياسية، بقطع علاقتها مع الكيان المحتل، مؤكدة أن اتخاذ القرار الصحيح يحتاج شجاعة فعلية، وليس مجرد بيانات فارغة أو شعارات جوفاء.
الدرس الأساسي واضح: الاعتراف وحده لا يعني شيئًا. الكلمات لا تعوض عن العمل، ولا بيانات التنديد تغني عن خطوات عملية على الأرض. المبادرات المشبوهة، مهما صيغت بحُلة إنسانية، لن تنقذ الفلسطينيين ما لم تُترجم إلى تحركات ملموسة لدعمهم وحماية حياتهم.
اليوم، يسجل التاريخ فشلًا عالميًا مؤلمًا: دول اعترفت بفلسطين لكنها لم تتحمل مسؤولياتها التاريخية. على هذه الدول أن تتحرك فورًا، وأن يقدم كل طرف ما بوسعه سياسيًا وإنسانيًا. فلسطين بين الاعتراف الفارغ وأفعال الدعم الحقيقية، ولا قيمة لأي وعد إذا لم يترجم إلى إنقاذ حياة الفلسطينيين وحماية حقوقهم.
غزة اليوم وغدًا تحتاج إلى ضمير حي يتحرك، وليس كلمات جوفاء. الشعب الفلسطيني يستحق أكثر من الشعارات، ويستحق التزامًا فعليًا من كل الدول التي اعترفت به. الصمت الدولي لم يعد مقبولًا، والوقت قد حان لتوحيد الجهود والعمل على أرض الواقع قبل فوات الأوان.