اجنادين نيوز / ANN

بقلم: نجيب الكمالي، رئيس دائرة العلاقات العامة بالاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين، أصدقاء وحلفاء الصين – فرع اليمن

على مدى عقود من النضال والمقاومة، حققت القضية الفلسطينية إنجازات سياسية هامة على الصعيد الدولي، كان أبرزها اعتراف أكثر من 159 دولة بدولة فلسطين. لكن السؤال يبقى: كيف يمكن تحويل هذا الاعتراف الرمزي إلى خطوات عملية تغير واقع الفلسطينيين على الأرض؟

شهدت القضية الفلسطينية خلال العقود الماضية محطات سياسية مهمة، أبرزها إعلان أكثر من 159 دولة حول العالم اعترافها بدولة فلسطين، في خطوة تمثل دعمًا دبلوماسيًا وسياسيًا جوهريًا للشعب الفلسطيني. هذا الاعتراف لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج نضال طويل للشعب الفلسطيني على مدى عقود من الاحتلال، ويعكس إدراك المجتمع الدولي للحق الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة على أراضيه المحتلة.

إلا أن الاعتراف السياسي وحده، رغم أهميته، يظل رمزيًا إذا لم يقترن بإجراءات عملية تُترجم هذا الدعم إلى واقع ملموس على الأرض. ومن أبرز هذه الإجراءات فتح السفارات الفلسطينية في الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية. فوجود هذه السفارات ليس مجرد إجراء دبلوماسي تقليدي، بل يشكل منصة حيوية لتعزيز الوعي الدولي بحقوق الفلسطينيين، وتسليط الضوء على معاناتهم اليومية، خاصة في قطاع غزة الذي يعيش تحت وطأة الحصار والاحتلال.

كما يمكن للسفارات أن تكون مراكز ثقافية وإعلامية، تنقل إلى العالم الغنى الحضاري للتراث الفلسطيني والفن الإسلامي، وتبرز المكانة الرمزية للقدس الشريف، قلب القضية الفلسطينية ومفتاح الهوية الوطنية. ويجب أن يعكس تصميم هذه السفارات التراث الفلسطيني، مع التركيز على عناصر فنية ومعمارية تقليدية، مما يعزز الشعور بالانتماء والهوية، ويجعل من كل سفارة فلسطينية علامة بارزة للوجود الوطني والثقافي في الخارج.

على الصعيد السياسي والدبلوماسي، يمثل فتح السفارات الفلسطينية تعزيزًا للعلاقات الثنائية مع الدول المعترفة، ويوفر فرصًا لتوسيع دائرة الاعتراف الدولي بفلسطين. كما يمكن أن يكون أداة فعالة للضغط على الدول والمنظمات الدولية لتبني سياسات أكثر عدلاً تجاه القضية الفلسطينية، بما في ذلك دعم حقوق اللاجئين وحق العودة، ووقف الممارسات الاحتلالية، وضمان احترام القانون الدولي.

ولكي تحقق هذه الخطوة أهدافها بشكل كامل، يجب أن تأتي في إطار عمل عربي ودولي مشترك، حيث يكون للدول العربية دور رائد في دعم جهود فلسطين على الساحة الدولية، من خلال الضغط السياسي، وتقديم الدعم المالي والثقافي، وتشجيع الدول غير المعترفة رسميًا بفلسطين على فتح سفارات فلسطينية فيها. هذا التعاون سيضمن إبقاء القضية الفلسطينية حية في وجدان الشعوب، ويعزز دورها كقضية مركزية في الخطاب الدولي، بعيدًا عن أي محاولة لتهميشها.

وفي الختام، إن الاعتراف الدولي بدولة فلسطين يشكل محطة هامة على طريق الحرية والاستقلال، لكنه لا يمثل نهاية المطاف. يجب تحويل هذا الاعتراف إلى أدوات عملية وفعالة، مثل فتح السفارات، وإطلاق برامج ثقافية وإعلامية ودبلوماسية، تعزز وجود فلسطين على المستوى الدولي، وتحافظ على البعد الرمزي والثقافي للقضية، وتضمن أن تظل القدس الشريف رمزًا للعدالة والكرامة وركيزة أساسية للهوية الوطنية الفلسطينية. هذه الجهود المشتركة ستجعل قضية فلسطين أكثر حضورًا في قلب العالم، وتترجم الاعتراف النظري إلى واقع ملموس يعكس التزام المجتمع الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني.

زر الذهاب إلى الأعلى