السعودية بين صفقة ترامب المرتقبة وموقفها الثابت من غزة: دعم واقعي لا تطبيع مشروط

اجنادين نيوز / ANN
بقلم المهندس/ غسان جابر (القيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)
مع اقتراب موعد زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية، تتجه الأنظار مجددًا إلى الدور المحوري الذي تلعبه الرياض في رسم ملامح المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل التسريبات المتزايدة حول “صفقة تسليح كبرى” قد تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، وتقارير تتحدث عن إعادة إحياء اتفاقات التطبيع مع إسرائيل في إطار ما يُوصف بـ”صفقة القرن الجديدة”.
في المقابل، كان الموقف السعودي أكثر وضوحًا وثباتًا من أي وقت مضى. فقد أكدت المملكة، عبر وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان، أن لا تطبيع دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. بل وأطلقت، في سبتمبر 2024، مبادرة رائدة تحت عنوان “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين”، جمعت دولاً عربية وإسلامية وأوروبية، مستثنية الولايات المتحدة، كرسالة دبلوماسية قوية بأن السلام الحقيقي يبدأ من فلسطين.
هذا الموقف الراسخ ليس مجرد تصريح سياسي، بل هو تعبير عن رؤية استراتيجية ترى أن أمن المنطقة واستقرارها لن يتحققا إلا بإنهاء الاحتلال، ووقف العدوان على الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة الذي ما زال يرزح تحت القصف والمعاناة منذ حرب 7 أكتوبر 2023.
في هذا السياق، فإن أي صفقة تسليح أو تعاون دفاعي أو نووي مع الولايات المتحدة، مهما بلغت قيمتها، يجب ألا تكون على حساب الثوابت الفلسطينية. فالشعب الفلسطيني يرى في المملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، السند الحقيقي في الدفاع عن الحقوق المشروعة، والداعم الواقعي للقضية، بعيداً عن الشعارات أو الضغوط الدولية.
إن ما يجري في غزة اليوم، من مجازر ودمار وتهجير قسري، يجعل من أي حديث عن تطبيع مع دولة الاحتلال ضرباً من التهوين من حجم المأساة، بل تشريعاً لمعاناة الفلسطينيين. ومن هنا، فإن أي خطوة سياسية أو عسكرية ترتبط بتلك الملفات يجب أن تُربط بشكل صريح وواضح بتنفيذ حل الدولتين وإنهاء الاحتلال ورفع الحصار.
ولذلك، فإننا نناشد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وهو الذي عبّر في أكثر من موقف عن دعمه لحقوق الفلسطينيين، أن يواصل هذا الموقف المشرّف، وألا يسمح بتجاوز المطلب الفلسطيني المركزي. فغزة اليوم لا تحتاج مجرد تضامن، بل مواقف حقيقية من حلفائها وأشقائها، وعلى رأسهم المملكة.
لقد أثبتت المملكة أنها قادرة على رسم معادلات جديدة في السياسة الدولية، وهي اليوم أمام لحظة تاريخية لتكريس مكانتها كقائدة لضمير الأمة، وضامنة لعدالة قضيتنا، في مواجهة مشاريع الهيمنة وصفقات التجاهل.
فلا سلام بلا عدل، ولا تطبيع بلا دولة فلسطينية مستقلة، ولا أمن في المنطقة دون كسر الحصار عن غزة ووقف المجازر بحق شعبها.