أوزبكستان والصين: شراكة استراتيجية في عصر التحول العالمي

أجنادين نيوز / ANN

إلزات قاسيموف،
نائب وزير الاستثمار والصناعة والتجارة في جمهورية أوزبكستان

في العلاقات الدولية في القرن الحادي والعشرين، هناك تحالفات تتجاوز تأمين المنافع الاقتصادية لتشكل نقاط مرجعية جديدة لمناطق بأكملها. أحد الأمثلة على ذلك هو الشراكة بين أوزبكستان والصين، التي وصلت في السنوات الأخيرة إلى مستوى شراكة استراتيجية شاملة طوال الوقت لعصر جديد.

القادة يرسمون المسار
لعبت الاتصالات المنتظمة على المستوى الرفيع دورًا حاسمًا. في يناير 2024، قام رئيس أوزبكستان شوكت ميرضياييف بزيارة دولة إلى بكين، حيث التقى بالرئيس الصيني شي جين بينغ. تم توقيع أكثر من 40 اتفاقية تغطي الطاقة والصناعة والتعاون الإنساني. وفي صيف 2025، التقى الزعيمان مجددًا في أستانا، مؤكدين على مستوى غير مسبوق من الثقة المتبادلة.
وضعت هذه الزيارات أساسًا لحوار منهجي. تم إطلاق صيغة للمشاورات الاستراتيجية بين وزراء الخارجية، وكثفت التبادلات بين المناطق. على سبيل المثال، استضافت سمرقند في يونيو 2025 المنتدى الإقليمي الثاني بين أوزبكستان والصين، مما يظهر أن التعاون الثنائي يتجاوز العواصم ويترسخ بعمق في المناطق.

الاقتصاد: نمو يُقاس بالمليارات
تحتفظ الصين بمكانتها كأكبر شريك تجاري واقتصادي لأوزبكستان. في عام 2023، تجاوزت التجارة المتبادلة 13 مليار دولار، وارتفعت إلى 14 مليار دولار في 2024. الهدف قصير المدى البالغ 20 مليار دولار يبدو واقعيًا نظرًا لمعدلات النمو الحالية.
تؤكد تدفقات الاستثمار على الطابع الاستراتيجي للتعاون. تجاوزت محفظة المشاريع المشتركة 60 مليار دولار. في عام 2024 وحده، تم استثمار أكثر من 10 مليارات دولار في اقتصاد أوزبكستان، تلاها أكثر من 3 مليارات دولار في الأشهر الأولى من 2025. يعمل الآن ما يقرب من 4000 شركة برأس مال صيني في أوزبكستان، مع إنشاء أكثر من 800 شركة في العام الماضي وحده.
تُعزى هذه الزخم إلى إصلاحات سياسة الاستثمار في أوزبكستان، حيث تم إنشاء 89 منطقة اقتصادية حرة وما يقرب من 700 موقع صناعي تقدم حوافز ضريبية وبنية تحتية حديثة.
تظل الطاقة أحد أهم مجالات التعاون. وضعت أوزبكستان هدفًا طموحًا: بحلول 2030، يجب أن تشكل مصادر الطاقة المتجددة 54% من مزيج الطاقة الوطني. تدعم الشركات الصينية هذا التحول، حيث تم إطلاق محطات طاقة شمسية كبيرة في مناطق قشقداريا وبخارى في ديسمبر 2024، بقيمة 650 مليون دولار، وهي الأكبر من نوعها في المنطقة.
كما يبرز التعاون مع شركة السيارات الصينية العملاقة BYD. في 2024، بدأت أوزبكستان إنتاج السيارات الكهربائية والهجينة، مع خطط لتصل الطاقة الإنتاجية إلى 300,000 وحدة سنويًا، مما يمكن البلاد من أن تصبح مصدرة لحلول النقل المتقدمة.
تشكل اللوجستيات ركيزة استراتيجية أخرى. يعد إطلاق بناء سكة حديد الصين-قيرغيزستان-أوزبكستان في ديسمبر 2024 خطوة بارزة، حيث ستربط أوزبكستان بأسواق شرق وجنوب شرق آسيا، مما يعزز الصادرات ويرسخ دورها كمركز لوجستي إقليمي، بما يتماشى مع مبادرة الحزام والطريق.

الروابط الإنسانية: الاستثمار في رأس المال البشري
يتجاوز التعاون الاقتصاد ليشمل المساعدات التقنية والإنسانية، مثل توفير المعدات الطبية والتعليمية وتبادل الخبرات في الحد من الفقر. في التعليم، تم إطلاق مشاريع مشتركة مثل فرع جامعة الزراعة والغابات الشمالية الغربية الصينية، ومركز الرياضيات الدولي في جامعة أورغينش الحكومية، وبرنامج ورشة لوبان. كما احتفل معهد كونفوشيوس في طشقند بالذكرى العشرين لتأسيسه. في 2026، ستعقد أسابيع ثقافية مشتركة للفنون والثقافة.

المنصات متعددة الأطراف والتعاون الإقليمي
يتم تعزيز الحوار الثنائي من خلال التعاون في إطار الأمم المتحدة ومنظمة شنغهاي للتعاون وصيغة “آسيا الوسطى-الصين”. تدعم الصين انضمام أوزبكستان إلى منظمة التجارة العالمية (تم الانتهاء من المفاوضات في 2025). استضافة سمرقند للمنتدى الإقليمي الثاني في يونيو 2025 عززت التعاون في الزراعة والمنسوجات والسياحة والأعمال الصغيرة.

الخلاصة
تظهر الشراكة بين أوزبكستان والصين أن التعاون الاستراتيجي ليس مجرد إعلان، بل جهد منهجي موجه نحو النتائج. الاستثمارات الضخمة، وممرات النقل الجديدة، ومشاريع الطاقة الخضراء، والمبادرات التعليمية والثقافية تحول العلاقات الثنائية إلى ركيزة للاستقرار الإقليمي. هذه الشراكة أصبحت أحد الأعمدة الأساسية لأوراسيا الجديدة، محددة مسارًا استراتيجيًا يشكل مستقبل آسيا الوسطى ضمن النظام العالمي.

زر الذهاب إلى الأعلى