المقاومة باقية مادام الاحتلال باقياً

أجنادين نيوز / ANN
الدكتورة كريمة الحفناوي عضو الإتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين اصدقاء وحلفاء الصين رئيس فرع جمهورية مصر العربية

ظنت “إسرائيل” فى بداية ردها على معركة طوفان الأقصى التى نفذتها المقاومة الفلسطينية فى السابع من أكتوبر 2023، أنها تستطيع القضاء على حماس، وتحرير الرهائن، بل وطرد المقاومة من فلسطين، وحكم غزة عن طريق إدارة مدنية لاتخضع لحماس ولا للسلطة الفلسطينية.
وبعد 21 شهرا من العدوان الوحشى المستمر (بمساندة الاستخبارات والتمويل والسلاح الأمريكى والدول الاستعمارية الكبرى) وفشل الحكومة الصهيونية فى تحقيق أهدافها، حاولت القفز للأمام لتحقيق بعض الانتصارات لحفظ ماء وجهها بالاعتداء على لبنان وسوريا وإيران.
وعندما لم تنجح فى إسقاط المقاومة، (رغم ضرباتها الوحشية واغتيال قادة المقاومة فى فلسطين ولبنان وإيران)، بدأت وبمباركة ومساندة ومشاركة دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وموافقة ومشاركة أنظمة عدد من الدول الرجعية العربية (التى تتشابك مصالحها الشخصية فى الحفاظ على الاستمرار فى الجلوس على كرسى العرش)، فى تفعيل وتنفيذ خطة خلق “الشرق الأوسط الجديد”، لتكون فية دولة إسرائيل الكبرى هى الدولة الإقليمية المهيمنة.
تكسرت أحلام العدو على صخرة صمود المقاومة الفلسطينية، وصمود الشعب الفلسطينى البطل وأيضا المقاومة اللبنانية، ، والمقاومة اليمنية التى شاركت دفاعا عن فلسطين بمنع السفن الذاهبة إلى العدو الصهيونى والمحملة بالأسلحة والذخائر، لتكبد العدو خسائر اقتصادية كبيرة فى منطقة البحر الأحمر.
واجهت المقاومة الفلسطينية واللبنانية جيش العدو النظامى المدجج بالمال وأساطيل السلاح الأمريكى والجنود الأمريكان والاستخبارات والسلاح الألمانى والفرنسى والبريطانى، ولم تنهزم ولم ولن تركع، رغم ماتنتهجه الحكومة اليمينية المتطرفة الصهيونية، من إبادة جماعية وتجويع للشعب الفلسطينى وتهجيره وقتله بالرصاص أو بسلاح التجويع المحرم دوليا وفق مواد اتفاقيات جنيف الرابعة، ورغم أن هناك 10% من الشعب الفلسطينى( أكثر من 200 ألف) فى قطاع غزة بين شهيد وجريح ومفقود، ورغم الخراب والدمار الذى طال كل مقدرات الحياة فى قطاع غزة، من أجل إجباره على التهجير إلى سيناء المصرية، ورغم الاعتداءات المستمرة على فلسطينى الضفة الغربية لتهجيرهم إلى الأردن.
بالرغم من كل ذلك المقاومة مستمرة بكل بسالة، والشعب الفلسطينى شعب الجبارين صامد فى وجه العدو وتسانده كافة شعوب العالم الحرة التى انكشفت لها حقيقة هذا الكيان المجرم العنصرى المحتل، وانكشفت لها حقيقة أنظمتها العدوانية التى تزعم أنها تدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
يستمر الكيان الصهيونى فى المضى قُدماً فى تنفيذ مخطط تصفية القضية الفلسطينية، وذلك بالقضاء على المقاومة بنزع سلاح الفصائل الفلسطينية، وفى القلب منها نزع سلاح حماس بجانب تصفية المقاومة اللبنانية الوطنية جميعها، وفى القلب منها نزع سلاح حزب الله.
وقد جاء إلى لبنان فى أوائل أغسطس 2025، توماس باراك مبعوث الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بخطة توحيد السلاح بيد الدولة اللبنانية، ونزع سلاح كل الفصائل بما فيها حزب الله، مع الوعد بانسحاب إسرائيل من القرى التى احتلتها، وذلك من خلال جدول زمنى ينتهى مع نهاية هذا العام. هذا فى نفس الوقت الذي يستمر فيه الكيان الصهيونى فى الاعتداءات على دولة لبنان واحتلال خمس مدن فى الجنوب اللبنانى، كما تسعى اسرائيل على السيطرة على جنوب نهر الليطانى.
وبالفعل اجتمعت الحكومة اللبنانية فى السابع من أغسطس، لإقرار ورقة المبعوث الأمريكى وقررت إعداد خطة لحصر السلاح فى يد الدولة قبل نهاية العام، وبالرغم من حق أى دولة فى احتكار حمل السلاح، إلا أن ذلك يتطلب بناء جيش قادر على حماية الدولة، وتمكينها من الدفاع عن أرضها وشعبها، قبل التفكير فى نزع سلاح المقاومة المشروعة ضد المحتل وفقا للاتفاقيات الدولية، فمازال الكيان الصهيونى يحتل قرى فى جنوب لبنان.
هذا بالإضافة إلى أن القرار الذى اتخذته الحكومة اللبنانية، قرار له تداعيات خطيرة على استقرار الدولة بل قد يفضى إلى حرب أهلية، فهناك من يقبل القرار وهناك من يرفضه. لقد انسحب جميع الوزراء الشيعة رافضين القرار، وستعتبر الطائفة الشيعية أن القرار موجه ضدها، كما أن لحزب الله شعبية لبنانية فى بقية الطوائف اللبنانية، وهم يعرفون جيدا دوره فى حماية لبنان من العدو الصهيونى، وأنه هو الذى أخرج الكيان الصهيونى من جنوب لبنان فى 25 مايو عام 2000.
خلال مقابلة مع قناة “i24” العبرية والتى تم نشر تفاصيلها يوم 13 أغسطس 2025، أعلن مجرم الحرب بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان الصهيونى، عن اعتقاده أنه فى مهمة تاريخية وروحية، لافتا إلى أنه يؤيد رؤية “اسرائيل الكبرى” التى تضم جميعا الأراضى الفلسطينية المحتلة وجزءاً من الأردن ولبنان وسوريا ومصر.
ولذا زادت وتيرة الاعتداءات على سوريا وإعلان الكيان الصهيونى باحتلال أجزاء من الأراضى السورية بجانب الجولان المحتلة منذ 1967، وذلك للحفاظ على أمنه، ومن هذه الأراضى التى يريد الاحتفاظ بها جبل الشيخ والقنيطرة وأجزاء من السويداء، ويساعد على ذلك وجود نظام دينى متطرف فى سوريا ومهادن للكيان الصهيونى، ولا يمانع من التطبيع مع الكيان والعيش معه فى سلام!، هذا بجانب العدوان المجرم على دولة إيران وانتهاك سيادتها.
وأعلنت الحكومة الصهيونية اليمينية المتطرفة عن بدء خطة احتلال قطاع غزة وذلك تم أولا بتهجير 2 مليون فلسطينى يعيشون فى القطاع إلى جنوب القطاع فى مساحة 90 كيلومتر مربع وهى تبلغ ربع مساحة غزة، ثم ثانيا السيطرة على مدينة غزة، وذلك بتهجير سكانها الذين يبلغون 800 ألف فلسطينى إلى جنوب محور موراج بالقرب من الحدود المصرية، فى مساحة 42 كيلو متر مربع!! وثالثا يتم تهجير الفلسطينيين “طوعياً” إلى دول (أرض الصومال، وجنوب السودان، وأوغندا، وليبيا، وإندونيسيا).
صرح وزير مالية الكيان الصهيونى العنصرى المتشدد بتسلئيل سموتريتش فى مؤتمر صحفى 14 أغسطس 2025، بأن الحكومة الإسرائيلية ستواصل بناء 3412 وحدة استيطانية غرب مستوطنة معاليه أدوميم، مما يجعلها تتصل بالقدس غربا، ويشكِّل خطاً يفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، مع إنشاء شبكة طرق تصل المستوطنات وسكان القدس اليهود الذين يصل عددهم إلى 900 ألف يهودى، مما يساهم فى تفتيت الضفة العربية إلى كانتونات منفصلة ويقضى تماما على حلم الدولة الفلسطينية، وأضاف سموتريتش بالحرف الواحد ردا على من يطالبون بدولة فلسطينية “سنواصل البناء لندفن فكرة الدولة الفلسطينية”.
إن تصريحات وزير مالية الكيان الصهيونى، تعنى ضم الضفة الغربية وتهويد القدس وعزلها عن محيطها الفلسطينى والعربى، وطمس هويتها الحضارية، وتوسيع الاستيطان ومصادرة الأراضى وتحويل ما تبقى من الأرض إلى مناطق معزولة محاصرة.
يمضى الاستعمار الأمريكى الصهيونى قُدماً بمشاركة الأنظمة الرجعية العربية فى عدد من بلداننا العربية فى تنفيذ مخطط القضاء على المقاومة، وتصفية القضية الفلسطينية، والتطبيع مع العدو الصهيونى وخلق الشرق الأوسط الجديد الذى تقودة “دولة إسرائيل الكبرى” وتسيطر عليه وتنهب ثرواته الدول الاستعمارية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية.
إننا أمام صراع وجود فإما أن تستيقظ الأمة العربية للوقوف ضد محو هويتها وتفتيتها وإضعافها والسيطرة عليها، وللدفاع عن وجودها، وإما خروج تلك الأمة من التاريخ والجغرافيا.
إن اكتفاء معظم الأنظمة العربية التابعة للسياسات الأمريكية الصهيونية بالصمت إزاء مايحدث، أو الاكتفاء بالإدانة والشجب (ذراً للرماد فى العيون)، يعنى تواطؤ هؤلاء الحكام الذى يشجع على تنفيذ المخطط.
إن الأمل فى انتفاضة الشعوب العربية وشعوب العالم الحرة الأبية للضغط على حكامها وحكوماتها من أجل:
أولا- وقف العدوان الصهيونى فوراً وإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى.
ثانيا- فرض عقوبات على الكيان الصهيونى ووقف تصدير السلاح له.
ثالثا- استمرار الشعوب فى المقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيونى والدول التى تساعده وتسانده.
رابعا- تفعيل آليات محاكمة مجرمى الحرب من الصهاينة، ومن يشاركونهم، أمام المحكمة الجنائية الدولية، على ما ارتكبوه من جرائم حرب، وجرائم ضد الأنسانية بحق الشعب الفلسطينى.
إننا كشعوب نرفض نزع سلاح المقاومة مادام بقى شبر واحد من أراضينا العربية محتلا ونؤكد على رفضنا للتطبيع مع العدو الصهيونى ونطالب بقطع جميع العلاقات مع هذا العدو، كما نطالب بإقامة الدولة الفلسطينية على كامل أراضيها التاريخية، وعودة اللاجئين إلى ديارهم.
كما نطالب بإلغاء الاتفاقيات التى تم إبرامها مع العدو الصهيونى (كامب ديفيد ووادى عربة وأسلو)، تلك الاتفاقيات التى نقضها العدو أكثر من مرة ولم ينفذ حرفا واحداً منها.
إن المقاومة بجميع أشكالها السياسية والمسلحة هى طريقنا للدفاع عن أرضنا ومقدساتنا.
المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى، والنصر للمقاومة والبقاء للشعوب والزوال للاحتلال، والخزى والعار للمتواطئين والمشاركين فى إبادة الشعب الفلسطينى

زر الذهاب إلى الأعلى