
عن النعمان والواقع والبديل
باسم فضل الشعبي
رئيس الفرع اليمني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتاب حلفاء وأصدقاء الصين
نائب وزير الخارجية.اليمني مصطفى النعمان، هو منذ ترك عمله الدبلوماسي كسفير قبل سنوات، تحول إلى كاتب ومحلل سياسي في الإعلام الخارجي، وللأمانة تعجبني بعض كتاباته وتحليلاته، غير أني أختلف معه في بعض الأحيان. عمومًا حواره الأخير الذي أثار الجدل، لم يكن بحوار المسؤول ونائب الوزير للخارجية اليمنية، وإنما تحدث كمحلل سياسي أراد أن يبدو مستقلًا محايدًا مرة، ومرة أخرى ظهر منحازًا، في ظرف حساس ومعقد.
وبالمناسبة، فإن النعمان سلك في حديثه سلوك معظم قيادات الشرعية، وهم يتحدثون عن الحوثي والمعركة معه، إذ يكاد الأغلب يظهرون في مواقفهم وأحاديثهم عديمي المسؤولية، غير مدركين قيمة مناصب الدولة اليمنية التي يمثلونها، والتي يضحي شبابنا وأبطالنا منذ عشر سنوات في الجبهات، من أجل استعادتها، بينما قيادات الشرعية يتعاملون مع المسألة كأنها لعبة تسلية، أو مهرجان للتربح والتكسب، وإطالة أمد العيش في الفنادق وعواصم الدول، للشحت باسم بلد مريض وممزق وشعب منكوب.
في حديث النعمان عن البديل، أولًا أقول إن الحوثي ليس خيارًا مثاليًا لإدارة أو قيادة دولة، لقد فشل الحوثي ودمر البلاد والعباد، وبالأمس ما تبقى من مقدرات اليمنيين من منشآت وبنية تحتية، بسبب المغامرات الطائشة غير المحسوبة.. لكن في الواقع أتفق أيضًا مع المحلل النعمان بأن الشرعية بصيغتها ووضعها الحالي ليست بديلًا حقيقيًا لاستعادة الدولة وإدارتها. الشرعية التي عجزت عن توفير كهرباء لعدن لمدة ربع يوم، وعجزت عن توحيد الجيش، ودفع المرتبات، وصناعة خطاب وقائد واحد، وعجزت عن البقاء في العاصمة عدن لإدارة شؤون الناس، هي ليست عاجزة فقط، بل غير مؤهلة لإدارة المناطق المحررة، فما بالك باليمن كله.
نحن لا نوفر مبررًا لبقاء الحوثي، بالعكس منذ بدأت الضربات الأمريكية قبل شهرين، تواصلنا مع عدد كبير من قيادات الشرعية، وقلنا لهم حانت الفرصة الآن للخلاص من الحوثي من خلال المعركة البرية.. لكنهم لم يتفاعلوا، ولم ينظروا للموضوع بمسؤولية، كانوا كما يبدو في انتظار توجيهات طرف آخر، هذا الطرف غلب مخاوفه ومصالحه على مصلحة اليمنيين وبلدهم، مثل كل مرة، وفي كل مرحلة، فأفسد المعركة البرية، التي على الأقل كانت ستخلق توازنًا على الأرض، ستصل بنا فيما بعد إلى نتيجة ما، إما عبر طاولة حوار وتسوية عادلة، أو انتصار عسكري ومكاسب.
والسؤال الآن : هل يمكن لسلطة رهنت قرارها السياسي والخارجي بيد دول خارجية، أن تكون مؤهلة لإدارة اليمن، أو على الأقل تكون بديلًا أفضل لواقع سيئ في الشمال، وهي نفسها مسؤولة عن واقع كارثي في الجنوب والمناطق المحررة؟
كنت سأتفق مع الأخ النعمان لو أنه قال إن الشرعية والحوثي كلًا منهما خيار كارثي ليمن جديد، ونبدأ معًا نضالًا لتصحيح مسار الشرعية وإصلاحها، أو لخلق البديل الوطني الجديد والأفضل من خلال العمل على دعم التجارب الموجودة حاليًا في عدن وغيرها، وتطويرها، لإيجاد كتلة أو تيار أو حامل سياسي وطني وقيادة وطنية محترمة جديدة، لكن أن يقول إن البديل عن الحوثي هو القاعدة وداعش، فهذا أمر خطير لا يقوله مسؤول حكومي في أهم وزارة حكومية تمثل اليمنيين أمام العالم.
عمومًا، الأمر ليس تجنيًا على النعمان أو غيره، ولكن من المهم نقد الواقع الذي أفرز كل هذه الأخطاء والهفوات التي كلفت اليمن الكثير من الأثمان، وسوف تعمق المشكلة أكثر إن ظلت هذه النخب تعتقد أنها جديرة بتمثيل اليمن وقيادته، في ظل شعب بحاجة إلى أن يصحو مجددًا، ويأخذ زمام المبادرة.