خناجر الفكر المنحرف

اجنادين نيوز / ANN

سمير السعد

العراق ليس مجرد أرض، بل روحٌ نابضة بالكرامة والتاريخ والبطولة. على ترابه اختلطت دماء الأبطال بعرق الكادحين، فصار صرحاً شامخاً لا تنال منه المؤامرات ولا ينكسر أمام الرياح العاتية. هذا الوطن الذي هزم الطغاة وصمد في وجه أعتى موجات الإرهاب، من الاحتلال إلى داعش، أثبت للعالم أن جذور انتمائه أعمق من أن تقتلعها يد غدرٍ أو فكر ظلامي.
واليوم يطلّ علينا خطرٌ جديد يرتدي عباءة الدين ويدّعي الإصلاح، لكنه في حقيقته خنجرٌ مسموم يهدد أمن البلاد ووحدتها، فكرٌ دخيل يعبث بالعقول ويحاول التسلل إلى النسيج الاجتماعي تحت اسم “المدخلية”. إنها محاولة يائسة لإعادة إنتاج الفوضى وضرب قيم التسامح والاعتدال التي طالما ميّزت العراق، بلد المذاهب المتعايشة والقلوب الرحبة. ومع كل فعلٍ عدواني يتضح أن المعركة مع هذا الفكر المنحرف ليست معركة أجهزة أمنية فحسب، بل معركة وعيٍ وموقف وطني جامع يحمي البيت العراقي من الاختراق.
لقد حذّرت مستشارية الأمن القومي مبكراً من خطورة هذا التيار الدخيل، واتخذت قرارات حاسمة لحماية المجتمع من سمومه التي لا تقل خطورة عن الإرهاب الذي واجهته البلاد في معاركها مع داعش. غير أن الواقع كشف عن وجود قوى حزبية حاولت أن تقف إلى جانبه بدوافع خارجية وأجندات ضيقة، فأصدرت بيانات ودافعت عنه في محاولات لتلميع صورةٍ لا يخفى سوادها على العراقيين. وقد جاءت جريمتهم الأخيرة بحق أحد مشايخ جوامع الوقف السني، والتي أدت إلى استشهاده، لتفضح هذا الفكر ومن يقف وراءه، وتكشف للرأي العام نواياهم العدوانية ومخططاتهم المظلمة.
إن من يساند هذه الفئة الضالة، أيّاً كان انتماؤه، يعيد إلى الأذهان حقبة داعش المظلمة. ومن واجب كل عراقي، فرداً كان أو حزباً وطنياً، أن يقف موقفاً صارماً إلى جانب الجهود الأمنية والوطنية لملاحقة الفكر المتطرف واجتثاثه قبل أن يبث سمومه من جديد في جسد الوطن.
العراق قوي بأهله من الشمال إلى الجنوب، ولن يسمح لتجار الدين والمتطرفين أن يعودوا بوجوه مختلفة أو تحت مسميات جديدة. فلنتحد جميعاً، شعباً وحكومةً وقوى وطنية، لنقطع الطريق على كل فكر يهدد أمن البلاد ووحدتها. وليكن موقفنا اليوم صرخةً واحدة _ لا مكان للفكر المتطرف بيننا، ولن تتكرر مأساة الإرهاب ما دام في العراق رجال ونساء يقفون بوجه الظلام..

زر الذهاب إلى الأعلى